ابعد أن اندلعت شرارتها إثر اعتقال قسد متزعم «المجلس» التابع لها المدعو أحمد الخبيل الملقب «أبو خولة»، ما دفع العشائر لإعلان النفير لعام والبدء بإخراج «قسد» من ريف دير الزور لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة لليوم السابع على التوالي في أرياف دير الزور الشرقية والشمالية بين مسلحي ما يسمى «مجلس دير الزور العسكري» وأبناء بعض العشائر العربية من جهة وميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» من جهة ثانية.
الاشتباكات الدائرة في أرياف دير الزور أسفرت عن سيطرة متبادلة بين طرفي القتال، وحسب ما نقلت الوطن عن مصادر ميدانية فقد سيطرت قوات العشائر على بلدات هجين والسوسة وذيبان ومساحة كبيرة من الصبحة والشحيل والتي يشهد محيطها اشتباكات عنيفة ، مع الإشارة إلى أن العشائر تسعى للسيطرة على بلدة البصيرة وتلتها ذات الأهمية الجغرافية، وهو ما دفع بقوات «قسد» للسيطرة على الطرق المؤدية للبلدة ونشر القناصين داخلها.
بالمقابل وأمام التحركات المتواصلة لقوات العشائر في ريف دير الزور الشرقي قامت «قسد» بمحاصرة عدد من القرى والبلدات بريف دير الزور الشمالي ومنها بلدة صور الغربية والربيضة التي تشكل معاقل لما يسمى «مجلس دير الزور العسكري».
وأمام إصرار قوات العشائر على القتال ورجحان الكفة لمصلحتها، كشفت مصادر «الوطن» عن طلب «قسد» للاجتماع مع شيخ قبيلة العكيدات الذي رفض وطالب بالاجتماع مع ما تسمى «قوات التحالف» والتي لا تزال تلتزم الحياد الميداني حتى الآن.
ورغم تأكيد العشائر العربية على مواصلة قتال «قسد» وسقوط عشرات الضحايا حتى الآن وقيام الميليشيات بارتكاب جرائم بحق المدنيين، غير أن قادة الأخيرة أصروا على عدم وجود أي خلاف مع هذه العشائر وصدر بيان عن قيادة هذه الميليشيات تعتبر فيه أن أي حديث عن مثل هذه الخلافات هدفه بث الفتنة!
وشددت في بيان لها على أن الاشتباكات الجارية هي مع مسلحين موالين لتركيا وعناصر تابعة لجهات أمنية للحكومة السورية على حد زعمها، وقالت: «على عكس ما يقال ليس هناك أي خلاف بين قسد وعشائر المنطقة ونحن على تواصل دائم معهم».
وأضافت إن «عملية تعزيز الأمن تمت بناء على طلب أبناء دير الزور وشيوخ ووجهاء العشائر وهم مطلعون على مجرياتها»!
على الضفة المقابلة واصل ما يسمى «التحالف الدولي» المزعوم بقيادة أميركا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي صمته الميداني والسياسي الذي خرقه بيان للسفارة الأميركية في سورية عبر منصة «X» قالت فيه إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في دير الزور داعية جميع الأطراف إلى وقف التصعيد.
بدورها اكتفت القيادة الوسطى للجيش الأميركي بالقول إنها تراقب عن كثب ما يجري وتؤكد التعاون مع «قسد» لضمان هزيمة دائمة لداعش.
بالتوازي سجلت الساعات الماضية تحركاً من قبل فصائل مدعومة من قبل أنقرة حيث تسللت مجموعات تابعة لها لعدد من قرى ريف منبج، في محاولة لاستغلال ما يجري وإحداث تغييرات في خريطة السيطرة بالمنطقة، الأمر الذي دفع الطيران الروسي للتدخل ومنع المتسللين، وسط تسريبات عن قيام الجيش العربي السوري بالدفع بمزيد من التعزيزات لمحيط منبج.
بدوره شيخ عشيرة قبيلة البكارة نواف البشير وصف الوضع الميداني القائم بأنه ممتاز جداً، مشيراً إلى أنه وبشكل يومي يتم إرسال تعزيزات من قبل «قسد» قادمة من جبال قنديل وسنجار في العراق، وهناك أرتال تأتي من الحسكة باتجاه دير الزور وهذه الأرتال تصل ليلاً، مشيراً إلى أن التعزيزات الأخيرة لـ«قسد» ساهمت بإبطاء تقدم قوات العشائر وجعل القتال صعباً وقوياً جداً، وأضاف: «لكن يومياً قوات العشائر تتقدم ويجري السيطرة على بلدات وقرى كانت تحتلها قسد، كما أن هناك المئات من المنشقين من أبناء العشائر عن قوات «قسد» ما أضعف قدراتها القتالية».
وتابع البشير: «من المستحيل أن يكون هناك تهدئة لأن أي تهدئة لن تكون لمصلحة العشائر، وإنما لمصلحة «قسد» الساعية لتقوية وضعها على الأرض، فالمعركة مستمرة حتى تحرير ريف دير الزور، كما أن الأمر تجاوز شيوخ العشائر بكثير، لأن ما يجري هو موضوع مصير وطن، وأبناء المنطقة لن يسمحوا للوافدين من جبال قنديل بالسيطرة على الأراضي السورية ولن يتم القبول بأي تهدئة أو مفاوضات إلا لمصلحة العشائر، أي أن تكون المفاوضات قائمة على انسحاب «قسد» من كامل ريف دير الزور.
وبخصوص الاشتباكات القائمة في ريف منبج، بيّن البشير أن منبج أيضاً هي أراض سورية ويجب تحريرها من يد «قسد»، لكن لا يجب أن تقع بيد من يسمون أنفسهم بالمعارضة وهم أدوات تركيا، وبهذه الحالة ستنتقل منبج من احتلال إلى احتلال آخر، وهذا لن يتم قبوله، وقال: «أدوات تركيا رأت أن قسد أصابها ضعف نتيجة تركيز قواتها في ريف دير الزور فاعتبرت أن ما يجري هو فرصة لأخذ مناطق جديدة والتقدم باتجاه منبج ضمن مشروع تركيا التوسعي في المنطقة».
وشدد البشير على أن الأيام القادمة ستحمل مزيداً من التقدم لقوات العشائر ورغم الحشود التي تحشدها «قسد» يومياً ستحسم الأمور لمصلحة العشائر، لكن هذا الأمر قد يستغرق بعض الوقت، والعشائر لن تتوقف عن القتال حتى تحرير كامل المنطقة.
وبخصوص الموقف الأميركي مما يجري قال البشير: «أميركا تراقب وسوف تضع يدها مع المنتصر، وهي دائماً تعمل لمصالحها وليس لمصلحة الشعب السوري بالتأكيد، وهي دائماً لديها مشاريع وأجندات لكن بعد الذي جرى لا أحد يرتاح لما تقوم به في المنطقة، فهي التي مكنت أكراد جبال قنديل من احتلال مناطق دير الزور والرقة، وهي التي تسيطر على النفط والغاز والثروات السورية، فلا أحد يثق بالمشروع الأميركي وهي تطرح مشاريع وخططاً على الدوام وجميعها سقطت وما تخطط له بما يسمى «الحزام العشائري»، سيسقط بكل تأكيد.
من جهته أكد رئيس مركز المصالحة السوري – الروسي عبد اللـه شلاش في تصريح مماثل لـ«الوطن» أن الأمور خرجت عن سيطرة «قسد» وقرار العشائر محسوم بإخراج هذه الميليشيات من كامل ريف دير الزور.
ولفت شلاش إلى الصمت الأميركي القائم وما يجري ترويجه من مشاريع بالمنطقة، ولاسيما مشروع «الحزام العشائري»، مشدداً على أنه أمر مرفوض بالمطلق من قبل أبناء المنطقة، والعشائر قالت كلمتها وهي مصرة على طرد «قسد» من المنطقة واستعادة كامل ريف دير الزور.
Discussion about this post