العالم الاقتصادي: سامر طلاس
ستصبح تقنية احتجاز الكربون وتخزينه على ما يبدو في متناول السواد الأعظم من الشركات الصناعية عما قريب، بفضل ثمار جهود علمية من شأنها أن تجعل أهداف الحياد الكربوني قريبة المنال.
وفي هذا السياق، نجح علماء من مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية في إتاحة تقنية احتجاز الكربون على نطاق واسع وبأسعار ميسورة، وفق ما نشره موقع أوبن أكسيس جافرنمنت (Open Access Government).
وتُعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه عملية أساسية في الجهود العالمية التي تستهدف الوصول إلى الحياد الكربوني.
ومع ذلك ظلّت التقنية الحالية ولمدة طويلة تعاني بعض القيود التي تحد من نطاق استعمالها، وفي مقدمتها ارتفاع التكلفة.
وذكر العلماء في مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني أنهم قد استحدثوا نظامًا جديدًا من شأنه أن يحتجز غاز ثاني أكسيد الكربون بفاعلية، وبأرخص تكلفة على الإطلاق يُكشف عنها في هذا المجال حتى الآن.
وأضاف العلماء أن التقنية الجديدة لا تكتفي بتقديم تلك الميزات، وإنما لديها القدرة -أيضًا- على تحويل الكربون إلى غاز الميثان، إحدى أكثر المواد الكيماوية المستعملة على نطاق واسع في العالم.
الحوافز ضرورية
أصبحت التداعيات الضارة جدًا لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المستمرة في الغلاف الجوي لكوكب الأرض خطرًا واضحًا يهدد البشر حول العالم.
وتُعد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه عاملًا حاسمًا في المعركة ضد التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
وفي ضوء هذا السيناريو، قال الباحثون إن تشجيع الدول حول العالم على المشاركة في جهود احتجاز الكربون وتخزينه سيحتاج إلى تقديم الحوافز نتيجة الكُلفة المرتفعة لتلك التقنية.
وهنا تبرز أهمية إنتاج غاز الميثان في عملية احتجاز الكربون وتخزينه.
ويوضح التصميم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أرقامًا ومعلومات مهمة في عملية إزالة الكربون من الغلاف الجوي:
قوة حوافز الميثان
قال العلماء إن تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مواد مُفيدة مثل الميثان قد تكون وسيلة رائعة لتحفيز الشركات الصناعية على احتجاز الانبعاثات الكربونية الصادرة عن أنشطتها.
ويمكن استعمال الميثان وقودًا، وأيضًا مادة مذيبة، بالإضافة إلى إمكان استعماله مكونًا أساسيًا في تصنيع البلاستيك، ومواد الدهان، ومواد البناء، وقطع غيار السيارات.
وفي هذا السياق اكتشف فريق العلماء -بقيادة عالم الكيمياء ديفيد هيلدبرانت-، أنه “عند إطلاق ثاني أكسيد الكربون المحتجز، عبر تقنية إعادة الإنتاج الحراري لمذيب الكربون عند ضغط منخفض، يمكن ضغط غاز ثاني أكسيد الكربون، أو تخزينه تحت الأرض أو استعماله مصدرًا أحادي الكربون”.
وأشار العلماء إلى أن هذا المصدر أحادي الكربون من الممكن استعماله لإنتاج الوقود والمواد الكيماوية ذات القيمة المضافة، مثل حمض الفورميك والميثانول والميثان والإيثانول والبولي كربونات وغيرها.
تعاون ميتسوبيشي ونيبون وإكسون موبيل
برزت في الآونة الأخيرة جهود مشتركة من قبل الشركات في مجال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، كان من أحدثها تعاون شركات “ميتسوبيشي هيفي إنداستريز” و”نيبون للصلب” اليابانيتين و”إكسون موبيل” الأميركية في تنفيذ مشروع احتجاز الكربون وتخزينه، في خطوة نوعية تعوّل عليها كبرى شركات التصنيع في نجاح خططها ذات الصلة بالحياد الكربوني.
واتفقت “ميتسوبيشي هيفي إنداستريز”، مع مواطنتها “نيبون للصلب” و”إكسون موبيل” للنفط والغاز، لدراسة مسألة إقامة مشروع احتجاز الكربون وتخزينه، حسبما ذكرت وكالة رويترز نقلًا عن متحدث رسمي.
ووقّعت الشركات الـ3 مذكرة تفاهم، الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني (2023)، للبدء في إجراء مباحثات بشأن بناء سلاسل القيمة للإشراف على عمليات احتجاز الكربون وتخزينه تحت الأرض، الذي تُطلقه شركات الصلب اليابانية، حسب تصريحات متحدث رسمي، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتدرس “نيبون للصلب” احتجاز انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من مصانع الصلب المحلية التابعة لها، وتخزينها تحت الأرض في منشآت تابعة لشركة “إكسون موبيل” في بلدن، مثل أستراليا وماليزيا وإندونيسيا، حسبما أوردت صحيفة “نيكي” اليابانية اليومية أمس الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني (2023).
يأتي هذا فيما ستضطلع “ميتسوبيشي هيفي إنداستريز” بمسؤولية النقل، مثل شحن غاز ثاني أكسيد الكربون المسال إلى حقول الغاز الخاوية، ومواقع التخزين الأخرى عبر استعمال سفن متخصصة، وفق ما نشرته “نيكي”.
ويُعد تقليص مستويات الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عملية صناعة الصلب -التي تمثّل ما يتراوح من نحو 7% إلى 9%، من إجمالي الانبعاثات العالمية من غاز ثاني أكسيد الكربون- محورًا أساسيًا في الجهود الرامية لمكافحة التغيرات المناخية.
Discussion about this post