مع اقتراب انعقاد قمة الناتو في فيلنيوس، يصرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتباه الغرب عن الحرب في أوكر. انيا من خلال افتعال أزمة بشأن قبول السويد في التحالف.
وبحسب صحيفة “The Telegraph” البريطانية، “هذه القضية بدأت بالفعل في شل الأمن الأوروبي، تاركة ستوكهولم عرضة للخطر وبين أيدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. يمكن للجميع، بمن فيهم المسؤولون في أنقرة، رؤية أن السويد تفي بمعايير الانضمام إلى الناتو.
لكن المشكلة تكمن في أن أردوغان، الذي شجعه فوزه الثالث غير المسبوق في الانتخابات، عازم أكثر من أي وقت مضى على اتباع سياسات لا تتحدى الغرب فحسب، بل تتحدى المبادئ والحقوق التي يتواجد التحالف للدفاع عنها.
ويطالب أردوغان السويد بتسليم المعارضين له قبل أن تتمكن من الانضمام. يمكننا مناقشة إيجابيات وسلبيات سياسة اللجوء السويدية للأكراد، ولكن هل يستطيع أي من دعاة سيادة القانون الموافقة على السماح لحكومة أجنبية بتحديد من يجب طرده من أراضيها؟”
وتابعت الصحيفة، “دعونا نتذكر كيف طالبت فرنسا، بعد محاولة اغتيال نابليون الثالث عام 1858 من قبل لاجئ سابق في بريطانيا، بتسليم المنشقين الآخرين ضد نظامه.
تلا ذلك ضجة في البرلمان وفي الصحافة حول السماح لمسؤول أجنبي بتحديد من يمكنه الإقامة في هذا البلد، حتى لو كان حليفًا ضد روسيا في حرب القرم.
ورأى بعض المحللين أن حكومة أردوغان بعد الانتخابات نذير إيجابي، والمعنى الضمني لهذا أنه قد يبدأ في الانسجام مع الغرب بشأن قضايا مثل حرب بوتين أو مصير سوريا”.
وأضافت الصحيفة، “وضع أردوغان نصب عينيه استخدام الموقع الاستراتيجي لتركيا في مواجهة روسيا وإيران للتلاعب بالدفاع عن أوروبا، معتبرًا أن الولايات المتحدة وأعضاء الناتو الأساسيين حريصون جدًا على قبول السويد في التحالف بحيث يوافقون مرغمين على مطالبه في نهاية المطاف.
أما بالنسبة للغرب، ليست هناك حاجة لجعل أردوغان شهيدًا في نظر الجمهور التركي، أو الأسوأ من ذلك، جعلهم يشعرون بأن بلادهم قد تعرضت للازدراء.
لكن سيكون من الخطأ الفادح الانصياع لمطالب الحكومة التركية بالتنازل عن كنز دفين من أنظمة الأسلحة المتطورة أو المنشقين. يمكن القول إن الولايات المتحدة قد تنازلت بالفعل عن الكثير، مثل تسليم طائرات F-16 المقاتلة”.
وبحسب الصحيفة، “إن تبرير أردوغان لتقويض الناتو هو أنه يضع مصلحة تركيا الوطنية في المقام الأول، وربما يؤمن بذلك بصدق، إلا أنه لم يتم تأسيس الناتو لخدمة تركيا وحدها.
إذا كانت الدول الحليفة الأخرى (بما في ذلك المجر بشأن هذه القضية) تعتقد أن قبول السويد هو في مصلحتها الوطنية وأن تركيا تصر على رفضها، فيجب الترحيب بالصراع.
وفي حين لا يوجد لدى الناتو إجراءات لطرد الأعضاء، يمكن للدول الثلاثين الأخرى تجاوز تركيا تحديداً بشأن هذه المسألة.
على سبيل المثال، حتى لو لم يكن من الممكن قبول السويد رسميًا الشهر المقبل، فلا ينبغي أن يكون الأمر خارج نطاق استراتيجيي وخبراء التحالف لوضع آليات للتعاون مع السويد تمنحها معظم أو كل مزايا العضوية.
بعد كل شيء، على مدى عقود، انخرطت السويد “المحايدة” في تعاون فعلي مع الدول الأوروبية”.
وختمت الصحيفة، “بالطبع، يعود اختيار تركيا للرئيس إلى شعبها، ولكن عندما تقوض سياسات أردوغان أمن الغرب وتعزز مصالح بوتين، يجب على الغرب أن يرد بقوة واستراتيجية، والتوقف عن وصف أنقرة بأنها حليف حيوي”.
لبنان 24
Discussion about this post