اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
أثار تصريح وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، حول وجود فائض “مريح” في ميزانية الدولة، موجة من التساؤلات والجدل، خاصة أن البلاد لا تزال تلملم جراح حرب امتدت لأكثر من عقد، وتواجه تحديات اقتصادية ضخمة تتطلب إنفاقاً هائلاً.
في لقاء تلفزيوني، أكد الوزير أن الحكومة تمكنت من زيادة الرواتب وتوفير الخدمات الأساسية دون اللجوء إلى الاقتراض أو الدعم الخارجي، مشيراً إلى أن الفائض تحقق بفضل مكافحة الفساد والإدارة الرشيدة. لكنه عاد ليحذر من احتمال ظهور عجز بسيط في الأشهر المقبلة نتيجة التوسع المخطط في الإنفاق، مؤكداً أن هذا العجز سيكون قابلاً للإدارة دون المساس بالاستقرار المالي.
فائض نسبي… لا يكفي للإعمار
الخبير الاقتصادي إياد الجعفري وصف هذا الفائض بأنه “نسبي”، ناتج عن تحسن الإيرادات الضريبية بفعل حركة الاستيراد النشطة مؤخراً، مقارنةً بفترة التقشف السابقة. لكنه شدد على أن هذا الفائض لا يعني قدرة الدولة على تمويل مشاريع الإعمار الكبرى، بل هو تحسن محدود مقارنة بموازنة 2025 التي وُضعت في عهد النظام السابق.
الجعفري أشار إلى أن استمرار الفائض في موازنة 2026 سيكون مرهوناً بتحول حقيقي في مصادر الدخل، خصوصاً عبر تنشيط الإنتاج المحلي، وليس فقط عبر الضرائب على الاستيراد.
ضبط النفقات العسكرية… وتحسن الإيرادات
من جانبه، يرى الأكاديمي فراس شعبو أن توقف الإنفاق العسكري والأمني، إلى جانب مكافحة الفساد، ساهم في تقليل النفقات الحكومية. وأضاف أن الإيرادات الجمركية والصناعية شهدت تحسناً ملحوظاً، بعد أن توقفت عمليات النهب التي كانت تذهب إلى جيوب المتنفذين، لتعود إلى خزينة الدولة.
شعبو اعتبر أن تحقيق فائض في ظل النظام الجديد أمر طبيعي، لأن غيابه كان يعني أن النظام السابق كان يُدير البلاد دون فساد، وهو ما يناقض الواقع.
دعاية إعلامية أم واقع اقتصادي؟
لكن الخبير رضوان الدبس شكك في دقة تصريحات الوزير، واعتبرها جزءاً من حملة دعائية. وأشار إلى أن الوزير تجاهل ذكر المساعدات الخارجية، مثل المنح القطرية، التي ساهمت في دعم الميزانية. وأضاف أن من غير المنطقي اقتصادياً أن تحقق دولة خارجة من حرب طويلة فائضاً مالياً بهذه السرعة، دون دعم خارجي أو طفرة إنتاجية حقيقية.
بين الواقع والطموح
الفائض المالي الذي تتحدث عنه الحكومة السورية قد يكون مؤشراً على تحسن نسبي في إدارة الموارد، لكنه لا يعكس بالضرورة قدرة الدولة على تجاوز التحديات الاقتصادية الكبرى. فالإعمار، والاستقرار المالي، وتحقيق التنمية المستدامة، تحتاج إلى أكثر من مجرد فائض مؤقت… تحتاج إلى تحول جذري في بنية الاقتصاد السوري.
عربي21












Discussion about this post