اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نشر موقع “الجزيرة نت” تقريراً تحت عنوان “كيف حولت إسرائيل “المزة” إلى أكثر أحياء دمشق خطورة؟”، وجاء فيه:
وجاءت سوريا في المراتب الأولى بين البلدان الأكثر خطورة في العالم لعام 2024، وفق مؤشر منظمة إدارة المخاطر الصحية والأمنية الدولية، ومع ذلك تمتعت بعض أحياء العاصمة دمشق -خاصة الراقية وسط المدينة وغربها- بالأمان النسبي نظرا لحيويتها وحساسيتها الأمنية، ولأن من بين سكانها أجانب، وأعضاء بعثات دبلوماسية، ومسؤولين حكوميين، وشخصيات نافذة بالبلاد.
وعُرف حي المزة غرب العاصمة، كأحد أكثر أحيائها أمناً واستقراراً، قبل أن تصبح بعض مواقعه في مقدمة بنك الأهداف الإسرائيلية في سوريا منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وكثفت إسرائيل ضرباتها في الحي تزامنا مع التصعيد على الجبهة الشمالية مع حزب الله منذ أيلول الماضي، وكان آخرها استهداف سيارة عند منطقة أوتستراد المزة-دوار الشرقية في 21 تشرين الأول الجاري، مما أسفر عن استشهاد شخصين، بينهم رئيس وحدة تحويل الأموال في الحزب، وإصابة 3 آخرين.
حركة نزوح
عدوان متواتر وضع حي المزة على صفيح ساخن، ودفع ببعض ساكنيه القدامى إلى البحث عن أماكن مؤقتة للانتقال إليها ريثما تضع الحرب أوزارها، أو حتى يتمكنوا من بيع شققهم باهظة الثمن فيه لشراء أخرى في مناطق آمنة والاستقرار بها.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أيلول الماضي، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإعلانات والعروض المنشورة لبيع العقارات في حي المزة بأسعار أخفض من تلك التي كانت تساويها قبل سلسلة الاستهدافات الإسرائيلية.
الأمر هذا يؤكده طلال. أ (48 عاما) صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة، مشيرا إلى زيادة شققه المعروضة للبيع بنسبة كبيرة مقارنة بالفترة السابقة.
ويقول طلال.أ إن معظمها موجودة في المنطقة المحيطة بمبنى السفارة الإيرانية، وفي مباني الأورفلي والعدل والذهبي وغيرها.
وعلى المجموعات المشتركة بين أصحاب المكاتب العقارية في المزة على تطبيق “واتساب”، يرصد طلال زيادة في إعلانات بيع وتأجير شقق فاخرة في منطقتي مزة فيلات غربية وشرقية، التي طالها العدوان الإسرائيلي أيضاً.
وفي وقت كانت تتنافس فيه الشركات والمنظمات الأجنبية، وأصحاب الثروة والنفوذ في البلاد، على شراء شقق في هذا الحي الفاخر القريب من كل المفاصل الحيوية في دمشق، بات اليوم حيا مستبعدا من الحساب، نظرا للوضع الأمني الحرج الذي يشهده مؤخرا.
وعن ذلك يقول طلال “أصبح من الصعب جدا اليوم تأمين زبائن لشراء هذه الشقق حتى بعد تخفيض أسعارها، بعد أن تلقت المنطقة كل تلك الهجمات والضربات منذ بداية العام”.
ورغم ذلك، يقبل بعض الزبائن على شرائها من وقت لآخر، والذين يشك طلال في أن بعضهم لا يعدو أن يكون “واجهات محلية لرجال أعمال وشخصيات إيرانية في دمشق لها مصلحة في شرائها”.
معقل رئيسي
ويُعتبر حي المزة من المعاقل الرئيسية لكبار العسكريين في الحرس الثوري، وأعضاء البعثة الدبلوماسية الإيرانية، بالإضافة إلى رجال أعمال وموظفين من مختلف الكيانات الإيرانية الفاعلة في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
واضطرت أسر سورية عدة في المزة، مع توالي الضربات الإسرائيلية على المنطقة، إلى ترك منازلها، والانتقال إلى أماكن أكثر أمانا إما بصورة مؤقتة أو دائمة.
وتقول رغد. ط (32 عاما)، صاحبة صالون تجميل في المزة، وإحدى اللواتي طال القصف الإسرائيلي منزلها في الثامن من تشرين الأول الجاري، إن لحظة القصف كانت واحدة من أصعب لحظات حياتها، والتي لم تختبر مثيلا لها طيلة 13 عاما من الحرب في سوريا.
وعبر “الجزيرة نت”، تقول رغد.ط: “لقد صُمت آذاننا، وسقطت الشرفة ومعها حيطان الواجهة الأمامية إلى أسفل البناء، سُحقت سيارتي وكان المشهد مروعا من الداخل”.
ونزحت عائلتها إلى بيت أقربائها في ضاحية قدسيا غربي دمشق فيما يُعرف بتجمع أبنية الـ14 في منطقة المزة- الشيخ سعد، وتقول رغد إنها لن تعود إلى هناك بعد انتهاء عمليات الترميم، لأنها تخشى من تكرار سيناريو الضربة الإسرائيلية التي عايشتها ووالدتها وحيدتين في منزلهما.
تداعيات
في حين يعتبر محمد تاج (52 عاما)، نازح من المزة إلى بلدة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، أن الوجود الكثيف لعناصر تابعين لحزب الله أو إيران بالمناطق السكنية في المزة يجب أن ينتهي، وإلا لن يتمكن هو وعائلته (4 أفراد) من العودة إلى منزلهم الذي تركوه، قبل أسبوعين، بصورة استباقية خوفا من استهدافه أسوة بأبنية مجاورة له سبق أن تم استهدافها.
ويتابع للجزيرة نت أن نزوحه رتب عليه تكاليف مضافة، إذ إنه استأجر شقة مفروشة بمبلغ مليوني ليرة (135 دولارا)، واضطر إلى صرف معظم ما كان يدخره لتستقر العائلة مجددا، في انتظار أن يهدأ التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، ويعودوا إلى منزلهم.
وأدى التصعيد الإسرائيلي إلى تراجع الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والتجارية في المزة بصورة ملحوظة، إذ شهدت المنطقة، خلال تشرين الأول الجاري وحده، 4 استهدافات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 27 شخصا وإصابة العشرات.
وتم استهداف أبنية في منطقة “المزة فيلات غربية”، المحاذية لمبنى السفارة الإيرانية في دمشق، مرتين في الأول والثاني من تشرين الأول الجاري، أسفرت عن مقتل إعلامية سورية و9 عسكريين بينهم مستشار إيراني ومسؤول في حزب الله.
وفي الثامن من تشرين الأول الحالي، شنت إسرائيل هجوما آخر على مبنى في منطقة الشيخ سعد في حي المزة، أسفر عن مقتل 7 مدنيين وعنصر تابع للحزب، في حين استهدف الهجوم الرابع، في الـ21 من الشهر نفسه، سيارة في منطقة المزة أوتستراد-دوار الشرقية، وأسفر عن مقتل رئيس وحدة تحويل الأموال في الحزب.
وركزت إسرائيل استهدافها لحي المزة منذ بدء الحرب على غزة قبل نحو عام، وكان الهجوم الأبرز فيه هو الذي شنته على مبنى السفارة الإيرانية في الأول من نيسان الماضي، والذي راح ضحيته 17 قتيلا وعشرات المصابين.
ويعتبر الحي من المناطق الإستراتيجية في العاصمة السورية، حيث يضم مقار أمنية وعسكرية سورية وسفارات ومنظمات أممية، ومباني حديثة، وأبراجا سكنية عالية، ومراكز تجارية حديثة عديدة، وأسواقا شعبية، ومدنا رياضية كمدينة الجلاء، وعدداً من كليات جامعة دمشق، وعددا من المعاهد والمراكز الثقافية وجامعات ومعاهد خاصة أخرى. (الجزيرة نت)
Discussion about this post