اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أن “الوفاة غير المتوقعة الأخيرة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كشفت بشكل صارخ عن الحالة الهشة للقيادة في البلاد، كما وتترك إيران تتصارع مع فراغ كبير في السلطة في منعطف حرج. وكان يُنظر إلى رئيسي على أنه المرشح الأوفر حظا لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. ومع رحيل رئيسي، يواجه المشهد السياسي الإيراني حالة من عدم اليقين العميق. وكان للرئيس الإيراني الراحل دور فعال في إدارة علاقات إيران المعقدة مع الدول العربية المجاورة وروسيا والصين، وقد أدت وفاته إلى اختلال هذه التوازنات الدقيقة. وتعكس التشكيلة الضعيفة من الخلفاء المحتملين هذه الهشاشة، الأمر الذي يخلق مناخاً من الغموض ويلقي ظلالا من الشك على الاتجاه المستقبلي للبلاد في حقبة ما بعد خامنئي”.
وبحسب الصحيفة، “لم يكن صعود رئيسي إلى السلطة متعلقًا بالكاريزما الشخصية أو الفطنة السياسية بقدر ما كان متعلقًا بولائه الثابت للنظام الحاكم في إيران، وهذا الإرث المعقد يجعل اختيار خليفته مهمة حساسة للغاية. ولا يقتصر القرار على تعيين رئيس جديد فحسب، بل يتعلق أيضًا بتشكيل مستقبل النظام ونظام ولاية الفقيه. وحتى الآن، فإن المرشح البارز الوحيد لمنصب المرشد الأعلى المقبل هو نجل آية الله علي خامنئي، مجتبى خامنئي. وتثير خلافته المحتملة مخاوف بشأن انتقال وراثي للسلطة غير خاضع للمساءلة، مما يقوض المبادئ ذاتها التي بررت الإطاحة بنظام الشاه الملكي.ويُعرف مجتبى بتطبيقه لأجندة والده من وراء الكواليس وإدارة إمبراطورية مالية واسعة. لكن هذا الاحتمال سيثير تساؤلات حرجة حول إدخال سياسة الأسرة الحاكمة في إيران. وبخلاف مجتبى، لا تكاد يوجد أي شخصية عامة بارزة في قائمة الانتظار”.
وتابعت الصحيفة، “إن الطريقة التي ينظم بها آية الله خامنئي الانتخابات الرئاسية المقبلة سوف تكشف الكثير عن القيادة المستقبلية لإيران. وإذا اختار خامنئي فرض مرشحه المختار واستبعاد الآخرين، فسوف يؤدي ذلك إلى انخفاض نسبة إقبال الناخبين بشكل كبير وتعزيز الاعتقاد بين الإيرانيين بأن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من خلال تفكيك النظام الحالي. وعلى العكس من ذلك، فإن السماح لمرشحين من الأطراف الإصلاحية، كما فعل من حين لآخر في الماضي، قد يوفر غطاءً من الشرعية في لحظة حرجة. وبالتالي، ستكون الانتخابات المقبلة بمثابة مؤشر حاسم على نهج النظام في الحكم واستعداده للتعامل مع مطالب الإصلاح”.
وأضافت الصحيفة، “أحد الاحتمالات هو أن النظام الإيراني قد يعين شخصا أكثر تشددا في منصب الرئاسة، وسيكون هذا الامر منسقا مع استراتيجية النظام منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2020، والتي تعتمد على المتشددين الأكثر موثوقية في المؤسسات الرئيسية وأدوار صنع القرار. وفي الوقت الحالي، يسعى المرشحون المتنافسون على منصب رئيسي إلى إثبات مؤهلاتهم المتشددة. ومن المرجح أن تتأثر عملية اختيار خليفته بالمصالح المتضاربة لمراكز القوى المختلفة داخل النظام، مما قد يؤدي إلى إعادة إشعال الطموحات لمنصب المرشد الأعلى. ومن الممكن أن يؤدي هذا الوضع إلى تعزيز فرص المتشددين المرتبطين بالحرس الثوري، مما يزيد من اعتماد النظام على العناصر المتطرفة. ومن الممكن أن يؤثر التعيين المحتمل لشخص أكثر تطرفا على سياسة إيران الخارجية وطموحاتها النووية”.
وبحسب الصحيفة، “إن صعود شخصية متشددة إلى الرئاسة الإيرانية سيكون له تداعيات عميقة على الصعيدين المحلي والدولي.داخلياً، من المرجح أن يصبح النظام غير متسامح بشكل متزايد مع جماعات المعارضة، ويستخدم تدابير مراقبة اجتماعية أكثر صرامة.أما على الصعيد الخارجي، فقد يؤدي التحول المتشدد إلى موقف أكثر تصادمية تجاه الدول المجاورة، مما قد يؤدي إلى التراجع عن الجهود الدبلوماسية الأخيرة مثل استعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وقد يؤثر نفوذ المتشددين أيضًا على سياسة إيران النووية، خاصة وسط المطالبات بتغيير عقيدتها النووية. وقد يؤدي مثل هذا التحول إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة والغرب،وبالتالي إلى تصعيد التوترات وربما جر إيران إلى صراع مكلف”.
وتابعت الصحيفة، “الاحتمال الآخر هو أن النظام الإيراني قد يسمح للإصلاحيين والمعتدلين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية في حزيران لجعل السباق أكثر تنافسية. وستهدف هذه الاستراتيجية، في حال تطبيقها، إلى تخفيف التوتر السياسي وزيادة نسبة إقبال الناخبين، الذي وصل إلى مستويات قياسية، خاصة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدت أدنى نسبة إقبال منذ ثورة 1979.ومع ذلك، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تتحدى استراتيجية المتشددين المتمثلة في احتكار السلطة، وهو الاتجاه الذي من المرجح ألا يفضله خامنئي. ومن المتوقع أن يقوم المتشددون، الذين نجحوا في تهميش الإصلاحيين والمعتدلين من مناصب صنع القرار، بعرقلة أي جهود لإعادة إدخال هذه الجماعات إلى الحياة السياسية. ويعكس هذا الصراع الداخلي التوتر الأوسع داخل النظام الذي يحاول جاهداً الحفاظ على سيطرته مع معالجة الاستياء العام المتزايد”.
وأضافت الصحيفة، “مع ذلك، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يفرض النظام الإيراني مرشحاً يستمر في سياسات رئيسي.وخلال فترة ولاية الأخير، حققت إيران مكاسب دولية كبيرة على الرغم من التحسينات الداخلية المحدودة بسبب العقوبات الاقتصادية المستمرة. ورغم أن إدارة رئيسي لم تكن في مواجهة مع الغرب، فقد سعت إلى تخفيف العقوبات، وحققت بعض الإنجازات. وتمكنت إيران من الحفاظ على توازن الردع بعد المواجهات مع إسرائيل وتجنبت الحرب الإقليمية من خلال فتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة. وحتى في ما يتعلق بالقضية النووية، فقد انخرطت إيران في مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، بوساطة عمان”.
وختمت الصحيفة، “إن الاستمرار في هذا النهج يمكن أن يساعد في الحفاظ على الإنجازات الخارجية للنظام وربما تحسين وضعه الداخلي، بما يتماشى مع المصالح الأميركية في الاستقرار الإقليمي”.
لبنان – ترجمة رنا قرعة قربان –
Discussion about this post