يسرى ديب
ارتفع الدولار بمقدار 600 ليرة سورية خلال أيام، حيث سجل 8800 ليرة سورية صعودا من 8200 ليرة سورية.
ولقراءة دواعي وأسباب هذه القفزات، قال المستشار المصرفي عامر شهدا إن رفع سعر الدولار عما كان عليه قبل العيد، يعد مؤشراً على أن المركزي يعاني من عجز بموضوع الحوالات.
ويقول إن هذا العجز مردّه في الحقيقة عجز السياسة النقدية المتبعة والتي أصبحت تعتبر مقدسة لا يمكن تغييرها، والتي أدت إلى انهيار القوة الشرائية لليرة، واستفحال التضخم، وهذا كله بسبب التمسك بعقلية تقليدية ممنوعة من التفكير خارج الصندوق.
تراجع التحويل
يبدو انه لا يوجد خبراء في المصرف المركزي يتابعون ما يحصل في أوروبا، أو ما يحصل في السياسة النقدية فيها، أو حتى الكيفية أو الآلية التي تتبعها المصارف المركزية الأوروبية لمراقبة حركة النقد في دولها، وفقا للخبير شهدا، وهذا دليل على عدم وجود تواصل بين المركزي والمكاتب الاقتصادية الموجودة في السفارات السورية أو مكاتب التمثيل القنصلي.
ويشرح بأن رفع سعر الحوالات ناتج عن تراجع التحويل لسوريا، وأسباب ذلك هو التعاطي الذي يجري بين الداخل السوري والمغتربين في الخارج، حيث بات المغترب يشعر بأنه كالماكينة، يعمل حتى يستفيد من أتعابه عدد من التجار في سوريا، بينما أهله يستفيدون بأضيق الحدود.
رقابة مصرفية
من جهة ثانية، يوضح الخبير المصرفي بأن المغترب السوري يتعرض في مكان إقامته في أوروبا، لضغوط ورقابة مصرفية جائرة هناك، أدت لإحجامه عن التحويل إلى سوريا، وهذا أيضا يجب أن يكون معروفاً للقائمين على السياسة النقدية في سوريا.
وقال شهدا إن دليل تراجع الحوالات، واجبار المركزي على رفع السعر، بسيط جداً وهو أن قيمة تصريف الـ 100 دولار على الحدود ما زالت ثابتة، فهل من المعقول أن يرتفع سعر الحوالات بشكل خاص، ولا يرتفع سعر صرف المئة دولار على الحدود؟
لتغذية تجار
يقول شهدا إن المركزي يرفع سعر الحوالات لتغذية تجار بعينهم، دون مراعاة لتحقيق مصالح المجتمع لجهة الأسعار، بالتالي هناك محاباة للتجار المستوردين بخصوص سعر الصرف، فالتاجر يسعّر دولاره على أساس عشرة ألاف وهو يحصل عليه بأقل من ذلك، بينما يبيع المركزي الدولار للمواطن بقيمة ٦٥٣٢ وهو سعر غير منطقي وغير حقيقي، والدليل أن المركزي يرفع سعر نشرة الحوالات فيما تبقى باقي النشرات ثابتة، وهذا لا يمت للسياسة النقدية بصلة، فليس من المعقول أن يكون هناك قوتين شرائيتين لليرة السورية .
ثلاث نشرات
ولفت شهدا إلى أنه ليس من المعقول نهائياً أن يكون هناك 3 نشرات للأسعار، اثنتان ثابتتان، وثالثة ترتفع مع ارتفاع حاجة المستوردين للدولار، و”طبعا عندما يرفع المركزي سعر الحوالات فهذا دليل عجزه عن تلبية طلب المستوردين، وبالتالي هو يعاني من مشكلة الإيفاء بالتزاماته”، فالمستورد يدفع ثمن القطع قبل ٣ إلى 6 أشهر، وهذا أمر سيؤدي إلى مشاكل أمام تراجع التحويل.
شكرا للاتحاد الأوربي
يتحدث شهدا بنوع من التهكم، عن أنه إذا كان المركزي أو الحكومة يعتقدون أن جميع السوريين تأتيهم حوالات من الخارج ويعتبرون أن رفع سعر الحوالات بمثابة زيادة رواتب ، فبهذه الحالة يجب أن نقدم الشكر للاتحاد الأوروبي، لأنه وراء رفع المستوى المعيشي للشعب السوري.
توصيل باليد
الأمر الآخر هو أن على القائمين على السياسة النقدية أن يعرفوا أن المغتربين القادمين إلى سوريا يحملون قيم التحويلات ليوصلوها إلى أهاليهم وذويهم، واليوم هناك من يرسل الأموال باليد مع القادمين إلى البلاد، وهذا أمر شرعي وغير ممنوع، ولا يوجد ما يمنع أي قادم من إدخال القطع الأجنبي.
ويتمنى شهدا الإشارة إلى أنه اطلع على مقالات حين كان في أوروبا ومنذ نيسان الماضي، تتنبأ بما سيجري في هذا الصيف في سوريا، وحول مضمونها يقول إنه لا آذان صاغية لمعرفة تفاصيلها، وإن أحدا لن يطرح حلولاً.
انخفضت القيمة
يقول شهدا إن راتب الموظف انخفض اليوم عما كان عليه قبل العيد، إذ أن راتب 150 ألف ليرة، كان يعادل قبل العيد 15 دولار ونصف الدولار، أما اليوم فهو يعادل 13.3 دولاراً، فمن يعوض للموظف؟ المركزي أم التاجر؟ وما هو ذنب من يودع أمواله في المصارف أن يتحمل تلك الخسائر؟
ويرى أنه لا توجد دولة تتبع سياسة تسعير للصرف على أساس قطاعي، إذ يختلف سعره بين قطاع الحوالات، عن سعر التصريف على الحدود (الخاص بالمئة دولار)، وكذلك عن السعر الرسمي.
لماذا؟
يتساءل الخبير: لماذا لا يعتمد التجار سعر صرف الدولار لقطاع رسم الدخول على الحدود المحدد بـ 6532 ليرة لتسعير البضائع، ولماذا الوزرات المعنية لا تعتمد هذا التسعير بتكلفة المستوردات؟ لماذا يعتمدون سعر 8800 ليرة، وليس سعر 6532 ليرة؟
في المنازل
الخبير الاقتصادي جورج خزام ذكر الكثير من الأسباب التي تقف وراء ارتفاع سعر الصرف، أبرزها عدم إيداع الأموال والمدخرات بالليرة السورية في المصارف الوطنية، خوفاً من تقييد حرية السحب عند الطلب، فهي تشكل أحد أهم الأسباب، لأن الناس أصبحت تفضل ادخار الأموال بالدولار أو الذهب في المنازل.
وبين أن الأمر لم يقتصر على عامة الناس بل حتى التجار أصبحوا يفضلون شراء الدولار والذهب وتخزينه أكثر من شراء البضائع و تخزينها، وذلك خوفاً من دخول الجمارك عليها، وتغريم أصحابها بمئات الملايين من الليرات السورية، مما أدى لزيادة الكساد و البطالة و تراجع الإنتاج، ومعه المزيد من ارتفاع سعر صرف الدولار.
وهذا أدى، وفقا لخزام، إلى تراجع كبير بكمية الدولار والبضائع المعروضة للبيع في السوق مقابل زيادة كبيرة بكتلة السيولة النقدية المتداولة بالليرة السورية.
خسائر كبيرة المركزي
أضاف خزام في حديثه لهاشتاغ أن من الأسباب أيضاً تراجع الصادرات بسبب قرار المركزي الذي يلزم بتعهد التصدير، والذي يفرض على التاجر المصدّر تسليم قيمة الصادرات بالدولار بالسعر الرسمي المنخفض، وتكبيده خسائر كبيرة.
كما أن تراجع الحركة التجارية و الصناعية بسبب التعقيدات الكبيرة بمنصة تمويل المستوردات في المركزي، وارتفاع تكاليف الإنتاج والمصاريف المباشرة و غير المباشرة، وعدم القدرة على منافسة المستوردات والتصدير، هي من بين الأسباب
ولفت خزام إلى أن التعقيدات الكبيرة في حركة البضائع بين المحافظات، ووضع سقف للحوالات المالية، وزيادة الهجرة و هروب رؤوس الأموال بالدولار للخارج تتسبب جميعها بالمزيد من ارتفاع سعر الصرف.
هاشتاغ
Discussion about this post