أيهم مرعي
يشهد الميدان السوري توتّرات متصاعدة بين الجانبين الروسي والأميركي، في ظلّ انطلاق مناورات عسكرية متزامنة للطرفين هناك، والاتهامات الروسية لواشنطن بتزويد المسلحين الموالين لها في منطقة التنف، بصواريخ مجهّزة بموادَّ سامة لتنفيذ اعتداءات، ومن ثمّ اتّهام الحكومة السورية بالوقوف وراءها. وبدأت ملامح التصعيد تظهر مع اتهام الولايات المتحدة، روسيا، باختراق المجال الجوي لقاعدة التنف لأكثر من 25 مرة في شهر آذار الفائت، وهو ما استدرج سلسلة من الاتهامات المتبادلة بخرق اتفاق منع التصعيد في سوريا. ووصل التوتر إلى أوجّه، مساء أول من أمس، بإعلان قائد القوات الجوية الأميركية، الجنرال أليكسوس غرينكويتش، في بيان، أن «ثلاث طائرات مقاتلة روسية بدأت مضايقة ثلاث طائرات مسيّرة أميركية من طراز أم كيو-9، عندما كانت تنفّذ مهمةً ضدّ أهداف لتنظيم داعش». وأضاف البيان إن «الطائرات الروسية أطلقت طلقات مضيئة أمام المسيّرات التي أُجبرت على اللجوء إلى المراوغة، كما شغّل أحد الطيارين الروس الحارق الخلفي لطائرته أمام إحدى المسيّرات، ما تسبّب بالحدّ من قدرة مشغلها على الطيران بأمان». ورأى غيرينكويتش أن «هذه الحوادث تعطي مثالاً آخر عن التصرفات غير المهنية وغير الآمنة التي تهدّد سلامة القوات الأميركية والروسية معاً»، داعياً روسيا إلى «وقف هذا السلوك المتهوّر». في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إن «المسيّرات الأميركية انتهكت منطقة التدريبات الروسية السورية المشتركة خمس مرات»، مشيرةً إلى «تسجيل 12 انتهاكاً لمنطقة التدريبات من قبل مسيّرات التحالف الدولي». وسبق البيان الروسي، بيانٌ آخر، قبل يوم واحد، أفادت فيه «الدفاع» الروسية بأنها «رصدت خلال 24 ساعة، تحليق طائرات مسيّرة للتحالف الدولي في الأجواء السورية، 14 مرة، منها سبع في حلب، دون تنسيق مع القوات الروسية».
وكانت القوات الروسية قد أعلنت بدء تدريبات مشتركة مع الجيش السوري على الأراضي السورية، لمدة 6 أيام، بدءاً من يوم الثلاثاء الفائت. ونقلت وكالة «نوفوستي» عن رئيس «مركز المصالحة الروسي في سوريا»، أوليغ غرينوف، أن «التدريبات ستشمل المسائل المتعلّقة بالتحركات المشتركة للطيران ووسائل الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية بغرض صدّ الهجمات الجوية». والظاهر أن التدريبات الروسية جاءت رداً على مناورات أجراها الجيش الأميركي لعدّة أيام، في قواعده في حقلَي العمر وكونوكو في ريف دير الزور، والشدادي في ريف الحسكة، بالإضافة إلى التنف على مثلّث الحدود مع الأردن والعراق. ووفق «جيش سوريا الحرة»، المدعوم أميركياً، فإن «الأخير والتحالف أكملا مناورات تدريبة مشتركة استمرت عدة أيام، امتدّت على طول منطقة الـ 55 كلم، وشملت سيناريوات التدريب على تعقب وإزالة تهديدات داعش لمنعها من تهديد سكان منطقة الـ 55 كم».
بدوره، سارع رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، في بيان، إلى «اتهام الولايات المتحدة بالتحضير لتنفيذ استفزازات عسكرية جنوب سوريا، واستخدام مواد كيميائية سامّة بهدف عرقلة التطبيع العربي مع دمشق، وتشويه سمعة القيادة السورية». ولفت البيان إلى أن «الجيش الأميركي سلّم مقاتلي تنظيم داعش المنتشرين قرب قاعدة التنف جنوب سوريا صواريخ مشحونة بموادّ سامة»، متحدثاً عن «تشكيل لجنة استخبارات أميركية بريطانية مشتركة في قاعدة التنف، يرأسها نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، جيمس ميلوي، لتنفيذ مؤامرتهم، والقيام بحملة إعلامية قوية، هدفها الإظهار لدول العالم العربي أن استئناف الحوار مع الرئيس بشار الأسد كان خطأ استراتيجياً».
الاخبار
Discussion about this post