في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن “الولايات المتحدة لديها مصلحة أمنية وطنية حقيقية في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية”، إلا أن بلينكن لم يذكر ما هي هذه المصلحة.
وبحسب موقع ” Responsible statecraft“الأميركي، “في الواقع، لن يؤدي تحسين العلاقات السعودية الإسرائيلية الحالية لتشمل العلاقات الدبلوماسية الكاملة إلى تحقيق أي مصلحة وطنية للولايات المتحدة يمكن تحديدها. مهما كانت الفائدة التي ستجنيها الولايات المتحدة من التعاون السعودي الإسرائيلي، يمكن الحصول عليها من التعاون المكثف، بما في ذلك في المسائل الأمنية من دون أي تبادل للسفراء والسفارات”.
وتابع الموقع، “لن يكون التطبيع السعودي الإسرائيلي بمثابة اتفاقية “سلام”، بالنظر إلى أن السعودية وإسرائيل ليستا في حالة حرب، وستتعامل الأخيرة مع مثل هذه الخطوة على أنها ترسيخ لتحالف عسكري مناهض لإيران – والذي، بعيدًا عن جعل المنطقة أكثر سلامًا، يزيد حدة الصراع التوترات. كما أن التطبيع سيقلل أكثر من أي حافز إسرائيلي لحل الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين، وبالطبع فإن عدم التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين هو أحد النقاط الرئيسية للتطبيع بالنسبة لإسرائيل. تريد حكومة بنيامين نتنياهو بشدة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة، كما فعلت سابقًا مع البحرين والإمارات والمغرب، كدليل على أنها يمكن أن تتمتع بعلاقات مع دول المنطقة مع استمرار الاحتلال والضم الفعلي للأراضي الفلسطينية”.
وأضاف الموقع، “بعيدًا عن الاهتمام الإيجابي بأي من هذا، فإن للولايات المتحدة مصلحة سلبية في إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم يتم حله، بسبب العنف المستمر والمتصاعد مؤخرًا في هذا الصراع والمساهمة في عدم الاستقرار الإقليمي وبسبب العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لأسباب لن تشرحها علنًا، تبنت التطبيع السعودي الإسرائيلي كهدف ويبدو أنها مستعدة لدفع ثمن مسبق لتحقيق ذلك. لم يعكس التطبيع السابق بين إسرائيل وبعض الدول العربية الأخرى أي انسجام إقليمي، وتجلى ذلك بعد أن طالبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى مدفوعات جانبية للحكومات العربية المعنية لتحقيق التطبيع”.
وبحسب الموقع، “أما الآن، فيطالب محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، بمدفوعات جانبية خاصة به، على شكل المزيد من عمليات نقل الأسلحة غير المقيدة، وضمانات أمنية أميركية للمملكة العربية السعودية، والمساعدة في بناء برنامج نووي سعودي. وأثار محمد بن سلمان صراحة إمكانية صنع المملكة العربية السعودية لسلاح نووي، وربط هذا الاحتمال بما إذا كانت إيران تصنع سلاحًا نوويًا، والأخيرة لا تقوم بذلك حاليًا”.
وتابع الموقع، “رفضت المملكة العربية السعودية حتى الآن التوقيع على ما يعرف باتفاقية 123، وهي الصيغة التي سمحت بمساعدة الولايات المتحدة لبرامج الطاقة النووية المدنية في بلدان أخرى لكنها أبقت تخصيب اليورانيوم وتصنيع الوقود خارج تلك البلدان لتجنب خطر تحويل البرنامج إلى أغراض عسكرية. وتحدث المسؤولون السعوديون بدلاً من ذلك عن “أرامكو النووية”، في إشارة إلى كيف بدأت مؤسسة النفط التي تحمل هذا الاسم كمشروع مشترك بين المملكة والعديد من شركات النفط الأميركية”.
وأضاف الموقع، “من غير الواضح بالضبط نوع الضمانات الأمنية التي يفكر فيها السعوديون باعتبارها مطلبًا آخر يطرحونه على الولايات المتحدة، ولكن من الصعب تصور أي صيغة تخدم المصالح الأميركية ولن تزيد بدلاً من ذلك من خطر انجرار الولايات المتحدة إلى نزاعات أخرى. وحدث هذا بالفعل مع الحرب الجوية السعودية ضد اليمن، والتي تم تنفيذها بمساعدة الولايات المتحدة”.
وبحسب الموقع، “من الواضح أن المملكة العربية السعودية دولة إقليمية مهمة، وتحتاج الولايات المتحدة إلى إقامة علاقات واسعة معها وإيجاد طرق للعمل معها في مسائل محددة حيث تتوازى مصالح البلدين. لكن لا يوجد سبب يدعو الولايات المتحدة للوقوف تلقائيًا أو حتى شبه تلقائي مع السعوديين في أي خلافات إقليمية ينخرطون فيها. وتواصل المملكة العمل مع زميلتها المنتجة للنفط روسيا من خلال أوبك + وتتخذ قرارات بشأن مستويات إنتاج النفط التي تزيد من الإيرادات لكل من المملكة وروسيا”.
وتابع الموقع، “يكاد يكون من المؤكد أن محمد بن سلمان يرى نفسه في موقع تفاوضي قوي بالنسبة لإدارة بايدن. إن الرئيس الأميركي الذي قال قبل توليه منصبه إنه سيجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة” لم يتخل عن هذا الموقف فحسب، بل جعل الدبلوماسيين الأميركيين يتحدثون عن الفوائد التي يمكن أن تُمنح للمملكة. تحاول إدارة بايدن، من خلال سعيها لتحقيق التطبيع السعودي الإسرائيلي، استعادة بعض الأهمية الدبلوماسية الشرق أوسطية التي اكتسبها الصينيون من خلال دورهم في التطبيع السعودي الإيراني”.
وختم الموقع، “لكن إذا كانت تريد إدارة بايدن حقًا التنافس مع الصين دبلوماسيًا في المنطقة، فلن تكون قادرة على فعل ذلك اعتماداً على الموقف الأميركي المعتاد المتمثل في تقسيم المنطقة بشكل صارم إلى أعداء وأصدقاء والتعامل بشكل بناء مع الأخير فقط. عوضاً عن ذلك، تحتاج إلى محاكاة الصين في ممارسة الدبلوماسية النشطة مع الجميع في المنطقة، وهذا هو السبب في أن الصين كانت قادرة على تحقيق التقارب السعودي الإيراني”.
لبنان 24 – ترجمة رنا قرعة
Discussion about this post