في ظل الحديث عن توسّع شعاع نفوذ التسوية السعودية – السورية لتشمل في بعض أوجهها الساحة اللبنانية، بات البعض يتحدّث عن أن تبعات هذه التسوية لن تشمل الاستحقاق الرئاسي وحسب، بل كل الوضعية السياسية في لبنان. بمعنى آخر ستعيد لدمشق دورها الاساسي والمؤثر في الداخل اللبناني.
فهل هذه التوقعات واردة في هذه المرحلة؟ وهل تمنح المملكة العربية السعودية ضوءاً اخضر لسوريا لاستعادة نفوذها في لبنان؟
تعتبر مصادر ديبلوماسية مطلعة أن التوافق السعودي – السوري يعطي دفعاً كبيراً لسوريا لتعود وتمتلك قراراً رئيسياً وجدياً على الساحة اللبنانية. لكن ربما لن يكون الامر مشابهاً لما كان عليه خلال مرحلة الوصاية، أي حين كان لسوريا نفوذ عسكري واضحاً في لبنان، الا ان المؤكد أن بصمة سوريا السياسية في البلاد ستعود بدرجة كبيرة الى سابق عهدها حيث سيكون لها كلمة في العديد من الاستحقاقات.
احدى العوائق الاساسية التي تحول دون الامساك الكامل للجانب السوري بالملف اللبناني هي انشغال دمشق ببعض أزماتها الداخلية، وتحديداً الازمة الاقتصادية، اضافة الى انهاء بعض الملفات العسكرية كإدلب وشرق الفرات. لذلك فإن الهموم لدى القيادة السورية تجعلها، بالرغم من كل التسويات والصلاحيات، عاجزة عن التفرغ الكامل للمشاركة في شؤون المنطقة وتحديداً لبنان.
ثمة اشكال اساسي أيضاً يبرز من بين العوائق التي تمنع سوريا من بسط نفوذها مجدداً في لبنان، وبمعنى أوضح، فإن “حزب الله” الذي يملك قوة هائلة في لبنان على المستوى السياسي وبات يشكّل قوة اقليمية مؤثرة في اكثر من ملف من اليمن حتى العراق، وله وجود عسكري متعاظم ومستمر في سوريا، لن يتساهل في تمرير الكرة للجانب السوري ليستعيد سيطرته على لبنان والتنازل عن قوته في الملعب اللبناني التي تجعله ممسكاً بزمام الامور. علماً أن التحالف المتين القائم بين سوريا و”الحزب” من شأنه أن يخفف من الحساسية ويمنع أي اشتباك بين الطرفين، ما يعني أن سوريا ستكون حتماً مقيدة في العديد الملفات ومضطرة للوقوف على مشورة “الحزب” ورأيه فيها ولن تتمكن من اتخاذ خطوات حاسمة ونهائية بمفردها.
لكن، ورغم كل هذه العوائق، تضيف المصادر أن المرحلة المقبلة ستشهد عودة النفوذ السوري، وسيكون لحلفاء سوريا المباشرين في لبنان دور كبير بعد رصّ الصفوف من جديد لتشكيل كتلة نيابية وسياسية وحزبية متناغمة تتحالف بشكل كلي مع “حزب الله” من دون التخلي تماماً عن استقلاليتها.
هذه الاستقلالية مرتبطة بشكل أساسي بالرغبة في أن يكون قرار هذه القوى في دمشق وليس في حارة حريك، الامر الذي لا يلغي الانسجام مع “الحزب” والتنسيق معه، لكنّ الهالة القديمة المقترنة بحضور سوريا في لبنان ستعود بأشكال مختلفة سياسياً واعلامياً، حتى أن بعض خصوم سوريا وفق المصادر نفسها، سيعيدون حساباتهم قريباً ويجدون أنفسهم امام خيار وحيد لا بديل عنه وهو التقرّب من العاصمة دمشق.
لبنان 24 -ايناس كريمة
Discussion about this post