إذا نظرنا بعمق إلى قائمة الرابحين من العملية العسكرية الروسية في أوكرايينا فإننا و بالإضافة إلى مكاسب روسيا العسكرية و الجيوسياسية المعروفة ، نجد ثلاثة رابحين أخرين و هم :
1 – الرابح الأول هو من قام بالإستيلاء على أملاك وأموال الأغنياء الروس حول العالم و التي تقدر اليوم بحوالي 2 ترليون دولار ، و هنا يمكن تذكر حديث كريستين لاغارد في تشرين الأول من عام 2012 في الإجتماع المشترك بين البنك الدولي و صندوق النقد الدولي التي كانت لاغارد حينها تشغل منصب رئيسه ، حيث قالت : المهمة الأساسية لنا اليوم هي في كيفية سحب ” الأموال الشابة ” ( أي في كيفية الإستيلاء عليها ) ، و تقصد بالأموال الشابة تلك الأموال التي ظهرت في القرن الواحد و العشرين، و هي بحوزة كبار رجال الأعمال الجدد في العالم أمثال بيل غيتس و جيف بيزوس و إيلون ماسك و مارك زوكربيرغ و سيرغي برين و برنارد أرنو و مئات غيرهم ، و من بينهم عشرات رجال الأعمال الروس الكبار (و هنا يبدو الإستيلاء على أموال الروس كبداية فقط للإستيلاء على أموال البقية بطرق مختلفة و عبر فضائح معينة تذكرنا بفضائح شركات الأوف شور الشهيرة ، بنما و بارادايس و غيرها ) .. و كل ذلك لصالح أصحاب رؤوس الأموال القديمة و هم آل روتشيلد و روكفلر و مورغان و واربورغ و غيرهم ، و من المهم معرفة أن البنك الدولي و صندوق النقد الدولي هما مؤسستان تابعتان ” للرأسماليين ” القدامى ، و الذين لم يستطيعوا الإستفادة من الطفرة التكنولوجية الجديدة بنفس القدر الذي حققه أصحاب ” الأموال الشابة ” ،وبالتالي أصبحوا ينظرون بتوجس لهؤلاء الأثرياء الجدد و سرعة صعودهم في تسلسل الهرم المالي ، حيث اصبحنا نرى أن بيل غيتس و إيلون ماسك و جيف بيزوس و الأخرين يتدخلون في سياسات المنظمات الدولية و يدلون بدلوهم فيها .
2- الرابح الثاني هنا هم تجار النفط الكبار ، حيث تشير الدراسات إلى أن أرباح مجمع النفط العالمي تصل إلى 100 مليار دولار شهرياً منذ تصاعد الأنباء عن عملية عسكرية روسية في أوكرايينا ، و لم تستطع روسيا حتى الأن الإقتراب من هذا المجمع هائل القوة و المطالبة بالبدء بتجارة النفط بالعملات المحلية .
3 – الرابح الثالث هنا هو مجمع_الصناعات الحربية شرقاً و غرباً ، حيث بدأت معامل السلاح حول العالم بتلقي طلبات شراء ضخمة للمعدات و الذخيرة من هذه الدولة أو تلك و هي أصبحت بالعشرات ، و التقديرات تشير إلى أن أرباح هذا المجمع في عام 2022 يمكن أن تصل إلى ترليون دولار ..
و هكذا بحسبة بسيطة ، نجد أن حجم الأموال التي تدور حول العملية العسكرية الروسية يصل إلى حوالي 4 ترليون دولار مبدئياً ، و هو رقم يمكن أن يتضاعف عدة مرات في الأشهر القادمة .
بالمناسبة ، كل هذا يحصل ليس بسبب العملية العسكرية الروسية كما قد يتوارد لذهن البعض ، بل بسبب الموقف الغربي من هذه العملية و العقوبات غير المسبوقة تاريخياً التي اتخذت في حق روسيا ، و التي أدت إلى صعود أسعار النفط و الغاز و البدء بالإستيلاء على أموال الروس و دوران عجلة مصانع الحرب .. و طبعاً الخاسر الأكبر كما أراه من هذه الحالة هي الدول و الشعوب الأوروبية بالدرجة الأولى و الثانية و الثالثة ، و ذلك بسبب الغباء الواضح لسياسات حكامها المنبطحين تماماً تحت حذاء المحتل الأميركي لأوروبا .
ملاحظة مهمة :
يمكن إدراج عملية الريتز كارلتون التي جرت في السعودية و قام بها محمد بن سلمان ضمن أهداف كلام كريستين لاغارد ، و أيضاً ما حصل في لبنان منذ عامين عندما طارت عدة طائرات محملة بمليارات الدولارات من مطار بيروت قبيل حصول أزمة البنوك .
Discussion about this post