يمكن القول بان مجمل ملف الملامسة او المصافحة او حتى المغازلة ما بين الجمهورية التركية برئاسة رجب طيب آردوغان والفريق العامل معه وما بين الحكومة السورية برئاسة الدكتور بشار الأسد مؤجل الى ما بعد الانتخابات وبإرادة سورية مباشرة.
لكنه ملف مطروح الآن وسيبقى مطروحا حسب الكثير من التصنيفات في محور الإتصالات الأمنية الطابع ما بين القنوات التركية وقنوات الحكومة السورية.
وأغلب التقدير ان الملامسة وتبادل الإختبارات وبعض التصريحات الإيجابية خلال الأسابيع القليلة الماضية قدم مساهمة فعالة في تبريد جبهة الخصام.
لكن مصدر تركي مغرق في الإطلاع على التفاصيل أفاد لـ”رأي اليوم” بان الموقف معقد وسيبقى معقدا بكل الأحوال لان الحديث عن حرب حقيقيه نشبت بين الجانبين طوال سنوات وإستعادة الثقة حتى من اجل المصافحة بعيدا عن المصالحة مسألة ستزحف ببطء شديد وستكون متدرجة والجميع في دمشق وأنقرة يفهم ويعرف ذلك.
لكن الاسئلة تتكاثر حول أسباب وخلفيات الرسالة التي وصلت من دمشق وساهمت في منع حصول لقاء استعد له الرئيس التركي آردوغان وبصفة مباشرة مع الرئيس السوري بشار الاسد ما دامت أجواء الملف السوري أميل للانفتاح الان سواء على صعيد الجامعة العربية او في المستوى الاقليمي خصوصا بعد الزلزال المشترك الذي ضرب البلدين واثر في كل المعطيات والاعدادات.
أغلب التقدير وحسب المعلومات الطازجة ان فريق الرئيس السوري هو الذي طلب تأجيل اي لقاء على مستوى سياسي رفيع مع الجار التركي الى مرحلة ما بعد الانتخابات.
ويوحي السلوك السوري هنا بان الرئاسة التركية تراهن على إحتمالية غياب الرئيس آردوغان عن المشهد في الانتخابات في شهر أيار (مايو) المقبل.
وهو رهان يوحي ضمنا بان الجانب السوري لا يريد مصافحة الرئيس آردوغان حصرا لكنه أبقى الباب نصف مفتوح والنافذة ربع مفتوحة امام الإتصالات ومشاورات واحتمالية التلامس مع المؤسسة الامنية التركية ومع الدولة التركية.
وبالتالي يمكن فهم الموقف السوري من تأجيل عقد لقاءات رفيعة المستوى وسياسية الطابع مع الرئاسة الجمهورية التركية في الاسابيع القليلة الماضية في هذا السياق حيث وصلت رسالة مباشرة من الجانب السوري تفيد بان دمشق تفضل ان تجري لقاءات رفيعة بعد الانتخابات.
بمعنى ان نتائج هذه الإنتخابات قد تؤثر بالمعطيات وقد تؤسس لمساحة تخص الدبلوماسية السورية تستطيع حسم أمورها باتجاه حالة تفاوض منتجة مع الأتراك قوامها المستجدات الإقليمية ونوايا الادارة الأمريكية بمغادرة الاراضي السورية عسكريا ضمن برنامج موضوع ويعرف عنه الجانبان.
من كان متحمسا للقاء الرئيس بشار الاسد هو الرئيس التركي رجب طيب آردوغان والحديث في اوساط أنقرة رسمية ليس عن مصالحة بالمعنى السياسي والأمني.
لكن عن لقاءات كان يمكن ان تخدم المسار الانتخابي فقط للرئيس التركي الحالي وهو أمر فهمته الدولة العميقة و في المؤسسات التركية.
وبالتالي رحبت بعدم عقد لقاءات رفيعة المستوى قبل الانتخابات المقبلة وإعتبرت ان هذه الاستراتيجية هي الافضل على اساس قناعة المؤسسات التركية كما قالت مصادرها المباشرة دبلوماسيا بان حسم مسالة العلاقة مع الحكومة السورية مرتبط باعتبارات عابرة تماما لحسابات الانتخابات.
ولا علاقة لها بشخص رئيس الجمهورية وإتجاهاته وهذه الإتجاهات تؤثر بنسبة ضئيلة الى القرار التركي العميق لان ملف العلاقة مع الحكومة السورية يدخل في باب الامن السياسي باختصار ومرتبط في الكثير من القضايا المعلقة والاساسية.
وأبرز تلك القضايا مسالة الإرهاب ومسالة الوجود الكردي المسلح قرب الحدود مع تركيا اضافة الى التعقيدات الحدودية ومعها وفوق كل الملفات ملف اللجوء السوري.
ويختصر دبلوماسي تركي رفيع المستوى إجابته ردا على إستفسار مباشر بخصوص مستقبل العلاقة السياسة بين النظامين التركي والسوري بقوله بان تركيا المؤسسة وليس الرئاسة وبصرف النظر عن العناصر الانتخابية ونتائج الانتخابات المقبلة ستحسم أمورها بناء على عنصرين اساسيين في كل هذا المشهد.
وهما أولا إمكانية الاتفاق مع الحكومة السورية على عودة اللاجئين السوريين او على برنامج لتأمين عودتهم بطريقة متفق عليها و خلال السنوات المحددة مسبقا.
وهو معيار أساسي بنظر كل المؤسسات التركية.
وثانيا الموقف المرتبط بجدوى وإنتاجية اي لقاء مع اي وفد رفيع المستوى يمثل الحكومة السورية او حتى مع الرئيس بشار الأسد بدون البحث في برنامج عمل أمني ميداني مشترك لمواجهة الارهاب الكردي في المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا.
ودون ان تتأكد وتتوثق المؤسسات التركية حسب المصدر الدبلوماسي نفسه من ان اي لقاء رفيع او اتفاق مع النظام السوري لا ينتهي باتفاقيات أمنية على مواجهة ثنائية مشتركة ومنسقة للفصائل الكردية التي تعتبر ناشطة في مناطق نفوذ تتبع او قرب مناطق النظام السوري لا يمكنه بالمواصفة التركية على الاقل ان يصنف كلقاء مفيد او منتج حيث ان تركيا بصرف النظر عن موقف الرئيس الحالي او الرئيس المقبل بعد الانتخابات لا تتحدث لهجتين في مسالة مواجهة العناصر المسلحة الكردية العاملة مع حزب العمال في الجانب السوري.
وهي مسألة لا تقبل لا التسامح ولا التفاوض والحكومة السورية تعرف مسبقا بان المواجهة المشتركة للمجموعات الإرهابية الكردية كما تصنفها انقرة هي الباب والمدخل الطبيعي حتى قبل تأمين عودة اللاجئين لإعادة تطبيع العلاقات مع جارها التركي.
رأي اليوم
Discussion about this post