اشارت صحيفة “الاخبار” الى ان زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لباريس، نهاية الأسبوع الماضي، لا تزال تشغل الوسط السياسي، وقد حضرت في اللقاءات التي أجراها، على مدى يومين، وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي مع غالبية القوى السياسية. وفيما بقي التكتم يحيط بالزيارة الباريسية، أعطت الجولة القطرية انطباعاً بوجود خلافات كبيرة بين دول اللقاء الخماسي حول الصيغة الأنسب لمعالجة الأزمة.
في غضون ذلك، يستضيف البطريرك الماروني بشارة الراعي، في دير بيت عنيا الملاصق لحريصا اليوم، النواب المسيحيين في لقاء عنوانه روحي وباطنه سياسي ورئاسي بامتياز. وبحسب الدعوة التي وجهها المعاون البطريركي المطران أنطوان عوكر، فإن النواب مدعوون إلى جلستي تأمل تحضيراً لأعياد الفصح، قبل انعقاد جلسة تلي الرياضة الروحية، وتختتم بقداس يتضمن عظة للبطريرك.
وقال مقربون من بكركي إن الراعي “يراهن على خلق مناخ يسمح بالتفاهم بين النواب المسيحيين على ثوابت مشتركة، والتداول في خيارات رئاسية للخروج من المأزق الحالي، أو بالحدّ الأدنى منع الآخرين من تحميل المسيحيين مسؤولية الفراغ واعتبار الخلاف في ما بينهم مانعاً لانتخاب رئيس للجمهورية”. إلا أن البطريرك ليس على ثقة بأن اللقاء سيولّد مناخاً توافقياً بين الافرقاء المسيحية، على آلية لمقاربة الملف الرئاسي، خصوصاً أنه مطّلع على مواقف كل منها. رغم ذلك، لم يوقف البطريرك محرّكاته باتجاه بقية القوى السياسية، وهو بعث أمس برسائل إلى عدد منها، أبرزها حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ضمّنها لائحة بأسماء 16 مرشحاً للرئاسة، بما فيها الأسماء الـ11 التي سبق أن جمعها الموفد البطريركي المطران أنطوان بو نجم (جوزيف عون، سليمان فرنجية، ميشال معوض، إبراهيم كنعان، جهاد أزعور، زياد بارود، روجيه ديب، صلاح حنين، جورج خوري، فريد الياس الخازن ونعمة افرام)، إضافة إلى أربعة أسماء جديدة عرف منها الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، ورجل الأعمال المقيم في الولايات المتحدة فيليب زيادة الذي تردّد أنه طرح كتسوية في حوار جانبي غير مباشر بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وعُلم أن الراعي أرفق لائحته بدعوة “الشركاء في الوطن”، إما إلى إضافة أسماء جديدة على اللائحة أو إرسال لائحة موجزة من ثلاثة أسماء. وقد كان جواب بري وحزب الله أنهما يدعمان ترشيح فرنجية، وليسا في وارد الدخول في لعبة الأسماء المفتوحة.
وكان الراعي بحث الملف الرئاسي مع السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وكان لافتاً أن الراعي عقد خلوة خاصة مع غريو بعد اللقاء الموسع في حضور المساعدين. وقد أبلغت السفيرة الفرنسية البطريرك الماروني أن بلادها تواصل مساعيها للوصول إلى تسوية، وأن البحث في ترشيح فرنجية قائم، وأن النتيجة النهائية رهن تطورات الفترة المقبلة.
وفيما يعمل الفرنسيون على فكرة المقايضة القائمة على انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل ضمانات تشتمل على تشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات واسعة يرأسها السفير السابق نواف سلام، قال معارضون للفكرة إن فرنسا تريد إفهام حزب الله وفرنجية على وجه الخصوص أنها بذلت أقصى ما يمكنها قبل أن تعلن الانتقال إلى خطة أخرى. وألمح هؤلاء إلى أن باريس تواجه معارضة واضحة من واشنطن والرياض وحتى من الدوحة، وهو ما تنفيه وقائع صلبة حملها فرنجية معه من باريس.
وبحسب الصحيفة، تقاطعت مصادر من التقوا الخليفي أمس أنه “تناول الأزمة اللبنانية بشكل عام، من دون الدخول في أسماء، ولم يطرح أي مبادرة، بل كانَ مستمعاً وفي موقع استطلاع الآراء أكثر من إعطاء الرأي”. ولم يلمس أحد من زيارته أكثر من “محاولة الدوحة التحضير لدور ما يُمكن أن تلعبه في المرحلة المقبلة بما ينسجم مع الموقف الخليجي، تحديداً السعودي”. إذ إن أكثر ما ركّز عليه الخليفي هو “انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد ويُمكن أن يعيد العلاقات مع الدول الخليجية إلى سابق عهدها، لأن انتخاب رئيس لا يحظى بثقة هؤلاء وتحديداً الرياض سيعيق وصول الدعم العربي إلى لبنان”. كما شدّد على ضرورة التوصل إلى تفاهم على كثير من العناوين بين اللبنانيين حتى يمكن للدول المانحة تقديم المساعدات.
لكن مصدراً واسع الاطلاع أكّد أن الوزير القطري أشار على هامش أحد اللقاءات إلى أن بلاده لا تزال تعتقد بأن قائد الجيش العماد عون هو المرشح الأنسب للرئاسة، وأن على المسيحيين التوحد خلفه منعاً لاختيار الآخرين رئيساً. كما أعرب عن اعتقاده بأن الإدارة الفرنسية للملف اللبناني تحتاج إلى تقويم، وأن الاجتماع المقبل لدول اللقاء الخماسي هدفه القيام بهذا الأمر.
وعُلم أن الوزير القطري فوجئ بأن بعض من التقاهم في بيروت بادروه من تلقاء أنفسهم بإبلاغه رفض فكرة المقايضة، والتشديد على رفض ترشيح عون، وقارب بعضهم الأمر من زاوية أنه لم يعد مناسباً أن يكون كل قائد للجيش مرشحاً حكمياً للرئاسة، إضافة إلى أن العماد عون لا يملك قدرات تمكنه من قيادة البلاد، وقد ارتكب أخطاء كثيرة في إدارة المؤسسة العسكرية، وهو لا يظهر مرونة في التعامل مع الآخرين وتنقصه التجربة السياسية.
Discussion about this post