شبكة أخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، بوقف كل المُساعدات والمعونات إلى نيجيريا، إذا استمرت حكومتها في السماح بقتل المسيحيين… وأضاف: “رُبما نتوجه إلى نيجيريا بقوة، للقضاء على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع المروعة”. كما وجه ترامب وزارة الحرب، للاستعداد لأي عمل مُحتمل، مستطردا: “إذا هاجمنا فسنُهاجم بسرعة وشراسة، كما يُهاجم الإرهابيون مسيحيينا”.
ويبدو أن أعضاء الكونغرس، وعلى رأسهم السيناتور الجمهوري إدوارد رفائيل كروز (المعروف بتيد كروز)، كان واحدا من الشخصيات الأساسية التي أدت دورا أساسيا في تصريحات ترامب. فمن هو كروز؟ وما هي سياسته؟.
ولد كروز في 22 كانون الأول 1970، في مدينة كالغاري (مقاطعة ألبرتا الكندية)، من أُم أميركية وأب ينحدر من أصل كوبي، لجأ إلى الولايات المُتحدة في بداية شبابه. وانتقل تيد كروز، مع أُسرته، في سن الرابعة، للعيش في مدينة هيوستن (ولاية تكساس).
ويُعد كروز أحد أبرز وجوه اليمين المُحافظ في أميركا، ويتميز بفصاحة في الكلام، وببلاغة وأُسلوب واضح. ويبني إستراتيجيته السياسية على الدعم الذي تمنحه له التيارات الدينية المُحافظة، داخل “الحزب الجمهوري”، نظرا إلى مُساندته القضايا الاجتماعية، ومعارضته زواج المثليين وقضايا الإجهاض، ومواقفه المُتشددة تجاه قضايا الهجرة غير النظامية. ويُتهم في هذا الصدد، بأنه يستغل غضب الأميركيين من النُخبة السياسية، للمُزايدة الإعلامية في تلك القضايا، وبخاصة قضية الهجرة غير الشرعية.
وأعلن كروز ترشُحه إلى الرئاسة في آذار 2015، لمواجهة مُرشحين آخرين، ونيل بطاقة الترشيح من “الحزب الجمهوري”. وقد احتدمت المُنافسة بين ترامب وكروز، للفوز بترشح الجمهوريين…
وينتقد الأخير في شدة، سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، المُتعلقة بالضرائب. وهو لا يخفي عزمه فرض ضرائب عالية. كما ويُجاهر بسعيه إلى القضاء على “مشروع الرعاية الصحية”، وبالدفاع عن المسيحيين الأميركيين، في مُواجهة ما يصفه بـ”خطر التفكك الذي يطرحه الديمقراطيون”. وكذلك يُدافع كروز عن “حق الأميركيين في امتلاك السلاح”.
على المُستوى الخارجي، وعد كروز بالقضاء على “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش)، باستعمال “وابل من القنابل”، قائلا إن على بلاده إعطاء الأولوية لمُكافحة ذلك التنظيم، بدلا من السعي إلى تغيير أنظمة حكم في الخارج.
وكذلك يُعارض استقبال بلاده اللاجئين السوريين، ويُطالب بإعادة توطينهم في “بلدان عربية وإسلامية”. ولا يُؤيد كروز تدخُلا عسكريا أميركيا في سوريا، ويُطالب بإقامة منطقة حظر طيران شمال سوريا، وتسليح الأكراد، لـ”مُواجهة تنظيم الدولة”.
وفي المُقابل، يُعتبر كروز مُدافعا قويا عن “إسرائيل”، ويُعارض في شدة الاتفاق النووي المُبرم مع إيران. كما ويصف التقارب الأخير بين الولايات المتحدة وكوبا بأنه “خطأ مأساوي سيذكره التاريخ”. وتُوجه إليه انتقادات بسبب خلافاته وتوتراته مع عدد من الأعضاء الجمهوريين، داخل الحزب، الذين يُشككون في قدرته على تولي منصب الرئاسة، ويتهمونه بالانتهازية، وتغيير المواقف بحسب المزاج العام، فيما يُسميهم هو “تجمع الاستسلام”.
وقد أُثير جدل كبير في شأن أهليته للترشح إلى سباق الرئاسة الأميركية، لكونه ولد في كندا ويحمل جنسيتها.
وجاء في الدستور الأميركي في هذا الإطار: “لا يجوز لأي شخص سوى المُواطن الأميركي المولد، أو مُواطني الولايات المتحدة في وقت إقرار هذا الدستور، أن يكون مؤهلا لمنصب الرئيس”. ولكن وسائل الإعلام الأميركية تفيد بأن كروز تخلى عن جنسيته الكندية، في 14 أيار 2014، قُبيل دُخوله سباق الانتخابات الرئاسية.
المسألة النيجيرية
بالعودة إلى المسألة النيجيرية، فقد أصدر كروز نهاية الأسبوع الماضي، بيانا يشكر فيه الرئيس ترامب، على تدخله “الحازم” في نيجيريا. ويشيد به مُطالبا بـ”مشروع قانون في الكونغرس”، يُعاقب “المسؤولين النيجيريين”، مُحملا إياهم المسؤولية عن استهداف المسيحيين هناك وقتلهم…
إشارة إلى أنها المرة الثانية التي يُظهر فيها ترامب “غضبه” مما يُجرى في نيجيريا البالغ عدد سكانها 232،7 مليون نسمة في العام 2024، وفقا لأحدث الأرقام السُكانية والتوقُعات بحسب Trading Economics، ونصف هؤلاء من المسييحين. وقد تم استهدافهم مرارا ضمن عمليات مُسلحة بين القُوات الحُكومية ومُسلحين تقول الولايات المُتحدة إنها “مجموعات إسلامية إرهابية”.
وقد انتقد ترامب في تحذيره الثاني “المذابح” التي يتعرض لها المسيحيون في نيجيريا.
ولترامب هذا الأسلوب في مواجهة المسائل الدولية الشائكة، فثمة تصريحات له تجاه كولومبيا وفنزويلّا، فُسرت في حينها أنها “إنخراط مُباشر في الحرب”… غير أن هذا التوصيف ما كان دقيقا!.
وأما نيجيريا فهي من الدُول التي رفضت أن تكون ملاذا أو وجهة لترحيل مُواطنين من دُول ثالثة إليها، مُعلنة رفضها أي اتفاق مع الولايات المتحدة في هذا الشأن، فيما قبلت بالاتفاق دول أفريقية أُخرى مثل غانا، أوغندا، رواندا، مملكة السواتيني وجنوب السودان…
كما وثمة نقاط خلاف بين الولايات المُتحدة وأبوجا في هذا الشأن.
ونيجيريا من الدُول التي أدرجها ترامب على قائمة “مُراجعة شروط ومُحددات الدخول بالنسبة إلى الزوار والأعمال”. وقد بدأت السفارة الأميركية والمصالح القُنصلية الأميركية فعلا، بتصعيب إجراءات التأشيرات بالنسبة إلى مواطنين من نيجيريا…
إضافة إلى ذلك، يتشدد ترامب عادة، في موضوع “استهداف المسيحيين” في داخل الولايات المتحدة وخارجها، مُسجلا في ذلك نقطة مُشتركة مع تيد كروز…
ويرى ترامب أن من مسؤولية الولايات المُتحدة حماية المسيحيين في “حُريتهم في مُمارسة مُعتقداتهم الدينية”، ما ينسجم تاليا مع “سياسة مُحاربة العداء للمسيحيين”، وهذا الموقف ينسجم أيضا مع السواد الأعظم من الأميركيين الذين منحوا ترامب صوتهم في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
… ومسألة الغاز
إنها عوامل عدة دفعت بترامب إلى موقفه عالي النبرة من المسألة النيجيرية الشائكة. ولا بُد من الإشارة في هذا السياق، إلى أن نيجيريا هي من أكبر الدُول المُصدرة للغاز الطبيعي في العالم. كما وأن لترامب علاقة خاصة مع الدول النفطية التي لا تُعتبر حليفا للولايات المُتحدة مثل نيجيريا وفنزويلّا…
وفي انتظار تطور الأُمور، ثمة إشارة إلى أن الولايات المُتحدة ستتدخل في الشأن النيجيري، عبر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (Africo)، ولكن الأمر لن يكون أبعد مما تقوم به الولايات المُتحدة الآن في فنزويلّا أو في البحر الكاريبي.
ومن المُرجح أن يقتصر الأمر على إرسال تعزيزات إلى المنطقة، ورُبما توجيه ضربات خاطفة إلى بعض “المجموعات الإسلامية” المُتطرفة من وجهة نظر واشنطن. وقد وجه ترامب أعضاء من الكونغرس بأن “يبحثوا أكثر في هذا الموضوع”. وألمح إلى إمكان وضع نيجيريا على قائمة الدُول التي “تستدعي قلقا خاصا”.
ويبقى السؤال: لماذا نيجيريا الآن دونًا عن مُحيطها، فيما بوركينا فاسو مثلا، مُحتلة بنسبة 40 في المئة من أراضيها، من الجماعات المُتطرفة التي تُعاني منها النيجر أيضًا؟.
النشرة












Discussion about this post