هل كان بشار الأسد عميلاً وخائناً ، أم غبيّاً وجاهلاً ؟

اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net

هذا السؤال الجدلي موضع بحث ونقاش بين كثير من السوريين ، فمنهم من يرى بشار الأسد عميلا باع البلد ، ومنهم من يراه غبيا ضيّعه .

بشار قذف به القدر إلى طريق الحكم بعد موت شقيقه باسل ، فأنشأ حافظ الأسد فريقا سياسيا وأمنيا لتهيئة بشار للحكم وتدريبه ، رغم اعتراض والدته على ذلك لأنها تعرفه أكثر من الجميع ، فهو حسب رأيها ضعيف الشخصية ، انطوائي ، مزاجي ، ولا يصلح لقيادة البلد ، ولكن كان قرار الأب هو النافذ ، فتمّ تسريح أو إحالة معظم الشخصيات القوية العسكرية والأمنية إلى التقاعد ، خوفا من اعتراضها بعد وفاة حافظ ، على تسليم الحكم وتوريثه لبشار .

 قبل استلامه الحكم تم تسويقه إعلاميا وشعبيا وعربيا ودوليا على أنه الخلف ، وأنه شخص إصلاحي وعصري وانفتاحي ، وصدّق الجميع ذلك إلا ما رحم الله ، وعند وفاة أبيه ، قبلوا به حاكما لسورية ، وبدأت الوفود مهنئة ومباركة له ، فحاول في البداية تخفيف القبضة الأمنية وإطلاق الحريات لفترة قصيرة سرعان ما انتهت بتوصية من مستشاريه وضباطه الأمنيين ، فنفر منه الغرب ، ثم بدأت حرب العراق فتدخل بها عبر السماح لآلاف المقاتلين بالعبور من سورية لقتال الأميركيين في العراق فكان من تداعيات ذلك صدور قانون محاسبة سورية الذي صدّق عليه الكونغرس في أواخر عام ٢٠٠٣م ، ثم أصر على التمديد للرئيس اللبناني إميل لحود رغم معارضة المجتمع الدولي وخاصة أميركا وفرنسا ، إضافة للدول العربية وبشكل أساسي السعودية ، عدا عن معارضة كثير من اللبنانين ،  فصدر قرار من مجلس الأمن هو القرار ١٥٥٩ تحت البند السابع الذي دعا إلى سحب القوات السورية من لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ،  فجاء بعدها اغتيال الحريري ، وتشكّل ضغط دولي كبير على سورية ، وشكلت لجان تحقيق دولية لمعرفة من اغتال الحريري في بيروت الواقعة تحت السيطرة السورية أمنيا آنذاك ، وعلى أثر الضغوط وتنفيذا للقرار الدولي انسحبت القوات السورية من لبنان بعد ٢٩عاما من وجودها فيه ،  وفي عام ٢٠٠٦م وقعت حرب تموز وبعد نهايتها وصف بشار العرب بأنصاف الرجال وانتقد السعودية بشكل خاص فساءت علاقتها مع سورية .

 وصلت علاقته بقطر وتركيا إلى حدود عليا ، حتى فتحت الحدود بين تركيا وسورية وأزيلت الألغام المزروعة بينهما ، وصارت تركيا وقطر تمرحان وتسرحان في سورية كيفما شاءتا ، وتوسطتا لجماعة الإخوان المسلمين السورية ، فقد كانت تركيا وقطر تعملان على اختراق ليس فقط القيادة السورية ومسؤوليها بل الشعب والمجتمع ، وهذا ما جعل تأثير قطر وتركيا كبيرا في مجريات الأحداث السورية منذ بدايتها ، كما يقال : احذر عدوك مرة ، وصديقك ألف مرة ، لأن الصديق يعرف مكامن الضعف ويعرف كيف ومتى وأين يطعن .

كان واضحا أو اتضح لاحقا أن حمد واردوغان كانا يضحكان على بشار ويستغلانه ويجهزان أمرا ما في ليل .

كانت حركة حماس وقيادتها في سورية لها شأن كبير لا يقال لهم لا ، يأخذون ما يطلبون ويفعلون ما يريدون ، فكانت أول من تنكر له وغدر به.

ثم بدأت الأحداث في سورية في العام ٢٠١١م ، وبدأت الدولة تفقد مناطقها منطقة تلو المنطقة إلى ان جاء التدخل الروسي في العام ٢٠١٥م فأعاد السيطرة على كثير من المناطق الخارجة عن السيطرة ، بحلول العام ٢٠١٨م كانت الدولة قد عادت قوية ومسيطرة .

كان في بداية الأحداث أطلق الإسلاميين المتطرفين من السجون لإضفاء صبغة إسلامية متطرفة على الأحداث فشكلوا ألوية وجيوشا قضت عليه في نهاية الأمر.

كان يعتقد بشار نفسه مثل عبد الناصر ، صوت العروبة ، وبدأ يُنظّر على العرب بخطاباته الطنانة ،

الحق لا يتجزّأ كذلك الأخلاق ، فإذا حدثتني عن السيادة والكرامة والاستقلال والمقاومة ، وأنت تسلب شعبك سيادته على نفسه وتهين كرامته ، وتفقده استقلاله ، وتقاوم كل صوت معارض أو ناقد لك كيف سأصدقك . تحدثني عن مكافحة الفساد وأخوك وعائلتك وزوجتك والمقربون منك مثال ساطع عن الفساد . تبني لننفسك مئات التماثيل وتحدثني عن التواضع !؟.

بالعودة إلى مرحلة وجوده في بريطانيا التي تعرّف فيها على أسماء الأخرس ، من المفيد أن دراسة ابن رئيس كحافظ الأسد في وقتها ، كان سيلفت بالضرورة نظر المخابرات البريطانية ، وربما عملت على دفع أسماء الذكية ، الجميلة ، باتجاهه ، بعد تحليل نفسيته وشخصيته ، فوصلت إلى قناعة بإمكان السيطرة عليه عن طريق هذه الفتاة ، وتزويجه إياها ، ومعروف عن المخابرات البريطانية عقلها البارد والصبور ومخططاتها البعيدة التي لا تنضج او تستخدم إلا بعد عشرات السنين .

لونا الشبل التي اخترقت القصر الجمهوري وتدخلت في سياسات الدولة الخارجية ، والداخلية ، حتى الأمور العسكرية تدخلت فيها ، وكان المخابرات بتقاريرها حذرت منها ومن دورها في تسريبات المعلومات إلى جهات خارجية ولكن صاحب الغرام لم يصدق أو صدق ولم يفعل شيئا .

فقد كانت تعين وزراء وتعزل وزراء ، وهي مجرد مذيعة ، قارئة أخبار ، آتية من قناة الجزيرة إلى القصر الرئاسي دفعة واحدة ، فأدنى اعتبارات الأمن يقتضي الشك بها ومراقبة سلوكها .

بشار الأسد لم يكن خائنا ولا عميلا ، بل كان غبيا وجاهلا ، قصير النظر ، كان ما يزال يعيش في العام ٢٠٠٠م وقت تسلمه الحكم ولم يغادر تلك المرحلة فكريا ، لم يقتنع أن الشعب تغير والدول تغيرت والسياسات تطورت ، كان مقتنعا أنه قائد كبير ، ومحبوب الشعب ، ورئيس مقاوم ، كان من حوله يزين له ذلك .

بشار كان أسير مستشاريه الجهلة منهم والخبثاء .

بشار كان شخصا أعمى دفعه من خلفه إلى الهاوية .

كان الذي حوله يلعبون ويعملون على تضخيم اناه والنفخ فيه حتى أعتقد أنه من أساطين السياسة .

فقد كان يقرب من يمدحه ويثني عليه ويبعد من ينتقده ويصحح له تفكيره من ناحية السياسات .

كان معروف عنه أنه بخيل وأناني وحسود ، وكان يكره القراءة ، وكان كذّابا من الدرجة الأولى .

بشار كان متآمرا على نفسه قبل تآمر الآخرين من حيث لا يدري .

ولا يمكن أن تنجح مؤامرة إذا لم تتوفر أرضية خصبة لنموّها ، وكانت سياسات النظام الغبية أكثر من ساعد الآخرين لنفيذ مؤامراتهم وتحقيق أهدافهم .

سورية بشكلها اليوم نتيجة ، وأسبابها سياسات نظام الاسد .

بشار كان غائبا عن الوعي ، يعيش في زمن سابق ، منفصل عن كل حكمة ومعرفة ، متصل بكل جهل وغباء .

بشار قبل هروبه بربع ساعة كان يُفكر بتوريث ابنه حافظ .

الفرص التي أتيحت لبشار لإصلاح الاوضاع في سورية واستمراره بالحكم لم تُتح لأحد .

لو كان ذكيا لما رهن نفسه للروس والإيرانيين فباعوه عند أول صفقة رابحة .

لو كان ذكيا كان دعم جيشه الذي قاتل معه ودافع عنه ، كان دعم الشعب الذي وقف معه وناصره ، كان أزال القبضة الأمنية ، كان امتثل للحل السياسي وفق القرار الدولي ٢٢٥٤ كان حرّك المياه الراكدة ، كان استغل الفرص التي قدمت له ولم يغلق الأبواب التي فتحت أمامه ، ولكن بقي على عناده بمشورة مستشاريه وبغبائه اللامحدود ، فحصد نتيجة ذلك لعنة التاريخ إلى الأبد .

أقول كخلاصة :

لو كان بشار عميلا لما كان خطره كبيرا ولما كان سقوطه مُدويا ، كان عميلا من غير أن يدري ، كان غباؤه أسوأ من العمالة ، العملاء أذكياء وبشار غبي ، كانت سياسته الغبية أدهى من أي عمالة ، وفي النهاية كان ضحيّة جهله .

بقلم : أسعد صالح