اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
شبكة وموقع أخبار سوريا والعالم – خاص |
بات السوريون على موعد ثابت مع بداية كل شهر، حيث يشهدون انخفاضًا جديدًا في قيمة عملتهم الوطنية أمام العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، حيث فقدت الليرة السورية، وللشهر الثاني على التوالي، نحو 10% من قيمتها، في مشهد اقتصادي توقعه خبراء واقتصاديون منذ أن أقرت الحكومة السورية زيادة الرواتب بنسبة 200% للعاملين في الدولة.
ويجمع خبراء الاقتصاد على أن هذا السيناريو مرشح للتكرار مطلع كل شهر، ما لم يحدث تحول حقيقي وجدي في بنية الاقتصاد السوري، عبر إصلاحات هيكلية تحد من مخاطر التضخم وتفتح الباب أمام انطلاق الإنتاج الفعلي في القطاعات الصناعية والزراعية.
وفي هذا السياق، قال الاقتصادي محمد سرميني لشبكة “أخبار سوريا والعالم: مع الأسف، تحولت عملتنا الوطنية إلى مجرد سلعة، يرتفع سعرها عندما يقل عرضها في السوق، والعكس صحيح”، مشيرًا إلى أن تهاوي قيمة الليرة السورية مطلع كل شهر، بالتزامن مع صرف رواتب الموظفين والعاملين في الدولة، أمر طبيعي ومتوقع، خاصة وأن استقرار سعر الصرف خلال الأشهر الأربعة الماضية لم يكن حقيقيًا، بل نتيجة نقص السيولة في الأسواق السورية.
ويضيف سرميني أن زيادة الرواتب الأخيرة، والتي رفعت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، ضاعفت مرتين حجم المبالغ التي تضخها الدولة مطلع كل شهر بالليرة السورية، ما أدى إلى تراجع فعالية الإجراءات الحكومية النقدية والمالية، وعلى رأسها سياسة حبس السيولة في البنوك، حيث لا يزال سقف السحب الأسبوعي من المصارف محددًا بـ200 ألف ليرة سورية فقط. وقد ظهرت آثار ذلك بوضوح في تراجع قيمة الليرة أمام الدولار.
وبحسب تصريحات رسمية ومصادر اقتصادية سورية، فإن الكتلة المالية التي يتم ضخها في الأسواق بعد قرار زيادة الرواتب تُقدّر بحوالي 1.65 تريليون ليرة سورية.
استمرار تراجع الليرة وفشل الحكومة في كبح هذا الانحدار دفع خبراء واقتصاديين إلى التشديد مجددًا على ضرورة تسمية الأمور بمسمياتها دون مواربة، والابتعاد عن المصطلحات الرنانة، داعين إلى الإسراع في اتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية توقف هذا التدهور، خاصة بعد أن ثبت فشل سياسة حبس السيولة في تحقيق ذلك.
وفي هذا السياق، كتبت الدكتورة لمياء عاصي، الوزيرة السابقة في الحكومة السورية، على صفحتها في فيسبوك: من البداهة القول بأن العمليات النقدية هي التعبير عن النشاط الاقتصادي، ومن المستغرب التفاخر بضبط العمليات النقدية واستقرار سعر الصرف”، متسائلة: “ما قيمة استقرار سعر الصرف في ظل استمرار تقييد السيولة، ولم يكن مدفوعًا بالتبادل الاقتصادي الحقيقي؟”
الواقع الاقتصادي الحالي يضع السلطات الاقتصادية والمالية والنقدية في سوريا أمام مسؤوليات وتحديات جسيمة، تهدف إلى وقف انهيار الليرة السورية أمام الدولار، والحفاظ على الوضع المعيشي المتردي أصلًا، خاصة بعد أن ارتفعت أسعار معظم المواد الغذائية والاستهلاكية بنسب وصلت إلى 30% خلال الأسبوع الجاري، الذي يستعد فيه السوريون لتأمين مستلزمات المدارس من قرطاسية وملابس وأحذية لأبنائهم، قبيل بدء العام الدراسي في 21 من الشهر الجاري.
وفي المحصلة، تتفق الآراء على أن استمرار فرض العقوبات الدولية على سوريا، ولا سيما بعد رفض الكونغرس الأمريكي إلغاء قانون قيصر، سيزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي، ما يفرض على الحكومة السورية ضرورة اتخاذ سياسات وإجراءات اقتصادية عاجلة، تضمن زيادة الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، باعتباره المدخل الحقيقي والأساسي لإنعاش الاقتصاد الوطني وتجاوز آثار العقوبات الدولية.












Discussion about this post