اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
لم تكن البلوغر شوق العنزي الحالة الأولى في سلسلة من الشابات اللواتي انتقلن من عالم الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ملفات جنائية تهز الرأي العام، إذ تثير هذه الجرائم المتكررة تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراءها، وما إذا كانت مجرد حوادث فردية أم أن هناك نمطًا من الاستهداف الممنهج.
تفاصيل الجريمة
عثرت الشرطة العراقية، يوم الثلاثاء، على جثة شوق العنزي داخل شقة سكنية في حي العدل غرب بغداد، بعد تعرضها لهجوم بآلة حادة أدى إلى وفاتها. وبعد تحريات سريعة، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على القاتل في محافظة الأنبار بعد محاولته الفرار.
ووفق مصادر أمنية، فإن الجاني شاب يبلغ من العمر 22 عامًا، وكان بحوزته سلاح ناري لحظة القبض عليه، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بعد توقيفه.
سلسلة من الجرائم ضد المؤثرين
هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، حيث شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في جرائم استهداف المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي في العراق، ما يعكس بيئة أمنية غير مستقرة ومناخًا مشحونًا ضد المؤثرين، خاصة النساء.
في العام الماضي، تعرضت البلوغر “أم فهد” للقتل رميًا بالرصاص أمام منزلها في زيونة ببغداد، وذلك بعد أشهر قليلة من مغادرتها السجن إثر اتهامها بنشر محتوى مثير للجدل.
كما شهدت العاصمة العراقية مقتل نور BM في حي المنصور، وهي جريمة وصفت حينها بأنها رسالة تحذيرية لمجتمع المؤثرين الرقميين. أما في دهوك عام 2022، فقد اهتزت المحافظة على وقع جريمة قتل الناشط دوسكي آزاد على يد شقيقه، بزعم “دوافع الشرف”.
أبعاد اجتماعية وأمنية معقدة
ترى الناشطة والحقوقية أنوار الخفاجي أن تصاعد وتيرة استهداف المؤثرين، خصوصًا النساء، يكشف عن بيئة اجتماعية وأمنية مقلقة، حيث تتعرض هؤلاء النساء لموجة انتقادات شرسة بسبب محتواهن الذي يعتبره البعض خارجًا عن القيم المجتمعية.
وأضافت في حديثها لموقع “إرم نيوز” أن بعض الجماعات المسلحة تلعب دورًا في ملاحقة المؤثرين الذين يعبرون عن آراء جريئة أو يطرحون قضايا حساسة، في ظل غياب قوانين تحميهم من الاستهداف، ما يدفع العديد منهم إلى التزام الصمت خوفًا من المصير ذاته.
خطاب الكراهية في الفضاء الرقمي
يرى خبراء أن هذه الجرائم لا يمكن فصلها عن تصاعد خطابات الكراهية والتهديد ضد النساء في الفضاء الرقمي، حيث أصبحت الشهرة في مواقع التواصل سلاحًا ذا حدين، قد يقود صاحبه إلى مصير مأساوي.
وعلى الرغم من الجهود الأمنية، لم تنجح السلطات العراقية في حل كثير من هذه الجرائم، إذ بقيت بعض القضايا مفتوحة دون تحديد الجناة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت عمليات الاستهداف تحمل طابعًا فرديًا أم أنها مخططة من قبل جهات نافذة.
“جرائم ممنهجة”.. أم عمليات تصفية؟
يذهب العميد المتقاعد سلمان الزبيدي إلى أن هذه الحوادث لم تعد مجرد جرائم عشوائية، بل تحمل نمطًا أمنيًا واضحًا، حيث يبدو أن هناك جهات تراقب، تختار، ثم تنفذ عمليات القتل بأسلوب احترافي بعيدًا عن الأنظار.
وأضاف في تصريح لـ**”إرم نيوز”** أن بعض الجناة تلقوا تدريبات على التمويه والملاحقة، وهو ما يعقد جهود الأجهزة الأمنية في كشفهم، خاصة مع اختيار توقيت ومكان الجريمة بعناية، ما يدل أحيانًا على معرفة استخبارية بحياة الضحية.
وأشار إلى أن بعض ملفات هذه الجرائم لا تُفتح بالكامل بسبب حساسية الجهات المتورطة فيها، ما يؤدي إلى تقييد القضية بمتهم واحد، رغم احتمال وجود شبكة أكبر وراءها.
مراقبة المحتوى وتضييق الخناق على المؤثرين
إلى جانب التهديدات الجسدية، يواجه المشاهير في العراق تحديات قانونية ومجتمعية تتعلق بالمحتوى الذي يقدمونه، خاصة في ظل حملات حكومية لمكافحة ما يسمى بـ “المحتوى الهابط”.
وتنفذ هيئة الإعلام والاتصالات حملات لملاحقة بعض صناع المحتوى، حيث يُعتقل البعض بتهم الإساءة إلى القيم والتقاليد، ويُحكم عليهم بالسجن لعدة أشهر مع غرامات مالية، ما يثير الجدل حول حدود حرية التعبير على الإنترنت.
الخلاصة
بين التهديدات الأمنية، والتضييق القانوني، وخطاب الكراهية المتصاعد، باتت الشهرة في العراق رهانًا خطيرًا قد يكلف أصحابها حياتهم، في ظل بيئة أمنية متوترة ونظام عدالة غير قادر على مواكبة التحولات الرقمية وتهديداتها الجديدة.
إرم نيوز
Discussion about this post