اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
تبدو نظرة تل أبيب إلى التطورات في سوريا قد تحولت من فرصة إلى تهديد، رغم أن إسرائيل لا تزال تراهن على بعض الديناميكيات التي قد تحقق مصالحها الأمنية، مثل نجاح الجماعات المسلحة في إشغال المحور المعادي لها في إيران والعراق ولبنان، ما يتيح لها تحصين مواقعها الدفاعية إلى جانب الجيش السوري بعيداً عن مناطق نفوذها. وفي ظل انشغالها بالحرب المستمرة على الساحة الفلسطينية، بالإضافة إلى محاولاتها تحقيق مكاسب في لبنان بعد وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل مراقبة التطورات في سوريا وتعمل على التأثير فيها، مع استعدادها لأية تداعيات سلبية قد تطرأ.
من جانب آخر، بينما لا تشكل الوجود الروسي أو دعمه للجيش السوري تهديداً مباشراً لإسرائيل، فإن القلق الإسرائيلي يكمن في احتمال تدخل إيران وحلفائها بشكل أكبر. دعمهم للجيش السوري قد يتطلب زيادة في العتاد العسكري والعدد، مما قد يسهم في تعزيز قدرات “حزب الله” بشكل أسرع بعد الحرب. هذا الوضع يفرض على إسرائيل البحث عن سبل لمنع إعادة ترميم قدرات الحزب، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تدفق الأسلحة إلى سوريا عبر إيران والعراق، مما قد يعزز قدرة “حزب الله” على إعادة بناء مخزونه العسكري.
فيما كانت إسرائيل في البداية تأمل بأن يتركز اهتمام إيران وحزب الله على الساحة السورية، تحول الآن هذا الأمل إلى قلق من أن يؤدي تدفق العتاد والعديد إلى سوريا، عبر العراق وإيران، إلى تسليح “حزب الله” مجدداً في لبنان. وقد تصبح الساحة اللبنانية هدفاً للدعم الإيراني، ما يعني أن إسرائيل قد تجد نفسها في مواجهة تهديدات متزايدة على جبهتي سوريا ولبنان.
في سياق هذه المتغيرات، اجتمع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في تل أبيب مرتين لمناقشة الوضع في سوريا والتوقعات المستقبلية. من بين السيناريوهات الأكثر احتمالاً، يرى البعض أن الوضع الميداني قد يتحول لصالح الجيش السوري وحلفائه، ما قد يؤدي إلى زيادة نفوذهم في سوريا، وهو ما يعد تهديداً مباشراً لإسرائيل.
في المقابل، لا يتم استبعاد سيناريوهات أخرى أكثر تطرفاً، مثل فشل الجيش السوري وحلفائه في التصدي للمسلحين، ما قد يؤدي إلى انتشار هذه الجماعات نحو مناطق أخرى في سوريا، بما في ذلك جنوب البلاد، وهو ما سيشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل.
رغم هذه التحديات، تتبنى إسرائيل مقاربة علنية تظهرها كطرف متفرج على الأحداث في سوريا، لكن الواقع يشير إلى دور رئيسي تلعبه إسرائيل في التأثير على الوضع هناك، بالتعاون مع الولايات المتحدة. فعلى الرغم من الادعاء بالحياد، فإن إسرائيل، عبر حليفها الأمريكي، تعد أحد المؤثرين الرئيسيين في تحريك الأحداث السورية.
كما أن ما يحدث حالياً في سوريا يشبه إلى حد كبير الوضع قبل سنوات، حيث كانت إسرائيل تمول وتدعم الجماعات المسلحة ضد الجيش السوري بينما تدعي أن دعمها يقتصر على “مساعدات إنسانية”. وفي حال حدوث المزيد من النجاحات للمسلحين ضد النظام السوري، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة للتدخل المباشر مجدداً. لكن هذا السيناريو لا يبدو مرجحاً في الوقت الحالي، وإن كانت تل أبيب تستعد له في حال تفاقم الوضع.
إجمالاً، تظل إسرائيل في حالة قلق مستمر أكثر من كونها في حالة أمل، حيث تنتظر ردود الفعل من الأطراف الأخرى في سوريا لتقييم مدى نجاح استراتيجياتها أو فشلها في التأثير على الوضع في المنطقة.
الأخبار
Discussion about this post