اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
تُعرف المناطق التي يستهدفها هجوم فصائل المعارضة في ريف مدينة حلب منذ سنوات بأنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لإيران عسكريا، وهو ما عكسته السنوات التي سبقت عام 2020 عندما زج “الحرس الثوري” بالكثير من القوات هناك على الأرض أو على صعيد الحادثة التي أسفرت، الخميس، عن استشهاد جنرال كبير يدعى، كيومارس بورهاشمي.
وتشير المعطيات على الأرض، بحسب ما قال صحفيون، إلى أن الهجوم ما يزال مستمرا ويأخذ شكل التقدم من محورين، الأول باتجاه أحياء حلب ثاني أكبر المدن السورية، والثاني باتجاه مدينة سراقب بريف إدلب، الواقعة على الأوتوستراد الدولي المعروف برمز “إم فور”.
ويوضح الخبير في الشؤون السورية في مؤسسة القرن، آرون لوند أن هذا النوع من الهجمات من قبل المعارضة أمر نادر الحدوث، في حرب لم تشهد سوى القليل من التحركات العسكرية في السنوات الأربع الماضية.
ويتوقع لوند في حديثه لموقع “الحرة” أن “تستجيب روسيا والحكومة السورية بقوة، ولكن الدور الأكثر أهمية قد يكون لتركيا”.
وسيكون من المهم محاولة فهم مستوى المشاركة التركية في هذا الهجوم، أو معرفة ما إذا كانت تركيا تتحرك لدعم المعارضة ومنع الهجمات المضادة المدعومة من روسيا، بحسب الخبير في مؤسسة القرن.
ومن ناحية يضيف أن “تركيا لديها أسباب لزيادة الضغوط الآن، ربما لكسر عملية التطبيع المتوقفة مع دمشق أو بناء النفوذ على الروس قبل عودة ترامب إلى منصبه في الولايات المتحدة”.
كما يميل الجانب التركي إلى تجنب الضغط غير الضروري على علاقتها مع موسكو، ومن المرجح أن تشعر بالقلق من أن اندلاع القتال بالقرب من حلب قد يرسل موجات جديدة من اللاجئين نحو الحدود التركية، بحسب ذات المتحدث.
ماذا يعني الهجوم لإيران؟
ولا يعتبر الجنرال الإيراني كيومارس بورهاشمي اسما عاديا في “الحرس الثوري”، بل وصفه الأخير بأنه “كبير المستشارين الإيرانيين” في مدينة حلب. ولم تعرف ظروف استشهاده سواء على خطوط الجبهات أو في جبهات خلفية، جراء القصف.
وكذلك الأمر بالنسبة لخان طومان المدينة التي سيطرت عليها فصائل المعارضة، صباح الأحد، وكانت الفصائل الحليفة لإيران كرست كامل ترسانتها العسكرية للسيطرة عليها في 2020 ولمرة واحدة في عام 2016.
كما كرست أنشطتها العسكرية بين عامي 2013 و2015 للسيطرة على مناطق استراتيجية أخرى، تتوزع على ريفي حلب الغربي والجنوبي، وبيد فصائل أبرزها “حركة النجباء”.
على الصعيد الرسمي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الخميس، إن “حلب وإدلب وريفاهما جزء من مناطق خفض التصعيد بموجب اتفاقية أستانا”، وإن “عملية الجماعات المسلحة خرق للاتفاق”.
واعتبر المسؤول الإيراني أن التحركات الأخيرة “تأتي ضمن مخطط أميركي إسرائيلي لزعزعة استقرار المنطقة”، على حد وصفه، وفي المقابل كان لافتاً خلال الساعات الماضية حالة توجس أبدتها فصائل تتبع لـ”الحرس الثوري” وتنشط في العراق، بينها “كتائب سيد الشهداء”.
وبعدما حذّر أمين عام هذه الكتائب، أبو آلاء الولائي على “إكس” من محاولات مشابهة لتوسعة رقعة الأحداث، قال: “يجب العمل بكل الوسائل لتجفيف منابع نشوئها”.
ويوضح الباحث السوري في شؤون جماعات ما دون الدولة، عمار فرهود أن إيران كانت تولي منذ زمن أهمية كبيرة للمناطق التي تهاجمها وتسيطر عليها فصائل المعارضة الآن.
ويشير في حديثه لموقع “الحرة” إلى قاعدتين تحظيان بأهمية كبيرة بالنسبة لإيران في محيط حلب.
الأولى هي بلدتي نبل والزهراء والثانية جبل عزان الذي يعتبر بمثابة المفتاح الجنوبي لأحياء حلب المدينة، على حد تعبيره.
منذ عام 2015 كانت منطقة جبل عزان ذات نفوذ إيراني.
ويضيف أن “خسارة المناطق المذكورة (القواعد) ستسفر عن خسارة مدينة حلب”، ويرى أن هذا السيناريو لن يكون بالأمر السهل، وهو ما نتذكره في المواجهات الكبيرة التي حصلت، منذ 2014 وحتى اليوم.
وكما يتابع الباحث الأول في مؤسسة “كور غلوبال” المختص في الشأن السوري، عروة عجوب فإن “معركة الفصائل المسلحة واحدة”، ويوضح أن هذه الجهات “لا تميز بين الإيراني والجيش السوري والحزب.
الكل بالنسبة لها عدو”.
ويوضح عجوب في حديثه لموقع “الحرة” أن “استشهاد المستشار الإيراني جزء من المعركة وهدف مشروع تم رصده والتعامل معه بشكل ما”.
وهذه المرة الأولى منذ 2020 التي تتغير فيها خرائط السيطرة في شمال غربي سورية.
ويحكم هذه المناطق التي تشمل محافظة إدلب وأجواء من محافظة حلب واللاذقية اتفاق كان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان أبرمه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الروسية.
وبحسب ما نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر تركية أمنية، الخميس، فإن هجوم الفصائل الآن في ريف حلب وإدلب يستهدف العودة إلى حدود عام 2019.
ويعني ما سبق استعادة السيطرة على الكثير من القرى والبلدات والمدن الواقعة في محيط الطرقات الدولية.
اللافت أن تقدم فصائل المعارضة يأتي بصورة متسارعة.
كما لم تستخدم روسيا ثقلها الجوي الكبير، كالسلوك الذي سبق وأن اتبعته في عدة عمليات عسكرية جرت في المنطقة.
وإضافة إلى كون مناطق ريف حلب الغربي والجنوبي تحظى بنفوذ للحزب كما تنتشر هناك أيضا فصائل أخرى، على رأسها “فاطميون” و”زينبيون”، بحسب الباحث السوري، فرهود.
ويشرح أن مناطق النفوذ الاستراتيجي القديم للحزب اللبناني وإيراني هناك “هي امتداد طبيعي لمعامل الدفاع التي يتم فيها بعض حالات التصنيع واستهدفتها إسرائيل عدة مرات”.
ويعتقد الباحث عجوب أن “المعركة الحاصلة الآن جاءت كنوع من استغلال الظرف الإقليمي”.
وتعتبر حلب عاصمة سورية الصناعية والمدينة الكبرى الثانية بعد دمشق.
ولا يستبعد عجوب أن حالة “استغلال الظرف” تتعدى حدود الإقليم وصولاً إلى روسيا المنشغلة في أوكرانيا، ويعتقد أيضا أن ما يحصل في شمال غربي سورية قد يكون محاولات استباقية مع قدوم دونالد ترامب.
ويوضح : “يكمن أحد تفسيرات الهجوم بأن تركيا تريد استغلال الفراغ الحاصل في أميركا بالسماح للمعارضة بتغيير خارطة الصراع.
لا يمكن أن يحصل هجوم بهذا الشكل الكبير دون موافقة ومعرفة من الجانب التركي”.
ويتصور عجوب أن “الأيام المقبلة ستكون حساسة جدا على مناطق شمال وشمال غربي سورية”.
وكالات بتصرف
Discussion about this post