اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
كم من الممكن أن تؤثر العاطفة والمشاعر والأحاسيس على الصحة الجسدية، ولماذا يعد الشخص غير السعيد أكثر عرضة للإصابة بالأمراض من غيره، هل فكرت بهذا السؤال من قبل؟
وكأبسط مثال على ذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من تشنج القولون، يتعرضون لآلامه في حال كانوا يشعرون بالحزن، أو بالتوتر تجاه موقف معين، وحتى إن أحبوا!!
وينطبق الموضوع ذاته على أمور أخرى، كالأشخاص الذين يتعرضون للجلطات نتيجة سماعهم لخبر مزعج أو محزن أو غير مرغوب، وكذلك ارتفاع وانخفاض الضغط والسكر جراء أحداث ومواقف نفسية قوية يمكن أن يكونوا قد تعرضوا لها، وهذا يؤكد العلاقة الوطيدة بين الصحة النفسية والعاطفية وصحة الجسد.
وقال الطبيب الاختصاصي بأمراض القلب د. الياس بركات لبرنامج “البلد اليوم” على “شام إف إم” إن الجسم يفرز هرمونات تُسمى بالـ “كاتيكولامينز” أو ما يُعرف بهرمونات الشدة، وذلك في أوقات الفرح أو الحزن الشديدين، ولكن تأثيرها عند الحزن يكون أقوى وأكثر حدةً وأذىً على القلب والشرايين.
حيث يفرز الجسم هذه الهرمونات بمحاولة منه للحفاظ على قوته ونشاطه عند الانفعال القوي، ما يؤدى إلى تسارع النبضات وزيادة التروية للعضلات، لتشكيل الحافز للجسم للقيام بواجبه جسدياً وعقلياً، وهي عندما تُفرز أثناء الفرح لا تؤذي نهائياً.
وبيّن د. بركات أن العواطف والمشاعر تؤدي إلى إفراز الهرمونات المختلفة بالجسم، ولذلك فإنه يتغير فيزيولوجياً عند المرور بالمواقف المختلفة، كالحب والكره والحماس وغيرها.
وأشار الطبيب إلى اكتشاف تشخيص عام 1980 في اليابان أسموه “تاكوتسوبو” ومعناها الحرفي في اللغة اليابانية هو السلة التي يتم من خلالها اصطياد الأخطبوط، وقد تم اكتشاف هذا التشخيص لدى الأرامل بعد فقدهن لأزواجهن، حيث كانوا يصابون باحتشاء بعضلة القلب خلال 6 أشهر بعد وفاة الزوج، وكانت أكثر انتشاراً لدى النساء فوق عمر الـ 60 عاماً.
حيث أوضح د. بركات أنه بعد وفاة السيدة، وفحص الجثة، يتبين أن الشرايين طبيعية وغير متضررة ولكن القلب يكون منتفخاً، وذلك ما يُعرف بـ “القلب المكسور”!
ومن جهةٍ أخرى أكد طبيب القلبية أن تأثر الصحة الجسدية بشكل عام وصحة القلب بشكل خاص يرجع إلى نوع الشخص، فالناس منقسمون إلى نوعين، أحدهم من يتوتر لأقل الأسباب والانفعاليين، وغالباً ما يتمتعون بالصدق والرغبة بالأفضل، وهم أكثر عرضةً للإصابة بالقرحات وتسرعات القلب، فيما يتمتع النوع الآخر باللامبالاة وعدم الاهتمام بتفاصيل الأمور.
كما أن النساء أكثر عرضة أيضاً من الرجال لهذه الأمراض لأنهن أكثر عاطفيةً وتأثراً بما يحصل حولهن، وارتكاسهن العاطفي يكون أكبر.
والتوازن بين هذين النوعين من الشخصية قد يكون الحل، حيث يجب التحكم بذلك، وفقاً لما قاله د. بركات، وهنا يكمن دور ممارسة التمارين الرياضية والالتزام بها.
كما ذكر الدكتور أن أبرز الأمراض التي تُصيب الإنسان في قلبه نتيجة التغيرات العاطفية، هي الخفقان، أو التسرّع بدقات القلب، ويُدعى داء “داكوستا”، لافتاً إلى أنه تم اكتشافه لدى جندي إيطالي في الحرب العالمية الثانية، حيث انتهت الحرب وبقي هذا الجندي يعاني من التسرع بدقات قلبه!
وأوضح د. بركات أنه ينصح الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض وليس لديهم أي أعراض عضوية، بأن يمارسوا الرياضة الحركية، أو يمشوا مشياً منتظماً لمدة نصف ساعة يومياً.
وكذلك كشف الطبيب أن من أبرز المشاكل التي تؤثر على صحة القلب في الوقت الحالي لدى الكثيرين هي قلة النوم، لافتاً إلى أن الإنسان الذي يحلم خلال نومه يتمتع بنوم هانئ وصحة جيدة، لأن الدماغ خلال فترة الأحلام يقوم بإعادة برمجة، مع استبعاد الكوابيس من ذلك، بالإضافة إلى التدخين بأنواعه، والعادات الغذائية السيئة.
وهناك أشخاص بحسب د. بركات يعانون من ارتفاع الضغط حتى أثناء النوم، وذلك يعود إلى زيادة الضغط والتوتر في حياتهم، وكذلك يلعب الاستعداد الوراثي دوراً في ذلك.
وعند سؤال الطبيب حول كيفية التعامل مع كبار السن في حال كان يجب إخباره أنباء سيئة أن يتم ذلك بالتدريج وبأسلوب هادىء قدر المستطاع وغير مباشر نوعاً ما.
وختاماً نصح الطبيب بركات أن يكون الإنسان متصالحاً مع ذاته ولا يحمّل الأمور أكثر مما تحتمله، وأن يُعطي نفسه وقتاً للراحة الجسدية والنفسية، ويمكن أن يكون المشي في الطبيعة مثالاً على ذلك!
Discussion about this post