اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
هاجسٌ كبير تعيشه إسرائيل في الوقت الراهن بشأن كيفية ضبط سلوك سوريا تجاه “حزب الله” خصوصاً أن دمشق ما زالت تؤمّن بشكلٍ أو بآخر خطوط الإمداد للحزب داخل لبنان.
عملياً، فإن “الجنون الإسرائيلي” إزاء هذا الأمر انسحب على الداخل اللبناني بالدرجة الأولى، فالغارات المكثفة التي طالت البقاع وبعلبك خلال يوم أمس، لا ترتبطُ فقط باستهداف المدنيين الأبرياء فقط، بل تحمل رسالة باتجاهين، الأول نحو سوريا والثاني نحو “حزب الله”.
بالنسبة لسوريا، تُعتبر منطقة البقاع “رئة اقتصادية”، وبالتالي فإن الإضرار بها وتطويقها سيعني بكل بساطة تطويق سوريا مُجدداً خصوصاً أن لبنان يمثل متنفساً لدمشق من البوابة الإقتصادية.
إن تم النظر قليلاً في هذه النقطة بالتحديد، سيتضحُ تماماً أن إسرائيل تسعى لوضع حدّ لهذا المتنفس بهدف التضييق على سوريا انطلاقاً من لبنان، والسبيل لذلك هو جعل منطقة البقاع مشلولة بالضربات المتزايدة والمتتالية.
عملياً، فإنّ إستهداف إسرائيل لمعبر المصنع الرئيسيّ بين لبنان وسوريا لا يؤدي فقط إلى عزل لبنان برياً، بل يساهم أيضاً في وقت حركة تبادل إقتصادي وتجاري مع سوريا، وبالتالي بروز خسائر إقتصادية ومالية سواء على صعيد المعابر الشرعية أو على نطاق المعابر غير الشرعية والتي تستفيد منها أطراف مختلفة.
ما يظهر وسط كل ذلك هو أن “التطويق الإسرائيلي” للبقاع له الأبعاد الإقتصادية بمعزل عن الأبعاد الأمنية، علماً أن إسرائيل تنفذ عمليات عسكرية ضد سوريا بهدف تطويق كل ما هو عسكري في الداخل تحت عنوان ضبط “حزب الله” ومنع توسعه عسكرياً.
رسالة إلى الحزب من ضربات البقاع
تاريخياً، يعتبر البقاع وتحديداً بعلبك، موئلاً أساسياً لـ”حزب الله” ومنبع انطلاقاته الأولى، في حين أنّ القصف الذي يطال هذه المنطقة بشكل مكثف يحمل إشارات مباشرة باتجاه إيران أيضاً التي كان لها دور كبير في تدريب النواة الأولى لـ”حزب الله” في معسكرات جنتا في ثمانينيات القرن الماضي.
الضربات في البقاع تعطي “حزب الله” إشارة إلى أن نشاطه هناك بات تحت الرصد، وهذا ما يود الإسرائيلي فعله أقله على صعيد قطع خطوط الإمداد.
أضف إلى ذلك، فإن إسرائيل لا تسعى فقط لاستهداف شريان “حزب الله” بينه وبين سوريا، بل تهدف أيضاً، وبحسب ما يظهر من قراءة ميدانية، أنها تحاول عدم فصل البقاع عن الجنوب وجعله ضمن المعادلة الحربية التي تتحدث عن توسيع نطاق اي اتفاق إطلاق نار ليشمل البقاع أيضاً كونه يعتبر قاعدة خلفية لـ”حزب الله” ومنطقة حراك لوجستي وعملياتي له.
الأهم من كل ذلك هو أن البقاع يمثل هاجساً كبيراً للإسرائيليين، فالأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالطائرات من دون طيار (المُسيرات)، فالحزب أطلق من هناك هذه الطائرات، وبالتالي بات البقاع عنواناً للنشاط العسكري المباشر.
على أساس كل ذلك، تأتي العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد البقاع وبعلبك لتصفية الحساب مع 4 أمور أساسية: مواجهة “حزب الله” عسكرياً عبر ضرب قدراته، إثارة حساسية ضمن بيئته، إحباط أي مخطط لإطلاق طائرات مُسيرة من لبنان، وقطع خط الإمداد المتبادل بين سوريا ولبنان.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستطالب إسرائيل بمنطقة عازلة في البقاع على غرار تلك التي تطال بها في الجنوب؟ سننتظر ما ستحمله الأيام من تبدّلات.
لبنان 24 – محمد الجنون
Discussion about this post