اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
جعجع: الطريق إلى قصر بعبدا لا تمُرّ بحارة حريك والدخول للقصر لا يكون من بوابة عين التينة ووفق شروطها
جعجع: على بري الدعوة لجلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى التوصل لانتخاب رئيس ولن نقبل بأن يَفرض فريق مرشحه
جعجع لـ”حزب الله”: سلاحك لا يحمي الطائفة الشيعية كما أن أي سلاح لا يحمي طائفة في لبنان
جعجع طلب من الحكومة أن تدعو “حزب الله” لوقف الحرب: إذا كان قد أخطأ بحساباته “فالرجوع عن الخطأ فضيلة”
جعجع: للالتزام بتنفيذ القرار 1701 ونشر الجيش على طول الحدود الجنوبية وحصر قرار الحرب والسلم بيد الحكومة
جعجع: “حزب الله” يزج بلبنان في حرب عبثية يجب أن تتوقف ومن أجاز له أن يصادر قرار اللبنانيين؟
جعجع: لا يحاولَن أحد استغلال القضية الفلسطينية لتقوية مصالحه أو استخدامها أداة لتصفية حساباته السياسية
جعجع: علينا البحث عن تركيبة ثانية لدولتنا و”بكرا ما بدّو جماعة مبارح ونحنا وكل اللبنانيين المخلصين جماعة بكرا”
جعجع: الجميع بعد نهاية هذه الحرب سيرى نفسه ملزمًا بدعم نظرتنا لقيام الدولة ويجب إعادة النظر بكل شيء في لبنان
جعجع: اليوم التالي في لبنان هو لنا ولا يتوقّعن أحد أن يكون محور الممانعة وحلفاؤه هم عنوان المرحلة المقبلة
جعجع: إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا ولكن فلننتخب رئيسًا أولًا وبعدها ندعو لطاولة حوار وطنية فعلية في بعبدا
جعجع: الواقع الذي نعيشه اصطناعي مغشوش قام على وهم سيطرة مفترضة من قبل محور الممانعة المحلي
توجّه رئيس حزب “القوّات اللّبنانيّة” سمير جعجع، في كلمته خلال القداس الاحتفالي الذي دعت إليه “القوات اللبنانية”، في “ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية”، في معراب، إلى عائلة الشهيد الصغيرة، قائلًا: “صحيح أننا نركز دائمًا على القضية الكبيرة وتحدياتها وتعقيداتها وتشعباتها، ولكن لا تظنوا أنكم تغيبون عن بالنا ولو للحظة. صحيح أننا نراكم مرة في السنة، ولكن تلك المرة تبقى محفورة في قلوبنا وحاضرة في عقولنا في كل لحظة. ولا تظنوا أننا لا ندرك مدى صعوبة الفراق، حتى وإن كان من أجل الدفاع عن الوجود أو صونًا للحرية أو إيمانًا بقضية مهما كانت سامية. ولكن الفراق يبقى فراقًا”.
وأكّد “أنّنا جميعًا نقدّر ما عانيتموه وما زلتم تعانونه بسبب فقدان أحباء، لكم نحن جميعًا ننحني أمام وجعكم وآلامكم وتضحياتكم. والنقطة الأساسية التي تعزّينا في هذا الصدد، هي أن أبناءكم ما زالوا أحياء حتى وإن لم تروهم وتلمسوهم كل يوم، فإنهم ما زالوا أحياء لأن قضيتهم ما زالت حية”.
وركّز جعجع على أنّه “عندما لا يرى أحدنا شيئًا في الأفق، فهذا لا يعني أنّه لا يوجد شيء في الأفق. صحيح أنّ الدنيا في الوقت الحاضر كلُّها سواد، فنحن صراحة نواجه واحدًا من أصعب وأخطر الأوضاعِ التي مررنا بها في تاريخنا. نحن نتعرّض حاليًا لأسوأ وأبشع خطة ومحاولة لترويضنا وتركيعنا وإنهاكنا وإفراغ وجودنا من مضمونه وتغيير وجهه ووجهته، وشلّ دولتنا وتخريب مؤسساتها”.
وأشار إلى أنّ “ردّة فعلنا الأولى والأساسية وبعد إدراكنا لما يُخطَّط لنا، هي أن نكون أكثر صلابة من أيّ وقت مضى، أكثر تصميمًا من أيّ وقت مضى، أكثر نشاطًا من أيّ وقت مضى وأكثر عطاء لنقضي على هذا السواد، متذكّرين دائمًا بأنّ النور على صغره ونعومته يبدّد العتمة بلمح البصر ويقتلعها من جذورها”.
كما شدّد على أنّه “لا يعتقدنّ أحد بأنّ الأمور في لبنان انتهت إلى ما نحن فيه في الوقت الحاضر، وبأنّه حُكِمَ علينا أن نعيش الوضع الحاليّ إلى ما لا نهاية. إنّ الوضع الذي نحن فيه في الوقت الحاضر لا يعبّر إطلاقًا عن الحقائق المجتمعيّة التاريخيّة الفعليّة للبنان، بل هو نتاج تراكمات سلبية على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة من تاريخنا، بفعل عهد الوصاية بالدرجة الأُولى، وبفعل تسلّط دولتين، إيران والنظام السوريّ، على أمور وشؤون لبنان واللبنانيين بالدرجة الثانية وحتّى الساعة، وبفعل انجرار بعض الداخل اللبناني مع المحور التوسّعي الممانعِ الذي اجتاح المنطقة بأكملها في العقود الأخيرة، وبفعل بعض المجموعات السياسية الداخلية الفاسدة، المتواطئة، والتي لم يكن همّها في كل المراحل السابقة، وحتى يومنا هذا سوى مواقعها ومصالحها الشخصية والحزبية”.
واعتبر جعجع أنّ “الواقع الذي نعيشه في الوقت الحاضر، واقع اصطناعي مغشوش، قام على وهم سيطرة مفترضة من قبل محور الممانعة المحلي بمساندة ومساعدة عسكرية ومالية وسياسية لا حدود لها من محور الممانعة في المنطقة. قام على انهزامية وخوف من مواجهة الحقيقة عند البعض، كما قام على فساد ما بعده فساد عند البعض الآخر”.
وأضاف: “لا يعتقدنّ أحد بأنّ الواقع الذي نعيشه اليوم يمثّل حقيقة لبنان واللبنانيين، أو أنّه مُقيّض له الاستمرار. إنّه واقع مُصطنع، تجمّعت عدة عناصر خارجية، أهمّها إيرانية- أسدية، وداخليّة، أهمّها التواطؤ والفساد والذمّيّة، الجبن والانهزامية، أدّت إلى قيامه. ولكن، ما قام على باطل وتواطؤ وفساد وعوامل خارجية قاهرة، آيلٌ حُكمًا للسقوط مع سقوط أيّ من العوامل التي أدّت إلى قيامه”.
ولفت إلى أنّ “الغد لنا ولكلّ لبنانيّ يفكّر بمنطق الغد. الغد لنا، لأنّنا لا نفكّر أبدًا بمنطق السّيطرة، ولأنّنا بعيدون كلّ البُعد عن المصالحِ الشخصيّة والحزبيّة الضيّقة وعن مقايضة الثوابت والمبادئ والمُسلَّمات بحُفنَةٍ من المناصب والدولارات. الغدُ لنا، لأنّنا بعيدون كلّ البُعد عن أيّ روحٍ انهزاميّة مُتلوّنة مُسايرة، ولأنّ الاستقامة والشفافيّة والنّزاهة والصّدق هي عنوان الخدمة العامّة بالنسبة لنا”.
وأشار جعجع إلى أنّ “الغد لنا، لأنّنا ننطلق من واقعِ لبنان المجتمعي التاريخي بشكل علمي، للوصول للتركيبة الفُضلى لدولة لبنانية حرة سيّدة مستقلة بالفعل، يعيش في ظلالها المواطن اللبناني بكرامته وعزّته بعيدًا عن العَوَز والتسكّعِ والبطالة والحرمان. في دولة تضمن له حاضرهُ والأهمّ مستقبل أولاده، دولة لا توقعنا بحرب كلّ بضع سنوات، ولا تترك أرضنا تُستباح لا من أقربين ولا من أبعدين. دولة تسيرُ فيها الأمور من دون تعطيل ولا مقاطعة ولا شَلَل. دولة إداراتها عاملة شغّالة كلّ الوقت بعيدًا عن أيّ خِلاف في وجهات النّظر بين أركان السّلطة. دولة نقول، ولكن على نطاق أوسع ممّا كُنّا نقوله في السابق: نيال مين إلو مرقد عنزة في ظلالها”.
وردّ على “الّذي يقول لنا: أصبحتم قليلي العدد”، قائلًا له: “قليلو العدد، كثيرو الفعل والإنتاجِ والخدمة العامّة، كثيرو الإشعاعِ في التربية والتعليم والطّبّ والفنّ والثقافة والحضارة والاقتصاد. معتصمون دائمًا أبدًا بالوضوحِ والصلابة والاندفاعِ والمواجهة في سبيل لبنان، كلّ لبنان”.
وَتابع: “لِمَن يقول أنّنا زينة لبنان ورونقه، نقول لا بل نحن جوهر وجوده وركنه وعنوانه. بالإضافة إلى كلّ ذلك، فإنّ كلّ الأعداد والنّسب التي تُرمى يمينًا ويسارًا في بعض الإعلام هي غير دقيقة، عدا عن عامل أساسي وجوهري وهو أَن الدستور اللبناني غير مبني إطلاقًا على العدّ والأرقام”.
إلى ذلك، ذكر جعجع أنّ “كلّ من يتكلَّم بلغة الأعداد، يقول علنًا أنّه يريد تغيير الدستور. إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا. فلننتخب رئيسًا للجمهورية أوّلًا، وتبعًا للدستور، وبعدها نحن جاهزون، لا بل ندعو، لطاولة حوار وطنيّة فعلية، مش مزحة متل ما عم يصير هلق، في قصر بعبدا حيث نطرح كلّ شؤوننا وشجوننا الوطنيّة، يتركز النقاش فيها على عنوان أوحد: أي لبنان نريد؟ ونتّفق على أنّنا لن نخرج من هذا الحوار كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فيما البلد يواصل انهياره، ومؤسساته تتآكل، وشعبه يموت ويهاجر”.
وجزم أنّه “حان الوقت لأن نحسم النقاش حول الأمور الخلافية الأساسيّة التي تمنع قيام دولة فعليّة، وتُبقي لبنان ساحة فوضى وفساد وعدم استقرار. وبالأحوال كافّة، للذي يحاول تعييرنا بأنّنا قليلو العدد نقول له: إنّ الكِرامَ قليلُ، وما همَّ من كانَ قليلُهُ مثلَنَا، شبابٌ تَسامى للعُلا وكُهولُ”.
واعتبر أنّه “إذا كان البعض يعتقد بأنّه في نهاية الحرب التي نمرّ بها، ومهما كانت نتائجها، فإنّ المجموعة الدولية كما العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان، لأنّه الفريق المدجج بالسلاحِ، فهذا البعض هو مخطئ”.
وأكّد رئيس “القوّات” أنّ “أحدًا لن يقبل بأن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب، وأن تستمرّ الدولة في فُقدان قرارها وتفكّكها. الجميع في اليوم التالي للحرب، سيتفاوضون مع من يملك مفاتيح اليوم التالي، مفاتيح المستقبل، مع من يملك الرّؤيا والخطّة والإصلاح، لا مع الذي لا رؤية له إلّا الحرب، ولا إصلاح لديه إلّا التجارات الممنوعة والاقتصاد الرديف”.
وأوضح أنّ “الجميع تعب من الخطابات الرنانة والحروب المستمرة، التي أوصلت إلى اهتراء الدولة وإلى فساد مُستشرٍ، وإلى انهيار اقتصادي لم يشهد له لبنان مثيلًا، وإلى ضياع تعب وعرق الناس من خلال ضياع ودائعهم، وإلى فقر وعوَز وتعتير اجتماعي قل نظيره سابقا في لبنان، حتى بات لبنان يُصنّف، في جميع المجالات، الآخر إذا لم يكن الأخير في أسفل قائمة دول العالم مع الصومال وفنزويلا؛ بعد أن كان سويسرا الشرق”.
وركّز على أنّ “أكثرية الشعب اللبناني كما جميعِ أصدقاء لبنان في الشرق والغرب، ملُّوا ويرفضون بقاء لبنان في هذه الوضعيّة التعيسة التي أوجَدَهُ فيها محور الممانعة، بالتواطؤ مع بعض السياسيين أكَلَة الجُبْنة، الذين خانوا الأمانة ولم يفعلوا إلّا الاهتمام بمصالحهم السياسيّة الضيّقة ومصالحهم الماليّة الواسعة”.
كما لفت جعجع إلى أنّ “اليوم التالي في لبنان هو لنا، “بكرا إلنا” ليس لسبب سوى لأنّنا أولاد الغد، نحمل لُغته ومفاهيمه وخططه وبرامجه منذ الآن، مُتحلّين بكلّ ما يلزم من أخلاق واستقامة وشفافيّة ومعرفة بالشيء تمكّننا من أن نصنع الغد. أمّا محور الممانعة وحلفاؤه، فرأينا ما كانت نتيجة تحكّمه بزمام الأمور، وهو لا يصلح إطلاقًا، لا هو ولا حلفاؤه، لليوم التالي، ولا يتوقَّعنّ أحد أن يكونوا هم عنوان المرحلة المقبلة”.
وأشار إلى أنّ “الجميع بعد نهاية هذه الحرب سيرى نفسه ملزمًا بدعم نظرتنا لقيام الدولة، لأن الجميع يُريد استقرار لبنان، الذي يشكل ضمانة للجميع في الداخل والخارج، ولأنّ الجمهورية القوية وحدها تؤمّن هذا الاستقرار، ونحن بُناة الجمهورية القوية”.
وعدّد أنّ “أوّل شيء يجب فعله في اليوم التالي، هو تطبيق الدستور والقوانين لقيام دولة فعلية ومؤسساتها. فلا كيان لا تحفظه دولة، ولا دولة يمكن أن تقوم خارج الدستور والقوانين، وإذا لم تفرض سطوتها على كامل ترابها وحدودها بقواها الشرعية، وإذا لم تمتلك قرار الحرب والسّلم”.
وشدّد جعجع على أنّ “الغد لنا، وأوّل أمر يجب أن نقوم به في اليوم التالي، هو إعادة النظر بكل شيس في لبنان، ما عدا حدوده ووحدته. اليوم التالي لا يمكن أن نصل إليه بالمسايرات البلهاء والمُجاملات الفارغة، وقَوْل الأشياء من دون الإشارة لشيء. رأينا الطريقة اللبنانية التقليدية بمقاربة ومعالجة الأمور إلى أين أوصلتنا. اليوم التالي يجب أن يكون يوم الصراحة ويوم الوضوح والشفافية والكلام المباشر. يجب أن يكون يوم طرح الحقائق مثل ما هي “من دون زغل ولا خُبث ولا حديث فوق الطاولة شي، ونيّة تحت الطاولة شي تاني”.
وأوضح “أنّنا اليوم لا نفترض ولا نحلّل، ولا نطرح نظريات، لدينا تجربة الخمسين سنة الأخيرة من تاريخنا كي لا نذهب أبعد من ذلك، وأكبر دليل: كارثية بكل معنى الكلمة. ماذا سننتظر بعد؟ “مين جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب”. وبالتالي علينا كلنا كلبنانيين أن نبحث عن تركيبة ثانية لدولتنا، تخلّصنا من تعقيدات الطائفية السياسية، وتجعلنا نعيش بشراكة حقيقية مع بعضنا البعض”.
وأضاف: “تركيبة أُخرى تمكنّنا من أن نعيش بكرامة، بحرية، بوطن ممسوك، وليس بأرض مُستباحة، بدولة كل اهتمامها بواقع شعبها ومستقبله، وليس في دولة مشلولة أكثرية الوقت، تأخد ضرائب من الأوادم من بين شعبها، وبالمقابل لا تقدّم لهم شيئًا. “بكرا إلنا، وبكرا ما بدّو جماعة مبارح، بدّو جماعة بكرا. ونحنا وكل اللبنانيين المخلصين جماعة بكرا”.
وشدّد جعجع على أنّ “موقفنا كقوات لبنانية من “القضيّة الفلسطينية” لا لُبسَ حوله، فلا يمكننا أن نتجاوز نضال الشعب الفلسطيني الهادف إلى إقامة دولة تعبّر عنه، ولا يمكننا أن نتجاوز الآلام والدماء والدموع على مدى نحو قرن من الزمن، وصولًا إلى ما تعانيه غزة اليوم”، مبيّنًا “أنّنا مع القضيّة الفلسطينيّة ليس على أساس دينيّ أو عرقيّ، بل على أساس الحقّ والعدل، في الوقت الذي نحن فيه ضدّ السلاحِ الفلسطينيّ على أرض لبنان. هذا ما أدركته القيادة الفلسطينية مشكورة، ولو بعد حين، وهذا ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني”.
وأعلن “أنّنا نتضامن أشد التضامن مع الشعب الفلسطيني ومعاناته الهائلة في غزة وغيرها. نتضامن مع الشعب الفلسطيني بما لنا من قدرة وطاقة عليه، تضامن صادق من القلب، تضامن صافٍ ومباشر، ومن دون ادّعاءات فارغة ولا بهورات في غير محلّها، ولا استعراضات لا تُغني ولا تسمن، ولا على ضهر البيعة في سياق استراتيجيّات أخرى لها أهداف ومَرام أخرى. للشعب الفلسطيني كل الحق في أن يعيش بسلام وأمان وكرامة، مثل أي شعب في العالم، وفي أن تكون له دولته المعترف بها دوليًا”.
وأفاد بـ”أنّنا نتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، التي يجب أن تتضافر الجهود الدولية والعربيةـ لإيجاد حل شامل لها على أساس القرارات الدوليّة والمبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمّة بيروت عام 2002، أي حل الدولتين. فلا يُزايدنّ أحد علينا في هذا المجال، ولا يُحاولَنّ أحد أن يستغلّ القضيّة الفلسطينيّة لتقوية مصالحه وتعزيزها داخل لبنان وداخل الإقليم، وللتغطية على قتاله للفلسطينيين بالذات في مخيم اليرموك وغيره لسنوات خلت، أو أن يستخدمها مطيّة وأداة لتصفية حساباته السياسيّة في الداخل، ولتبرير خُروجه المُشين والفاضحِ على السّلطات والقوانين والدولة والمبادئ ضاربًا عرض الحائط بالمصلحة اللبنانيّة ومغامِرًا بلبنان ودوره ومستقبله”.
إلى ذلك، رأى رئيس “القوات” أنّ “محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها. حرب يرفضها اللبنانيون وفُرضت عليهم فرضًا، لا تمُتّ إلى قضاياهم ومصالحهم بصلة، ولا تخدم إلّا مشاريع ومخططات خارجيّة. هذه الحرب التي انخرط فيها “حزب الله” يجب أن تتوقّف، قبل أن تتحوّل إلى حرب كبيرة لا تُبقي ولا تَذَرُ”، متسائلًا: “كيف يسمح “حزب الله” لنفسه بأخذ اللبنانيين إلى حيث لا يريدون، وإلى حيث يريد هو فقط وبما يخدم مشروعه وارتباطاته؟”.
وتساءل: “من أجاز لـ”حزب الله” وأعطاه التفويض لأن يُصادر قرار اللبنانيين وحريّتهم ويحتكر قرار الحرب والسلم، وكأن لا دولة ولا حكومة ولا سلطة ولا مؤسسات ولا شركاء له في البلد، ولا شعب حتى؟ كيف يُعقل أن يكون لبنان الدولة العربيّة الوحيدة المتورّطة في هذه الحرب؟ لماذا لم تتحرّك جبَهات دول الطوق والجوار وأوّلها الجبهة السوريّة، سوريا الصمود والتصدي، وهي في صلب محور المقاومة؟”.
وسأل أيضًا: “لماذا يُزَجّ بلبنان وحده ويُستدرَج إلى التدمير والخَراب، وهو العاجز عن تحمّل أدنى أدنى أدنى تبِعات الحرب وفاتورتها الباهظة، وهو لا يمتلك الحدّ الأدنى من مقوّمات الصّمود والمواجهة، ودولته متحلّلة، وفي ظلّ فراغٍ رئاسيّ متمادٍ، وحكومة تصريف أعمال، ومجلس نواب معطَّل وممنوع عليه حتّى انتخاب رئيس للجمهوريّة؟”.
وركّز جعجع على أنّ “هذه حرب لا يريدها اللبنانيون، ولم يكن للحكومة رأي فيها وكلمة. هذه حرب لا تخدم لبنان، ولم تُفد غزّة ولم تُخفّف من مُعاناتها وأوجاعها قَيد أنملة، وأحداث الأشهر العشرة الأخيرة خير دليل على ذلك. ويريدونَك أن تُصفّق لهم وتشُدّ على أيديهم، وتقبل صاغرًا بما خططوا له ونفّذوه، ضاربين عرض الحائط بالدولة وسلطتها وسيادتها وكلّ المواثيق والأعراف، وإذا لم تفعل تُصبح خائنًا وعميلًا؛ فيما هم يمثّلون قمّة العمالة والارتهان لمصالح دولة ومشروع غير لبنان”.
ولفت إلى أنّ “على مَن تورّط في هذه الحرب من حيث يدري أو لا يدري، وعلى من أخطأ في حساباته، أن تكون له شجاعة الخروجِ من هذه الورطة القاتلة، ومن مشاريعه وارتباطاته الاقليمية. هذا أمرٌ ممكن ومُتاح إن توافرت النيّة السياسيّة والحسّ الوطني”، موضحًا أنّ “هذا أمرٌ سهل، ولا يتطلّب إلّا الالتزام بتنفيذ القرار 1701 بكلّ مندرجاته، ونشر الجيش اللبنانيّ على طُول الحدود الجنوبيّة لحمايتها، وتأمين سيادة الدولة على كامل أراضيها، وحصر قرار الحرب والسّلم بيد الحكومة اللبنانيّة لوحدها”.
وطلب من الحكومة اللبنانية “التي هي صاحبة الدار والقرار، أن تدعو “حزب الله” إلى وقْف هذه الحرب العبثيّة التي لا مبرّر ولا أُفُق لها. أن يفعلها الحزب متأخرًا خيرٌ من أن لا يفعلها أبدًا، لأنّ ما خسِرناه على فداحته قليل مقارنة بما قد نخسرُهُ لاحقًا”، مشدّدًا على أنّه “على “حزب الله” أن يتحلَّى بشجاعة اتخاذ الموقف الوطنيّ الصحيح، لأنّه لا يكفي أن يتحلّى بشجاعة القِتال فقط. أمّا إذا أصر على الاستمرار في الحرب والهروب إلى الأمام، فإنّ عليه أن يتحمّل لوحده العواقب والمسؤوليّة أمام الله والوطن والشعب والتاريخ”.
وتابع جعجع: “إذا كان الحزب أخطأ في حساباته وفي دخوله الحرب “فالرجوع عن الخطأ فضيلة”، ولكن الأهم عليه ألّا يُخطئ في حساباته لما بعد الحرب، أيّا تكن نهايتها ونتائجها، للارتداد إلى الداخل ومحاولة فرض معادلات معينة وتحصيل مكاسب والتعويض عن خسائره، أو لترجمة ما يَدّعيه ويتوهمه انتصارا”.
وجزم على أنّه “لا يعتقدنّ أحد في لبنان مهما بلغ من فائض قوّة، أنّ بإمكانه تغيير هويّة لبنان أو المَسّ بخصائصه وتوازناته، أو تزوير تاريخه وأخذه إلى مكان آخر لا يشبهه، وإلى دور آخر يتعارض مع دوره التاريخيّ. لبنان كان وسيبقى أرض الحريّة والكرامة والحضارة والتنوّع، الملتزم بالقضايا العربيّة والمواثيق الدّوليّة. لبنانُ كان وسيبقى سيدًا حرًا مستقِلًا، وأبواب القذائف والمسيّرات والصواريخِ على أنواعها لن تقوى عليه”.
وأشار إلى أنّ “قراءتنا لعناصر القوّة الوطنية، تدفعنا إلى مُصارحة “حزب الله” بأنّ حُزن وألم عائلات شهدائهم وجرحاهم، لا يعني شعور فرحٍ وغبطة لدينا أو لدى لبنانيين آخرين. بل على العكس، نحن نحزن لسقوط لبنانيين إخوة لنا وشركاء في الوطن، ولِما يَحُلّ فينا جميعًا من دمار وخَراب، ولِما يُصيب أهلنا من مآس وحروب حاولنا كثيرًا بمواقفنا وعملنا السياسي والنيابي تجنيبهم إيّاها”.
وذكر أنّ “ما يصيب أيّ طرف لبناني يصيبنا نحن أيضًا، ومن غير الصّحيحِ أنّنا نُراهن على هذا العامل أو ذاك الاستحقاق أيّا وأنّى يكُن. رهانُنا الوحيد كان وسيبقى على أنفسنا ووعي اللبنانيين الآخرين”، منوّهًا إلى أنّ “لَنا مِثال حيّ على ذلك في مصالحة الجبل التاريخية، التي نتمسّك بها ونَحميها برُموش عيوننا كلّ الوقت، ونتطلَّع إلى أن تكون مثالًا يُحتذى، وكبُقعة الزيت تمتدّ تِباعًا جَنوبًا وشمالًا وشرقًا لتشمُل كلّ الجُغرافيا اللبنانيّة قاطِبَة”.
وركّز جعجع على أنّ “رهاننا أن نبقى موجودين كلُّنا، بشراكة حقيقية كاملة، بتركيبة للدولة تُحقّق هذه الشراكة، وبعيدًا عن استئثار أيّ مكوّن لبنانيّ بالسّلطة لوحده، من خلال تشكيله قوّة مسلَّحة خارج الدولة مهما كانت الحُجج والمبررات”.
وأكّد أنّ “سلاح “حزب الله” يَمَسّ جوهر التعايش اللبناني، وجوهر مفهوم الدولة، وليس هناك أيّ منطق يقبل بمعادلة قِيام دولة إلى جانب الدولة، ولا يُمكن التعايش بينهما. فلنَترُك للدولة حصرية السلاحِ حسب القوانين والدستور، ولا نعبث بمستقبل وطننا خدمةً لمشاريع إقليميّة لا طائل منها”.
وتوجّه إلى “حزب الله”، قائلًا: “إنّ سلاحك لا يَحمي الطائفة الشيعية، كما أنّ أيّ سلاحٍ لا يحمي طائفةً في لبنان. وإن كانَ هناك من حماية، فهي حتمًا في كَنف الدولة الفعليّة العادلة القادرة، فالضمانات من مسؤوليّتها، وطمأنة بعضنا البعض من مسؤوليتنا جميعًا”. وفسّر أنّ “ما نريده ونعمل من أجله، هو الغد لنا، جميعًا كلبنانيين، فقد آنَ الأوان أن نخرُجَ معًا من الماضي لكي نبنيَ المستقبل، بناءً يجسّد طموحات كلّ مُكوّن منّا بعيدًا عن منطق الهواجس الظرفيّة أو الوجودية”.
ووجد جعجع أنّ “ملاقاة بعضنا البعض في الوطن، من شأنها تبديد كلّ المخاوِف وإسقاط كلّ الرهانات الخارجية من أيّ جهة أتَت. إنّ أوّل خُطوة غاية في الإلحاح في الوقت الحاضر، هي انتخاب رئيس للجمهورية. إنّ انتخاب رئيس الجمهورية يجب ألّا يكون موضع مساومة، بل يجب أن يبقى مستندًا إلى قواعد دستورية واضحة لا لُبْسَ فيها ولا تخضع لأي اجتهاد”.
وأكّد أنّ “على رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يدعُوَ وكما نصّ الدستور، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، حتى التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة. وليَفُز مَن يفُز، ويلقى التهنئة والمُباركة من الجميع، بدلًا من أن نَظل في دوامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوار، جرى ويجري كلّ يوم ومن دون أن يؤدّي إلى أيّ نتيجة. على بري أن يفكّر ويتصرّف من موقعه الدستوريّ المسؤول كرئيس لمجلس النواب، وليسَ مِن موقعه السياسيّ كطرف وحَليف لحزبٍ لديه حسابات أبعد مِن رئاسة الجمهوريّة وأبعد من لبنان حتّى”.
وجزم “أنّنا لن نقبل وتحت أيّ ظرف من الظروف بأن يَفرضَ فريق لبنانيّ موقفه ومرشّحه على كلّ الآخرين، وأن يَضع يدَهُ على رئاسة الجمهوريّة وأَن يُمعن في التّعطيل والتزوير”، مشيرًا إلى أنّ “الطريق إلى قصر بعبدا لا تمُرّ في حارة حريك، والدخول إلى قصرِ بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة، ووفقَ شُروطها وحوارها المُفتَعَل. الطريق إلى قصرِ بعبدا تمرّ فقط في ساحة النّجمة ومن خلال صندوق الاقتراع”.
ولفت جعجع إلى أنّ “مسألة رئاسة الجمهوريّة تعني جميع اللبنانيين والمسيحيين مِنهُم بشكل خاص، عملًا بقواعد النّظام. ولا يُمكن لأي فريق مهما جبر وتجبّر ورفع الصوت وتوعّد، أن يحتكر ويتحكّم وينسف التوازنات والشراكة الوطنيّة، ويبتدع سوابق ويستحدث أعرافًا تصبح أقوى من الدستور وفروعًا تصبح هي الأصل والأساس”.
وأضاف: “يشترطون حوارًا لانتخاب رئيس الجمهوريّة، ويرفضون حوارًا لإنقاذ الوطن من براثن الحرب وإخراجه من النّفق المظلم. عندما يعجزون عن فرض مرشّحهم والرئيس الذي يريدون، يطرحون الحوار للتّحايُل على الواقعِ، وليُحقّقوا عن طريقه ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق القواعد والآليّات الدستوريّة والديمقراطيّة. وعندما يريدون التفرّد بقرار الحرب وسَوْق لبنان واللبنانيين إلى أتون حربٍ لا قدرة ولا طاقة لهم عليها، يرفضون الحوار ويتجاهلون الدعوات النيابيّة الملحّة والمُحقّة لمناقشة الحكومة في مجلس النواب حول الحرب”.
ونوّه إلى أنّ “هُنا يَحضُرُني قولُ الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر: “أنا لا أنكِرُ وجودَ ظالِم ومظلوم. ولَكِن لا نريدُ أن نُحوّل المظلوم إلى ظالم، والظالم إلى مظلوم”، مستخلصًا أنّه “عندما يتحكّم اللامنطق واللاشراكة واللامساواة بالعمل السياسي في لبنان، وعندما يتمّ كلّ يوم الدَوس على الدستور وضرب عرض الحائط بالقوانين والأعراف، تكون النتيجة كما نعيشها اليوم: تحلُّلٌ شِبه تام للدولة، وطنٌ مُستباح، مواطنٌ متروك لمصيره. وهذا ما لن نقبل باستمراره على الإطلاق”.
Discussion about this post