اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
بعد حوالي 24 ساعة من “المعارك الطاحنة” التي استمرت 3 أيام، أعلن الانفصاليون في مالي، الأحد، تحقيق “انتصار كبير” على الجيش وحلفائه الروس في بلدة تينزاواتن الواقعة شمالي البلاد قرب الحدود مع الجزائر، فيما اعترفت، الاثنين، قناة مرتبطة بفاغنر على “تلغرام” بتكبد المجموعة العسكرية الروسية خسائر في صفوفها، ومقتل أحد قادتها.
وفي اتصال هاتفي مع موقع “الحرة”، كشف ممثل الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي، السيد بن بيلا، تفاصيل “المعارك الطاحنة”، التي جاءت بعد هجوم مفاجئ لقوات فاغنر الروسية، بمساعدة الجيش المالي، من أجل السيطرة على مقلع ذهب (مكان مخصص لاستخراج الذهب)، في قرية إخربان جنوب بلدة تينزاواتن.
والإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي تحالف جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق التي تعتبر إحدى الجماعات العرقية التي تسكن منطقة الصحراء الكبرى، ومنها أجزاء من شمال مالي، حيث يشعر العديد منهم بالتهميش من جانب الحكومة المالية، ويطالبون باستقلال منطقة أزواد عن باماكو.
“انتصار كبير” على الجيش وفاغنر.. ماذا يحدث في مالي؟
في أحدث التطورات القتالية في مالي، أعلن الانفصاليون الطوارق تحقيق “انتصار كبير” الأحد، على الجيش المالي وحلفائه الروس، بعد ثلاثة أيام من “قتال عنيف” في بلدة تينزاواتن القريبة من الحدود مع الجزائر في شمال البلاد.
ماذا حدث؟
وقال بن بيلا خلال حديثه إن “المعارك بدأت في أول نهار يوم الخميس، حينما هاجمت قوات من مجموعة فاغنر إلى جانب قوات مالية مقلعا للذهب جنوب بلدة تينزاواتن، وهي المنطقة التي يعيش فيها الشعب الأزوادي بمخيمات نزوح بعدما هجرتهم هجمات تشنها القوات المالية وحلفاؤها الروس، إلى جانب تنظيم داعش”.
وفقدت الجماعات الانفصالية المسلّحة السيطرة على مناطق عدة في شمال مالي في نهاية 2023 بعد هجوم شنّه الجيش، بلغ ذروته بسيطرة قوات باماكو على مدينة كيدال، معقل الانفصاليين.
واعتبر بين بيلا أن “المعركة لم تكن متكافئة بالمرة في البداية حيث العشرات من قوات فاغنر والماليين يحاولون السيطرة على مقلع للذهب في إخربان الذي تسيطر عليه في الأساس القوات الأزوادية”.
لكن في ساعات المعركة الأولى سرعان ما انقلب الموقف بأكمله لصالح “القوات الأزوادية”، إذ هبت عاصفة رملية شديدة للغاية عصفت بالجنود الماليين وحلفائهم الروس، حسب بن بيلا، الذي ذكر أن “قواتنا التي تعرف جيدا القتال في العواصف الرملية والتضاريس الصعبة واصلت صد الهجوم، حتى تحقق النصر”.
وأضاف أن “المعارك التي دارت ما بين قرية آشبريش ومقلع الذهب في إخربان، كانت عنيفة للغاية، فيما ساعدت العاصفة الرملية في الحد من إمكانية وصول قوات دعم للروس والماليين”.
وأوضح بن بيلا أن القوات الانفصالية “نجحت خلال المعارك في إسقاط طائرة هليكوبتر جاءت للدعم والمساندة في اليوم الأول، فيما تم استهداف مروحية ثانية كانت تحاول انتشال الجثث والجرحى من الروس والماليين”.
وحصل موقع “الحرة” من ممثل الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي، على صور قال إنها من موقع المعركة، تظهر قوات تابعة للمجموعة الانفصالية تسيطر على مركبات عسكرية متنوعة وأسلحة، فضلا عن جثث لجنود، ومروحية مدمرة.
وذكر عدد من المدونين العسكريين الروس، الأحد، أن 20 شخصا على الأقل من مجموعة فاغنر قُتلوا في كمين بالقرب من الحدود الجزائرية، وفق رويترز.
فيما نشرت قناة “رازغروزكا فاغنيرا” على تلغرام، الإثنين، بيانا منسوبا إلى مجموعة فاغنر، تناقلته وسائل إعلام روسية رسمية، وأوردته وكالة فرانس بس.
وجاء في البيان “في الفترة من 22 إلى 27 يوليو 2024، خاض جنود القوات المسلحة المالية ومقاتلو المجموعة الهجومية 13 من فاغنر (…) معارك عنيفة مع مسلحي تنسيقية حركات أزواد والجماعة الإرهابية المحظورة في روسيا +تنظيم القاعدة في الساحل+”.
وكان يقود مقاتلي فاغنر سيرغي شيفتشينكو الذي يُلقب “براود”، حسب نص البيان، الذي أشار إلى “عاصفة رملية حدثت وسمحت للمتطرفين بإعادة تجميع صفوفهم وزيادة أعدادهم إلى 1000 شخص. ومن ثم تصعيد الهجمات، مما أدى إلى خسائر في صفوف فاغنر والقوات المسلحة المالية”.
ويختم النص: “تم تلقي آخر رسالة عبر اللاسلكي من مجموعة براود في 27 يوليو الساعة 17,10 ومفادها: + لم يبق منا سوى 3، ونحن نواصل القتال. قائد المجموعة الهجومية 13 سيرغي +براود+ شيفتشينكو قضى في المعارك”.
ورفض ممثل تحالف الجماعات الانفصالية، خلال حديثه الكشف عن أعداد القتلى أو الأسرى، لكنه قال إن “القوات الأزوادية نجحت في قتل قائد مجموعة فاغنر، وأسر العديد من العناصر، حيث سيتم الإعلان عن تفاصيل القتلى والأسرى في وقت لاحق”.
التصعيد شمالي مالي.. ما أهداف طوارق “حركات أزواد”؟
تصاعدت حدة المواجهات العسكرية بين ما يعرف بتنسيقية حركات أزواد التي يقودها متمردو الطوارق والحكومة المركزية في مالي مؤخرا لتعيد الصراع في الدولة الأفريقية للواجهة مجددا بعد أعوام من الهدوء الهش.
“فاغنر في أفريقيا”
ومنذ عام 2012، تشهد مالي أزمة أمنية عميقة بدأت في الشمال وامتدت إلى وسط البلد وإلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
وتحكم بوركينا فاسو ومالي والنيجر أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة في انقلابات بين 2020 و2023 وتواجه أعمال عنف ينفذها مسلحون متشددون، بما في ذلك الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي “القاعدة” و”داعش”.
وقبل سنوات، كانت الحكومة المركزية في مالي على وفاق مع الطوارق، بعد توقيع اتفاق في عام 2015، بوساطة من الجزائر، الذي تضمن 68 بندا، أهمها اعتراف باماكو بخصوصية الإقليم الشمالي في إطار الدولة الموحدة.
لكن في يناير الماضي أعلن المجلس العسكري، الذي وصل إلى السلطة، بعد انقلابين في عامي 2020 و2021، إنهاء الاتفاق، بعد مواجهات بين الجيش والمسلحين الانفصالين، وأرجع السبب إلى “التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة على الاتفاق، وإلى “الأعمال العدائية” من جانب الوسيط الجزائر”.
ويتواجد المرتزقة الروس في مالي، كما هو الحال في النيجر وبوركينا فاسو، “من أجل دعم الأنظمة العسكرية الانقلابية”، حسب ما قال الخبير في الشؤون الأفريقية من القاهرة، رمضان قرني.
وأضاف قرني لموقع “الحرة” أن “المرتزقة الروس تحت مسمى فاغنر ينتشرون في ليبيا وأفريقيا الوسطى والسودان ومالي، فيما هناك مجموعة أخرى يطلق عليها الفيلق الأفريقي تنتشر في دول أخرى”.
وأكد قرني أن “تواجد المرتزقة الروس في الدول الأفريقية يرتبط بصراعات سياسية وحروب أهلية، إذ يزيد حضورهم من الدلالات السلبية التي تؤجج الصرعات بدرجة كبيرة”.
وتابع: “النظام في مالي نظام انقلابي يبحث عن أي داعمين مهما كانوا بعيدا عن السمعة الدولية أو النزاهة”.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي، عمر الأنصاري، أن الدول الأفريقية في حاجة إلى لفظ المرتزقة الروس من أراضيها، مشيرا إلى أن “ذلك يحدث عندما تكون هناك أنظمة شرعية منتخبة بنزاهة وعادلة، لا تخشى من شعوبها وجيوشها، وتعلم أنه ليس هناك حاجة إلى مرتزقة تحميها للديمومة على كرسي الحكم”.
الحرة
Discussion about this post