اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
هذه هي “اللحظة الالهية” التي كان المهرج يحتاج اليها ليعود على سجادة حمراء الى البيت الأبيض. أتباعه لا يقولون ان عدم حرفية مطلق النار توماس ماثيوس كروكس هي التي أنقذته من الموت، بل هو الله الذي اختاره ليكون للمرة الثانية، وربما الثالثة أو الرابعة (مثل فرنكلين روزفلت)، رئيساً للولايات المتحدة.
كنا نتوقع أن تحدث الرصاصة التي لامست أذنه، ولم تخترق رأسه، هزة في طريقة تفكيره ليلاحظ “المسافة صفر” بين الحياة والموت. على العكس من ذلك، حين نهض بعدما دفعه رجال الخدمة السرية الى الأرض، صاح بالمحتشدين “حاربوا، حاربوا، حاربوا”. لم يسأل أحد في أميركا “نحارب من”…؟ ما حدث أن الرصاصة (اياها) أصابت جو بايدن فوقع أرضاً ، لأن شعبية دونالد ترامب ارتفعت في دقائق بشكل يثير الذهول.
الرئيس السابق لم يدع الى الصلاة بل الى الحرب. علينا كعرب عاربة (أو عرب بائدة) أن نستشعر بالهلع حيالنا، لا سيما من الوسائل التي سيلجأ اليها لاحياء دومينو التطبيع، وهو الذي يدار بأذنيه (الآن باذن واحدة) من قبل اللوبي اليهودي، ما دامت ابنته ايفانكا تحولت الى “حصان أورشليم” في رأس أبيها. ولكن من تراه من العرب لم يلتحق بقطار التطبيع، سواء المرئي أم اللامرئي؟
ماذا يمكن للرئيس الجمهوري أن يفعل ما لم يفعله الرئيس الديموقراطي، الذي كان يدعو الى وقف النار من جهة، ومن جهة أخرى يزود بالقنابل الأشد فتكاً، بنيامين نتنياهو الذي لن يتردد في خطابه أمام أعضاء الكونغرس في 24 تموز الجاري، في اطلاق رصاصة الرحمة على رأسه. من هنا نلاحظ سياسة المراوغة في التعاطي حتى مع خطة البيت الأبيض لوقف النار، بانتظار الخريف المقبل.
اشياء كثيرة ستتغير. واذا كان الأمير محمد بن سلمان قد وقف في وجه بايدن، الذي كاد يرجوه لخفض انتاج النفط، هل باستطاعته أن يقول “لا” لدونالد ترامب اذا هدده، بنزقه المعهود، في حال الربط بين التطبيع والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الذي لم يتلفظ يوماً باسم هذه الدولة. انه جاهز لبيع الشرق الأوروبي لفلاديمير بوتين، مقابل ابقائه وحيدا في ادارة الشرق الأوسط.
في هذه الحال، ما موقف البنتاغون الذي اعتبر، في وثيقته السنوية، أن روسيا تشكل خطراً كبيراً على الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة، وأن الصين هي القوة الوحيدة القادرة على منافستها في قيادة الكرة الأرضية، حتى وان كان الخبراء يتحدثون عن الدوران الأميركي داخل الدوامة الأوكرانية، وحيث أي تراجع من القيصر يعني أن العلم الأميركي سيرفرف على قباب الكرملين؟
لا نتصور أن دونالد ترامب التفت ولو للحظة الى التراجيديا الفلسطينية، ولو تكدست جثث كل الفلسطينيين في العراء. هذا رجل يخلو من أي لمسة انسانية، ولطالما أهان حلفاءه في الأطلسي وهددهم بالدبابات الروسية، مثلما هدد عرب الخليج بالجحافل الايرانية، ان لم يغطوا نفقات وجود القوات الأميركية في القارة العجوز.
حتى صحيفة “الفيغارو” سألت متى كان الحلف يعمل لخدمة المصالح الأوروبية، وليس أداة في يد أميركا التي كانت تتعامل مع الدول الأعضاء أيضاً كأدوات أميركية، ما حمل شارل ديغول على الانسحاب من الجناح العسكري للحلف، ليدعو ايمانويل ماكرون الى انشاء قوة أوروبية مستقلة، قبل أن يرتمي عارياً في العربة الأميركية.
أربعة رؤساء أميركيين قضوا اغتيالاً (أبراهام لنكولن، جيمس غارفيلد، وليم ماكينلي وجو كنيدي). كثيرون آخرون تعرضوا لمحاولات اغتيال، غالباً لدواع داخلية. قد يطرأ في خيال ترامب أو في خيال نتنياهو، أن الايرانيين يقفون وراء العملية. هذا ليس مستغرباً في العقل المكيافيلي الأميركي (عودوا الى أسباب غزو العراق). ما بالكم برجل هو نتاج ثقافة الأرصفة في لاس فيغاس ، بوضوح أكثر انه نتاج… ثقافة الغانيات.
لا داعي للبحث عن بديل لجو بايدن خلال انعقاد المؤتمر العام للحزب الديموقراطي، ما دامت رصاصة بنسلفانيا قد حددت النتيجة منذ الآن. هذا ما قد يدفع الرئيس الأميركي الى التنحي، ان حفظاً لماء الوجه أو خوفاً من أن تتدحرج جمجمته أمام صناديق الاقتراع، كما توعده دونالد ترامب.
رصاصة الشاب العشريني هل أصابت جو بايدن أم أصابت أميركا في الرأس؟ ما دام شعار الرئيس العتيد “حاربوا.. حاربوا.. حاربوا”، أي حاربوا بعضكم البعض، بعدما كان الأميركيون المايسترو في ادارة موتى الآخرين. احدى مقطوعات الجاز تحمل عنوان “اوركسترا الموتى”!!
Discussion about this post