اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
من هو الرئيس الذي مثل فرنكلين روزفلت، أو وودرو ويلسون، أو دوايت ايزنهاور؟ ومن هو وزير الخارجية الذي مثل دين أتشيسون، أو جورج مارشال، أو هنري كيسنجر؟ ومن هو وزير الدفاع الذي مثل روبرت ماكنمارا أو جيمس شليسنجر، أو جيمس فورستال؟ ومن هو مستشار الأمن القومي الذي مثل برنت سكروكروفت، أو زبغنيو بريجنسكي، أو ماك جورج بندي؟
هذه هي حال فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وغالبية دول العالم. في العالم العربي حدث ولا حرج (لنتصور أن وزير الخارجية العبقري يدعى عمرو موسى). سبق وقلنا ان الله حمل عصاه، ورحل عن هذه المنطقة. التاريخ ما لبث أن لحق به. لن نكون بجرأة الفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير الذي سأل “من يلحق الآخر، الله أم التاريخ”؟
غريب أن يقول خبراء استراتيجيون أميركيون “حبذا لو كان لدينا رئيس مثل فلاديمير بوتين لا ينتهج سياسة نهج الكلاب” (أي الاستراتيجية المتقطعة والتي تفتقد الرؤية الأوركسترالية). أما جين فوندا فرأت أن أميركا بحاجة الى رئيس بمواصفات السيد المسيح لا بمواصفات يوضاس”. لعل هذا ما حمل ستيف بانون على القول “كنت أتساءل، وأنا في موقعي ككبير مستشاري الرئيس ما الفارق بين أن يكون دونالد ترامب، برقصة الأكتاف، أو الليدي غاغا، برقصة الأرداف، في المكتب البيضاوي”؟
الأكثر غرابة أن حزبين عريقين مثل الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي لا يعثران بين آلاف الرجال، وآلاف انساء، عن بديل لكل من ترامب وبايدن. الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون لم يتورع عن القول في حفل كوكتيل على شرف صديقه بنيامين نتنياهو “كم تمنيت لو كان عندنا رئيس للولايات المتحدة مثل هذا الرجل”!. لنتصور أن يكون هولاكو في البيت الأبيض. ماذا كان حلّ بالبشرية ؟ في نظرنا، كل رئيس أميركي فيه أشياء وأشياء من هولاكو ومن نتنياهو.
لا بديل عن رجل ببهلوانية دونالد ترامب، ولا عن رجل بتعثر جو بايدن. لا بأس، المؤسسة هي التي تحكم لا الشخص، وسواء كان هذا الشخص آتيلا الجبار أم كان غوار الطوشي. عالم الاجتماع الأميركي ارفنغ غوفمان حذّر، قبل رحيله، عام 1982، من اطلاق العنان، ومن دون أي ضوابط، للمؤسسة، كونها “وحش من دون روح ومن دون قلب”. و”قد يدمر أميركا التي كان من المفترض، وكما قال توماس جيفرسون، ألاّ تهجرها الملائكة”. ولكن ألم ينحدث الكاهن الكاثوليكي مايكل جويس، وهو من اصل ايرلندي، عن “أولئك الفريسيّين الذي طردوا الله من الهيكل”؟
هكذا وصف وودي آلن الرئيس الأميركي “رجل يطفو على سطح الأشياء”، أي أن الذين يتولون ادارة الرياح، وادارة الأشرعة، هم الذين تحت السطح. لكن الدستور يوليه صلاحيات أمبراطورية، حتى وان قال المؤرخ آرثر شليسنجر، في كتابه “الرئاسة الأمبراطورية”، “ان الرئيس الأميركي رئيس في الداخل أمبراطور في الخارج”.
لاحظوا كيف أن دونالد ترامب يعبر حدود كوريا الشمالية لكي بلتقي كيم جونغ ـ أون لقاء العاشق، مع أن هذا الأخير لم يتوقف، يوماً، عن التهديد بضرب الولايات المتحدة بالرؤوس النووية. ولاحظوا كيف أن جو بايدن الذي قدّم أطناناً من القنابل الهائلة لبنيامين نتنياهو لا يستطيع أن يخلعه عن عرش داود، مع أن بامكانه أن يخلع حتى داود عن عرشه. العكس هو الذي يحدث.
اذاً، أميركا هي التي تقتل أميركا. هذه هي نبؤة المفكر الروسي ألكسندر دوغين. نماماً على شاكلة الأمبراطورية الرومانية حين تحدث المؤرخ الانكليزي بول كنيدي عن “تلك الأمبراطورية التي كانت “تأكل القياصرة كما لو أنها تأكل القطط”. ها أن الكونغرس، وهو ليس فقط رمز الديموقراطية الأميركية (ديموقراطية الحاخامات)، بل أنه رمز العظمة الأميركية، يستضيف، بالزغاريد، رئيس الحكومة الاسرائيلية في 24 تموز الجاري فوق جثة جو بايدن. هل هذه هي أميركا، وهل هؤلاء هم الأميركيون؟
مستودع للعبقرية. أيضا معسكر للمجانين. كيف يمكن للوبي اليهودي أن يتمتع بذلك النفوذ الصاعق داخل الدولة العميقة؟ هل هو المال، أم هي الايديولوجيا، أم هي الأدمغة؟ عند برنار ـ هنري ليفي “انه الله أيها السادة”.
اقرأوا التوراة لتروا، بالاستقراء، كيف يستأثرون بالله ليستاثروا، بالضرورة، بأميركا. ألم يقل جون بولتون “نحن ورثة الله على هذه الأرض”، على أمل ألاّ يكونوا ورثة الله على الأرض الأخرى…
Discussion about this post