اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
“لا حرب”.. هي عبارةٌ يُجمع عليها عددٌ من الخبراء المعنيين بالشؤون العسكرية، والذين يُفسرون ما قد تؤول إليه الأحداث عند الجبهة الجنوبيّة بين “حزب الله” وإسرائيل.
الأسباب وراء اعتبار أن المعركة الحالية ستبقى محدودة عديدة، لكن ما يعزّز عدم تطور الأمور نحو صراعٍ دموي هو حراكٌ فعليّ يجري على الخط الدولي خصوصاً بعد المحادثات الفرنسية – الأميركية الأخيرة بشأن لبنان، والتقدّم “المحلوظ” على صعيد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة “حماس” وإسرائيل.
أمام كل ذلك، يأتي السؤال الأساس: لماذا لن تتوسع الحرب وكيف ستبقى المناوشات محدودة؟
يوم أمس، اغتالت إسرائيل القيادي في “حزب الله” محمد نعمة ناصر بقصف طال سيارته في منطقة الحوش بمدينة صور – جنوب لبنان. إثر ذلك، ردّ الحزب على ذاك الاغتيال باستهداف عدد من المواقع العسكرية الإسرائيلية، بينما نفذت إسرائيل غارات مُواجهة ضد الأراضي اللبنانية.
ما جرى على صعيد ردّ “حزب الله” يُعتبر معروف النطاق، وتقول مصادر معنية بالشؤون العسكريّة لـ”لبنان24″ إنَّ ضربات “حزب الله” لم تخرج عن إيقاع قواعد الإشتباك، وبالتالي فإن ما واجهه الإسرائيليون من قصف يوم أمس، يعتبر واحداً من الردود التي لن تتطور إلى صراع مفتوح، حتى وإن كان القصف انتقاماً لقائدٍ ميداني كبير ضمن الحزب.
المصادر تلفت إلى أن الاتصالات الدبلوماسية التي حصلت خلال الأيام الماضية، أكدت أن الأمور “مضبوطة ولا انفلات لها”، مشيرة إلى أن التهويلات من قبل بعض الوسائل الإعلامية وتحديداً صحيفة “بيلد” الألمانية التي تحدثت عن بدء حرب لبنان خلال شهر حزيران الماضي، تعتبرُ خالية من الحقيقة خصوصاً أن هناك بعض الدول الشريكة مع إسرائيل في الحرب النفسية ضد لبنان.
إنطلاقاً من هذه النقطة الأخيرة، يأتي التفسير الأساس لأسباب انتفاء إمكانية حدوث حرب، وهنا يقول أحد الخبراء العسكريين البارزين لـ”لبنان24″ إنَّ القواعد التي رُسمت على خط الصراع لن تتبدل لأن إسرائيل ستجد نفسها في مأزق كبير، بينما “حزب الله” يريدُ أن يُنهي أي معركة كي لا تتجاوز الأمور خلالها حدوداً خطيرة يصعب لاحقاً ضبطها.
الأسباب التي تلخص عدم حدوث حرب هي التالية، بحسب ما تقول المصادر العسكرية:
– وجود قناعة لدى إسرائيل بأن أي حرب ضدها من قبل “حزب الله” ستؤدي إلى إخراج مختلف المرافق الحيوية عن الخدمة وتحديداً تلك التي قام “حزب الله” بتصويرها عبر “الهدهد”.
– أي حرب مع لبنان ستعني تسريعاً لإنهاء وجود إسرائيل وبالتالي حدوث “ضربة” ستطالُ مباشرة أميركا التي تواجه حالياً حرباً اقتصادية ثانية تتمثل في تخلص بعض الدول من سطوة “البترودلار”.
– إن بدء أي حرب سيجعل قوى أخرى تدخل على الخط مع روسيا وإيران، ما يجعل المنطقة متوترة وقد يساهم هذا الأمر في إضعاف إسرائيل أكثر وجعلها تنصاعُ لقرارات دولية ملزمة في حال تلقت ضربات كبيرة وطلبت هي بنفسها وقف النار مع لبنان.
– إقتناع “حزب الله” بأنّ أي حربٍ شاملة قد تكون بمثابة عملية قتالية ستؤدي إلى تدمير مقدرات عسكرية هائلة تابعة له، بالإضافة إلى أن إسرائيل قد لا تُوفر كافة المنشآت الاقتصادية والمالية التابعة للحزب والتي تُعتبر مورداً مالياً أساسياً بالنسبة اليه.
– إقتناع الحزب أيضاً بأنّ أي حرب ضد لبنان ستؤدي إلى تأجيج الوضع ضده، فيما المشكلة تكمن في أن التعويضات المطلوبة لإعادة إعمار لبنان بعد الحرب أو أقله جنوب لبنان في الوقت الراهن، ليست واضحة بشكل كامل ومتكامل.
– “حزب الله” في الوقت الراهن يواجه “شرخاً” داخلياً رغم أن نسبة كبيرة من المواطنين متعاطفة معه. لكن في المقابل، هناك من يرفض الحرب وبالتالي يُصبح لزاماً على “حزب الله” الاحتكام إلى مبدئه الأساسي المرتبط بعدم بدء أي حرب في لبنان إلا إذا فرضتها إسرائيل بينما هذه الأخيرة لا تستطيع تنفيذ ذلك.
– يُدرك الإسرائيليون تماماً أنّ مسألة الحرب ستعني تدمير مستوطنات بأكملها، وأيضاً تهجير أعداد كبيرة من المستوطنين، بينما الحكومة الإسرائيلية فشلت حتى الآن في إدارة أحوال النازحين من شمال لبنان، ما دفع بمسؤولين إسرائيليين لاعتبار أن الحكومة “تخلت عن الشمال وسكانه”.
– إسرائيل تخشى من تضرر سلاحها الجوي خلال أي حرب وكذلك أسطولها العسكري البحري، ما سيُرتب عليها خسائر فادحة.
– إن أي ضربة إسرائيلية ستؤدي إلى اندلاع حرب، ستجعل القواعد الأميركية والبريطانية في المنطقة مُهددة، ما يعني استهدافاً مباشراً لأميركا قد يستدعي في المقابل تحركاً إيرانياً مُضاداً.
– الحراك الدولي الذي لم يتوقف بين باريس وأميركا، وهذا الأمر يدل على أن هناك وسائل جدية لمنع حدوث أي حرب، وبالتالي إنهاء حرب غزة
– إدراك إسرائيل أن لدى “حزب الله” أسلحة نوعية لن تؤدي فقط إلى إسقاط سلاحها الجو بل إلى استهداف مقراتها الحكومية، ما يعني تجريد نتنياهو من سلطته بشكل قوي.
– مساعي حزب الله لتطويق الجبهة مرتبطة بمحاولته لإعادة ترميم صفوفه كما كانت، وهذا الأمر يتطلب سلماً لا حرب.
إنطلاقاً من كل ذلك، يتبين تماماً وبوضح أن الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل لن تكون سهلة كما يعتقد الكثيرون، فالمسألة مُعقدة تماماً، وبالتالي بات من الملحوظ أن الدفع باتجاه معاكس لإمكانية اندلاع الحرب بدأ يأخذ دوره على صعيد النقاشات السياسية.. لكن السؤال الذي يتهرب منه البعض حالياً: ما مصير الإستراتيجية الدفاعية بعد المعركة الحالية؟ وهل سيكون “حزب الله” جزءاً منها؟
لبنان 24 – محمد الجنون
Discussion about this post