اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
اطلالة بانورامية على المشهد السوري وتداعياته على المشهد اللبناني. ما يحدث في دمشق لا بد من أن ينعكس على المشهد اللبناني. هنا أزمة تنتظر الحل الدولي، وهناك أزمة تنتظر، بدورها، الحل الدولي مع متمماته الاقليمية ما دامت هناك دول في المحيط تشيع الفوضى الجيوسياسية بمحاولتها القفز فوق جدلية الأزمنة، بنبش القبور واعادة احياء السلاطين.
أي دولة في لبنان، وأي دولة في سوريا؟ الفساد في عظامنا كلبنانيين، وكسوريين. الدولتان عرفتا كل أنواع الخراب لموقفهما من “اسرائيل”، وقد تبيّن أنها، وكما قال جوناثان تيبرمان، الكاتب في الـ “فورين بوليسي”، “روح أميركا في الشرق الأوسط”. هكذا حطمت العقوبات المرئية واللامرئية أرواحنا في كل من لبنان وسوريا.
لا خلاص الا بالخشوع أمام الحاخامات. حاخامات هذا الزمن المرّ. أوليفيه روا لاحظ أن الغرب كله خائف على الدولة العبرية أكثر من أي وقت مضى. حرب غزة حملت تشالمرز جونسون، أبرز مؤرخ عسكري أميركي، على القول ان الغرب أمام خيارين: اما استرداد اليهود من الشرق الأوسط، أو خنق أي قوة تشكل خطراً عليهم.
الخياران مستحيلان. “اسرائيل” أمام مأزق وجودي ما دام هناك فلسطينيون (العرب حالة أميركية أم حالة عدمية؟
استطراداً، لبنان كما سوريا داخل الحلقة المقفلة. من أطرف ما قيل لبعض مسؤولينا “يفترض بكم أن تستوعبوا بكل رحابة صدر تلك “الكمية الضئيلة” من النازحين السوريين. تصوروا لو سقط النظام بوجود 1200 فصيل مسلح (تقرير ديفيد شيلد، نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون) باتجاهات ايديولوجية، وسياسية، وبتبعيات، مختلفة. حروب أبدية ليكون عليكم استضافة 10 ملايين نازح. الطوفان الذي يخنق لبنان واللبنانيين.
قيل أيضاً “حظكم كبير أن حدودكم المترامية مع سوريا في قبضة النظام، لا في قبضة الأتراك، ولا في قبضة الأميركيين و”الاسرائيليين”، فضلاً عما تبقى من تلك الفصائل الهمجية المسلحة”.
حل مشكلة النازحين رهن بحل الأزمة في سوريا، وحيث الضائقة الاقتصادية المروعة. عقوبات قاتلة لا من أجل الديموقراطية، وهي الشعار الفولكلوري لأمبراطورية هي من ابتدعت جمهوريات الموز، وهي من كرّس أبدية تلك التوتاليتاريات القبلية، أو الدينية، العفنة. ارغام دمشق على أن تكون “راقصة الهيكل”. كم كان التاريخ هائلاً، ورائعاً، على ضفاف بردى. أيها السوريون هل حقاً أن التاريخ وضع عباءته الممزقة على كتفيه ومضى؟
بالتأكيد حرب غزة أحدثت واقعاً جديداً (على الأقل واقعاً سيكولوجياً) في المنطقة. الأسطورة التوراتية تناثرت أمام المقاتلين الحفاة. الصدمة الأميركية فوق التصور. في الادارة ثمة من يدعو الى تحطيم رأس بنيامين نتنياهو. في “الواشنطن بوست”، دعوة لوقف “زمن المجانين في أورشليم”. ماذا عن “مجانين نيويورك”، أي الصقور داخل اللوبي اليهودي الذين يرون أن بقاء “اسرائيل” يقتضي اعادة صياغة الخرائط في كل من لبنان وسوريا والعراق.
كتبنا الكثير عن الخطة الخاصة باحداث تغيير في الديوغرافيا الطائفية في لبنان، ما يستتبع تغيير الصيغة السياسية، والدستورية. هذا تداخلاً مع احداث تغييرات بنيوية في الدولة السورية. وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور نجار، وهو شخصية متزنة بصدقية عالية، نقل عن مسؤول فرنسي (أجل فرنسي) في الاتحاد الأوروبي قوله له “ان مصير النازحين السوريين سيكون مماثلاً لمصير اللاجئين الفلسطينيين. وعلينا كلنا أن ننسى الحدود التي رسمتها بريطانيا وفرنسا. اتفاقية سايكس ـ بيكو تعاد صياغتها في المنطقة، مع تغيير ديموغرافي في لبنان”.
في هذا العراء العظيم، كيف للبنان، وكيف لسوريا، وكيف للعراق، مواجهة التسونامي الذي قد يدق الأبواب في اي لحظة. تصدع داخلي في البلدان الثلاثة. الدول الاقليمية جاهزة للتفاعل مع أي سيناريو يحفظ مصالحها. السوريون باقون في لبنان، ولكن هل يبقى اللبنانيون في لبنان (63 % من الشبان اللبنانيين يرغبون في الهجرة)؟
كلنا منازلنا (أم جثثنا؟) على ظهورنا. أوليغارشيا سياسية رثة احترفت اللغة الدونكيشوتية، كما اللغة الغرائزية .”اسرائيل” الضعيفة قد تكون، بالرعاية الغربية، أشد خطراً من “اسرائيل” القوية. نقطة الضوء الوحيدة في هذا النفق. كلام روسي ان صدق “أميركا لن تكون المايسترو الوحيد في حل أزمات المنطقة”
Discussion about this post