اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
لم ينزل كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في رسالة الفصح بردًا وسلامًا على قلب رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما حمّله المسؤولية المباشرة بتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيكون بذلك قد لاقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع في حملته المباشرة على رئيس المجلس.
ولم يكتف الراعي بهذا القدر من الاتهامات، بل ذهب بعيدا أيضًا في مسألتين لهما علاقة مباشرة بـ “الثنائي الشيعي”، أولهما أنّ “جنوب لبنان، بل كلّ لبنان هو لكلّ اللّبنانيّين الّذين يقرّرون سويًّا ومعًا مستقبل وطنهم وسلامه وأمنه، ومتى يُحارب ومِن أجل مَن”، داعيًا اللّبنانيّين إلى “كلمة سواء تعلن وقف الحرب فورًا ومن دون إبطاء، والالتزام بالقرارات الدّوليّة ذات الصّلة، ولا سيّما القرار 1701، وتحييد الجنوب عن آلامه من آلة القتل الإسرائيليّة، وإعلاء مفاهيم السّلام والقيامة”.
وثاني هاتين المسألتين أنّ “لبنان بدأ يفقد جوهر هويته وفقد حياده الإيجابي الناشط ودخل رغماً عنه في صراعات وحروب إقليمية ودولية لم تكن لصالحه ولصالح أبنائه، وهذا الحياد ليس مستحيلاً، بل هو ركيزة قيام لبنان الجامع”.
هذا الكلام وما فيه من وضوح، بالأخص في ما له علاقة بالاستحقاق الرئاسي، لن يمر عند “أهل عين التينة مرور الكرام، خصوصًا انه كلام من النوع الذي يُسمع بهذه الحدّية للمرّة الأولى من أعلى مرجعية روحية مسيحية. وعلى رغم الانتقادات التي كانت توجّه إلى الرئيس بري تحديدًا لم تكن بهذه الحدّية، فإن كلام البطريرك الماروني “سيفتح” شهية الذين كانوا “يسايرون” الرئيس بري في كثير من الأمور، وآخرهم كان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي غمز، في آخر طّلة إعلامية له، إيجابًا من قناة رئيس المجلس، وقد وصفه بأنه آخر الحكماء.
فما قاله البطريرك الماروني في رسالة الفصح لم يقله أحد من قبله، وفيه اتهام مباشر لمجلس النواب ورئيسه “الذي يحرم عمداً ومن دون مبرر قانوني دولة لبنان من رئيس، مخالفًا الدستور في مقدّمته الّتي تعلن أنّ لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، وفي طريقة انتخابه في المادّة 49، وفي فقدان المجلس صلاحيّته الاشتراعيّة، ليكون فقط هيئةً ناخبةً بحسب المادّة 75″، متسائلًا “أين الميثاق؟ وأين العنصر المسيحي الأساسي في تكوين الميثاق الوطني”؟
الردّ المباشر على كلام الراعي جاء على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خلال الدرس الرمضاني الذي توجه إليه بالقول: “الميثاق شراكة وعقيدة وطنية، والبلد بقلب أقدس حرب إلا لمن لا يهمّه لبنان، وكما يخوض الرئيس نبيه بري المعركة السيادية على الجبهة الجنوبية يخوض معركة الشراكة الوطنية بالمجلس النيابي بأكبر مقاييس وطنية ودستورية، ومعركة القرار والشراكة الوطنية ليست أقل من الملحمة السيادية التي يخوضها الثنائي المقاوم على الجبهة الجنوبية، والجنوب وأهل الجنوب أبطال الحروب وأسياد مصالحها الوطنية، وبلا الجنوب وأهل الجنوب لا يبقى للبنان وجود”.
وختم: “للتاريخ أقول بحق: لبنان هبة المقاومة، لولا المقاومة لم يبق من لبنان إلا مستوطنات تجترّها أنياب الصهيونية”.
ووفقًا للمعلومات المتوافرة فإن الرئيس بري أعطى توجيهاته لجميع أعضاء كتلة “التنمية والتحرير” بعدم الردّ على كلام البطريرك الراعي “لئلا نكون مساهمين في صب الزيت على النار”، على أن تُترك المعالجات لحركة الاتصالات الجانبية بعيدًا عن الانفعالية، التي من شأنها أن تزيد من شرخ الانقسامات في أدّق مرحلة من تاريخ لبنان.
أوساط سياسية مراقبة رأت في كلام الراعي وردّ قبلان نهجين مختلفين في النهج والتفكير، وهما يعبّران في شكل واضح وصريح عن انقسام اللبنانيين، عموديًا وأفقيًا، إلى أحد هذين النهجين في التفكير، وهو أمر في غاية الخطورة، خصوصًا عندما تكلم البطريرك الماروني، “خليفة بطريرك لبنان الكبير” عن أن لبنان “بدأ يفقد جوهر هويته”.
وفي رأي هذه الأوساط أنه إن لم تُعالج هذه الفروقات في النهج والتفكير على طاولة حوار تُطرح فيها كل هذه الهواجس بصراحة تامة وبوضوح وشفافية فإن الخيارات الأخرى ستتقدّم على أي خيار وحدوي.
اندريه قصاص – “لبنان 24”
Discussion about this post