اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
لا تزال إسرائيل تضع العصا داخل دواليب الجهود العربية والدولية التي تُبذل من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعلان تهدئة شاملة مع حركة “حماس” يتم بموجبها الإفراج عن مئات “الأسرى” من الجانبين وتطبيق شروط أخرى تتمسك بها المقاومة بكل قوة وترفض التنازل عنها.
إسرائيل والتي يتخبط جيشها داخل شوارع وأزقة قطاع غزة، وذاق من الويلات والخسائر والفضائح ما لم يتذوقه في كل الحروب السابقة التي خاضها، تحاول إظهار نفسها على أنها تجلس بمكان القوة ولا تزال تتحكم بأوراق المفاوضات الساخنة، وإنها من يرفض وقف إطلاق النار، رغم أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
القاهرة التي تستضيف على أراضيها لقاءات مكوكية بين وفود من حركة “حماس” والجانب الإسرائيلي، تحاول بجانب قطر وأمريكا، التوصل لنقطة تقاطع تُنهي الحرب الدامية على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 82 الف شهيد ودمار هائل إضافة لكوارث إنسانية وبيئية وسكانية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث.
لكن يبدو أن هذه الجولة ستكون كذلك صعبة، ونسبة الفشل تتساوى تمامًا أو حتى أكر بقليل من نسبة النجاح، نظرًا لأن التهدئة بغزة تعني بالنسبة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، انتهاء حكومة وانهيارها وحتى يمكن تقديمه للمحاكمة على التهم التي تلاحقه منذ سنوات طويلة.
الساعات الـ24 ساعة الماضية كانت ساخنة داخل الغرف المغلقة، وتزامنت مع مجازر إسرائيلية بشعة في قطاع غزة، في ظل تهديد إسرائيلي باجتياح مدينة رفح، كأوراق سياسية يلعب فيها نتنياهو للضغط على “حماس” للتنازل عن شروطها في صفقة التهدئة المرتقبة.
وأمس الثلاثاء عُقدت في العاصمة المصرية القاهرة، جولة مباحثات بمشاركة مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس الموساد، دافيد برنياع، ومسؤولين مصريين، للتباحث في صفقة تبادل أسرى جديدة مع “حماس”.
العقبة الرئيسية
ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن “مسؤول مصري رفيع المستوى” لم تسمّه أنّ المحادثات جرت “في أجواء إيجابية”، وأضاف المسؤول المصري نفسه أنّ “المفاوضات ستستمرّ خلال الأيام الثلاثة المقبلة” في ظلّ تزايد الضغوط الدولية للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس بعدما أعلنت “تل أبيب” عزمها على شنّ هجوم وشيك على رفح، الملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني في قطاع غزة
في حين أكد مسؤول أمريكي في حديث لقناة “سي إن إن”، أن المفاوضات في القاهرة حول صفقة تبادل المحتجزين بين إسرائيل و”حماس” لم تسفر عن أي اختراق، واصفًا المفاوضات بأنها “مثمرة وجدية”، مضيفا أنها لم تصل بعد إلى اختراق يؤدي إلى الصفقة النهائية.
وأشار مسؤول آخر إلى أن الخلافات بين الطرفين تتمحور حول عدد الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم في إطار الصفقة.
هذا وغادر الوفد الإسرائيلي القاهرة وتوجه إلى إسرائيل، بينما قال مصدران في “حماس” إن وفد الحركة لا يخطط للتوجه إلى مصر هذا الأسبوع.
وكانت التقارير الإعلامية تشير إلى أن “حماس” عرضت مقترحا بإطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون الإسرائيلية الذين تم اعتقالهم حتى يوم توقيع الصفقة، ورفض نتنياهو هذا الطلب.
كما قال مسؤول إسرائيلي إن “الفجوة الرئيسية المتبقية في المفاوضات هي عدد الأسرى الكبير الذي تطلبه حماس مقابل المختطفين”، مشيرا إلى أن “المحادثات انتهت دون شق طريق، لكن جرى تسجيل تقدم في فهم الفجوات التي يجب سدها من أجل الدخول في المفاوضات المؤدية إلى صفقة”؛ حسبما نقل عنه موقع “واللا” الإلكتروني.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن “الفجوة الرئيسية تتعلق بعدد الأسرى الذي تطلبه حماس مقابل كل مختطف إسرائيلي، وخصوصًا الجنود والمجندات الأسرى”، موضحا أن “اللقاء كان جيدا ومعمقا في فهم الفجوات المتبقية وخصوصًا بما يتعلق بالأسرى، وكل الأطراف المشاركة تبذل جهدا كبيرا في محاولة لشق طريق”.
واعتبر أنه “في حال لم تقم “حماس” بخفض عدد الأسرى الذي تطلبه بشكل كبير فإنه لن يكون هناك أي تقدم في المفاوضات، حيث من المزمع أن تقوم مصر وقطر بمحادثات مع حماس في الأيام القريبة وفهم ما إذا كانت على استعداد للمرونة من أجل الدخول في مفاوضات أكثر جدية”.
إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفادت نقلاً عن مصادر لم تسمّها، بأنّ إسرائيل مستعدة لزيادة عدد أيام الهدنة في إطار صفقة مع حركة حماس، شريطة خفض عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم.
وتابعت الإذاعة، أنّ “الأمر الأسوأ هو طرح صفقة على طاولة الحكومة وعدم التصديق عليها، ولذلك يصرّون في الجانب الإسرائيلي على تقليص مطالب “حماس” التي تصل إلى ألف أسير مقابل إطلاق سراح الدفعة الأولى من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة والتي قد تضم نحو 45 محتجزاً، وهنا تكمن النقطة الأساسية، إذ إنّ إسرائيل غير مستعدة لإبداء مرونة فيها”.
من جانبها، نقلت القناة “13” العبرية الخاصة عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه، إن خلافا نشب الليلة الماضية بين النخبة السياسية والأمنية في إسرائيل حول مشاركة الوفد في محادثات القاهرة، وأشارت إلى أن هذا الخلاف دفع منسق الأسرى والمفقودين نيتسان ألون إلى البقاء في إسرائيل وعدم السفر إلى مصر.
وبحسب ذات المسؤول، فإن وصول الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة كان بهدف إجراء “محادثات مجاملة بناء على طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
موقف حماس
وأشارت إلى أن نتنياهو أرسل مستشاره السياسي للتأكد من عدم تجاوز رئيس “الموساد” لصلاحياته في القاهرة.
وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وسمحت هدنة استمرت أسبوعا في تشرين الثاني/نوفمبر بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
من جانبه حذر عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، ممّا يتم تداوله من شائعات لا صحة لها حول مواقف الحركة فيما يتعلق بالمفاوضات وترتيبات الوضع الفلسطيني، وقال الرشق في تصريحٍ مقتضب: إنّ هناك تسريبات كثيرة، تتناقلها بعض وسائل الإعلام عن مصادر هنا وهناك تتحدث عن مواقف لحركة حماس بخصوص المفاوضات أو ترتيبات الوضع الفلسطيني.
وشدد على أنّه “من الضروري الانتباه والحذر، فمواقف الحركة الرسمية والمعتمدة يتم التعبير عنها في وقتها المناسب، من خلال قيادة الحركة وبياناتها الرسمية”.
وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية على أنّ موقف الحركة والمقاومة الفلسطينية بأن أي اتفاق يجب أن يضمن وقف إطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع وإنجاز صفقة تبادل جدية ومعتبراً أن أساس استقرار المنطقة هو إنهاء الاحتلال ونيل شعبنا الفلسطيني حقوق أرضه ومقدساته.
وكان القيادي في حماس أسامة حمدان قال في مؤتمره الصحفي في بيروت الإثنين: نخوض محادثات صعبة في مسارات متعدّدة، ونتعاطى بكل مسؤولية مع كل المبادرات والمساعي، التي تلبّي طموحات وتطلّعات أهلنا في قطاع غزَّة، من أجل وقف العدوان، وإنهاء الحصار، وتحقيق الإغاثة والإعمار وتحرير الأسرى في سجون العدو.
وارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي الى 28473 شهيد و 68146 اصابة منذ السابع من اكتوبر الماضي.
وأمام هذا المشهد.. يبقى التساؤل المطروح، متى سينزل نتنياهو عن الشجرة؟ وما مصير غزة بعد التهدئة؟ وماذا يدور برأس السنوار؟
رأي اليوم
Discussion about this post