اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
أكثر بكثير من أن يختزل ذاك الدم، وذاك الخراب، وذاك الأنين، بلوحة “غرنيكا” لبابلو بيكاسو. وأشد هولاً بكثير المقارنة بين ما فعله هولاكو في غزو بغداد، وما يفعله نتنياهو في غزو غزة. “انه الجحيم أيها العرب”. صرخة من تحت الأنقاض. اصغوا الى صلوات، وأدعية، الحاخامات. يهوه يعود الى كهفه لا ليرشق السابلة بالحجارة. الآن لكأنه الشيطان يتقيأ… حجارة النار!
هنا اطلالة على ما قاله وزير خارجية عربي، يفترض أن تكون دولته معنية أكثر من غيرها بما يحدث على الأرض، لزميل فلسطيني يمت اليه بصلة القربى. كان التعليق المرير لزميلنا “لقد قرأت الكثير عن التشكيل الفيزيولوجي للديناصورات. قطعاً لم أتوقع أن يكون هذا هو التشكيل الفيزيولوجي للمسؤولين العرب”.
ننقل كلام وزير البلاط، وخادم البلاط، بالرغم من أن المشهد يتعدى اللغة، ويتعدى السياسة، كما يتعدى تفاهة ما نكتب كمحللين سياسيين، وان كانت الشاشات قد غصت بذلك النوع من المحللين بكل مواصفات نعيمة عاكف…
الوزير بدأ كلامه بالسؤال “هل شاهدت اسماعيل هنية وهو يطل عبر قناة “الجزيرة” من الدوحة، وكأنه خارج للتو من صالون للتجميل؟”. هذا صحيح. كان منظره غريباً، وصادماً. لا أثر في وجهه، وفي عينيه، ما يشي بأنه يعيش الحالة التي يعيشها أهل غزة، وقد فاقوا، في معاناتهم، كل المعاناة التي تحدثت عنها الميتولوجيات القديمة حين كانت الأمم رهينة تلك الآلهة المجنونة.
في نظره أن حركة “حماس” “تابعة ايدولوجياً لتركيا، وتابعة استراتيجياً لايران، وتابعة مالياً لقطر. قيادتها كوكتيل من هذه التناقضات. وهؤلاء هم “الاخوان المسلمون” منذ أن “خلقهم” حسن البنا، ويبقون هكذا الانكشارية في خدمة الأخرين”.
الوزير واثق من أن “عملية السابع من تشرين الأول هي عملية ايرانية بالكامل. كل حلقات السيناريو أعدّت في طهران للحيلولة دون السعودية والتطبيع مع اسرائيل. هذا التطبيع لو حصل لكان من شأنه أن يقلب المشهد الشرق أوسطي رأساً على عقب. ولا شك أن الايرانيين نجحوا في ذلك، لأؤكد لك أن هذا الى حين، ولأسباب لا مجال لتعدادها الآن وسط هذا الضجيج…”.
وقال “لا شك أن “حزب الله” ليس فقط بالقوة الضاربة وانما أيضاً القوة الهائلة التي يستند اليه آيات الله في أدائهم الجيوسياسي والجيوستراتيجي. وكما تعلم فان البوابة الفلسطينية هي أفضل السبل ان لولوج المنطقة أو لاستقطاب المشاعر. في هذه الحال، تبدو غزة، بهويتها الفلسطينية، وبانتمائها المذهبي، البوابة السحرية للوصول الى عمق الحالة العربية، بما تنطوي عليه من الهشاشة، والتبعثر، والتعثر”.
أضاف الوزير أن الايرانيين “يتقنون التعامل مع اللحظات الحرجة. حتى الساعة يلاعبون الأميركيين والاسرائيليين تكتيكياً ليكون لهم الدور الأساسي في اي حل، أياً كان شكل هذا الحل، مع ادراكهم التام لأي تداعيات أبوكاليبتية لتوسع نطاق الحرب على لبنان، وحيث الدولة في حال الانحلال، وعلى سوريا حيث الدولة في حال التفكك”.
“الأميركيون، بدورهم، يعتبرون أن اخراج غزة من “الحقيبة الايرانية”، وبمؤازرة حلفاء من العرب، يفضي تلقائياً الى تراجع دراماتيكي لدور طهران في سائر أرجاء المنطقة، ومع اعتبار أن “حزب الله” يواجه، في لبنان، بالتركيبة الطوائفية المعقدة، وبالتشققات السياسية الحادة، الكثير من المشكلات. لذلك يتصرف بالكثير من التأني، ولا أتصور أنه سيذهب الى الأبعد، وهو الذي يعتقد أنه أربك جزءأ كبيراً من الجيش الاسرائيلي، ما حدّ من أي اندفاع لما يمكن أن أدعوها عملية “طوفان الهيكل” باتجاه غزة”.
يعترف الوزير بأن أحداً “لا يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن تؤول اليه الأحداث. لكن الأميركيين الذين يخشون، فعلاً، من امتداد الحريق، ما يهدد مصالحهم في المنطقة، أبلغوا أكثر من جهة عربية، بمن في ذلك نحن، بانهم سيعيدون النظر في طريقة تعاملهم مع الملف الفلسطيني”.
هذه اطلالة على رؤية يلاط عربي كصورة عن كل بلاط آخر، كما لو أن القضية الفلسطينية قضية ايرانية لا قضية عربية، وكما لو أن الفلسطينيين فرس لا عرب. أبعد من ذلك، كما لو أن اسرائيل لم تثبت، على مدى أكثر من سبعة عقود، أنها عازمة على تنفيذ حلمها التوراتي، ولوعلى جماجم نصف مليار عربي.
هل بأدمغة الديناصورات نواجه الأدمغة التي جعلت الغرب بأسره قهرمانة من قهرمانات الهيكل..؟!
Discussion about this post