اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
هذه هي الرسائل التي بعث بها جو بايدن الى ايران: لم نأت الى المنطقة لنضربكم، أو لنضرب حزب الله. خطوطنا الحمراء تعرفونها مثلما نعرف خطوطكم الحمراء. منذ سنوات ونحن واياكم نضبط الايقاع. لتبق الأمور هكذا…
منذ البداية كان واضحاً أن الولايات المتحدة المنشغلة بالصراعات الكبرى، ان في الشرق الأوروبي أو في الشرق الآسيوي، تريد للشرق الأوسط أن يبقى في الثلاجة ريثما تتبلور نتائج تلك الصراعات. النتائج هي التي تشق الطريق أمام صياغة جديدة للمعادلات وللعلاقات، وحتى للخرائط في مناطق مختلفة من العالم.
في الوقت نفسه، تدرك الادارة أي أحصنة مجنونة تحكم “اسرائيل”، بالتأويل الأبوكاليتي للنص التوراتي، وبالفهم الغرائبي ليهوه الذي عهد في نظرهم الى اليهود بقيادة العالم. هكذا ينتظرون ظهور “الماشيح” ليسلمهم كل مفاتيح الكرة الأرضية، ويغدو سائر البشر عبيداً لهم. ولكن ألا يمسك اليهود الآن بكل مفاصل القوة على ضفتي الأطلسي؟
تابعوا ما يقوله وما يكتبه توماس فريدمان، الصحافي الأميركي (اليهودي) البارز. أميركا تتوجس من الاهتزازات الايديولوجية في الشرق الأوسط، لكأنها تقف هنا على قرن ثور. طويلاً اعتمدت تكتيكياً واستراتيجياً على “اسرائيل” كذراع لها. لكن التجربة في لبنان حطمت هذه الذراع، حتى اذا حدثت عملية غلاف غزة، تكرست “اسرائيل” كظاهرة عرجاء، لكنها عمياء أيضاً.
عمياء بترسانتها النووية التي يقول الأميركيون أنها حاولت أكثر من مرة استخدامها ضد ايران، لكنهم هم من حالوا بينها وبين تلك الخطوة، التي لا بد ان تعقبها سلسلة من الزلازل على امتداد الشرق الأوسط.
اذاً، ادارة جو بايدن فتحت أكثر من باب مع آيات الله. لم تبعث بتلك الأرمادا لتضرب. كادت تقول بالتعاون لضبط “معسكر المجانين”. ولكن، أليس الجنون اليومي حين تنقض دبابات يوءاف غالانت على المدن والمخيمات في الضفة الغربية، وفي احكام الحصار على غزة ؟
جدعون ليفي سأل “أما من ألكسندر سولجنستين “اسرائيلي” يكتب عن “أرخبيل الغولاغ” هنا؟ مثلما كتب السوفياتي المنشق عن معسكر الاعتقال في سيبيريا ابان العهد الستاليني، وحيث لم تكن هناك حدود للفظاعات التي ارتكبت. الائتلاف الحالي يقوم بما هو أشد هولاً من الفظاعات الستالينية، ومن الفظاعات الهتلرية…
فريدمان يعتبر أن الادارات الأميركية، ومنذ هاري ترومان، هي المسؤولة عن هشاشة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. على هذه الشاكلة تريد للأنظمة أن تكون مدينة بوجودها وببقائها للقوة الأميركية، لحين نضوب النفط والغاز، وربما الثروات الأخرى أيضاً (فضلاً عن الأسواق)، بعدما كان جون فوستر دالاس قد سبق برنارد لويس في النظر الى الشرق الأوسط كعربة عتيقة تجرها آلهة مجنونة.
المفكر الروسي ألكسندر دوغين رأى أن توصيف لويس ينطبق أيضاً على الكرة الأرضية، مضيفاً بأن ثمة الهاً مجنوناً واحداً يصر أن يكون الحوذي الوحيد لتلك العربة. هكذا يرى الايرانيون أيضاً أميركا التي لا يثقون بها. يعتقدون ألا فارق في المفهوم الأميركي بين الأبواب الديبلوماسية و… ابواب النار.
واذا كانت الادارة جادة في رسائلها، لماذا ارسال تلك الأرمادا البحرية والجوية، مع نشر منظومات باتريوت، وحتى منظومات ثاد في أرجاء المنطقة؟ حشد هائل يوحي بحرب كبرى، فهل يحتاج بنيامين نتنياهو الى تلك القوة الأسطورية ليطمئن الى بقائه في رئاسة الحكومة، مع أن العلاقات بينه وبين بايدن لم تكن يوماً على ما يرام؟
هذه سنة انتخابية في أميركا. متى لم يقدم المرشحون على بيع أرواحهم (بلادهم) للوبي اليهودي. بايدن بدا أثناء زيارته لـ “تل أبيب” كدمية من القش أمام قادة “اسرائيل”، الذين كان محمود دؤويش يصفهم بـ”ثيران الهيكل” .
الغرب كله بمفكريه ومثقفيه سقط في الاختبار، لتبدو الدول الغربية كما لو أنها مستوطنات يهودية (أليست غالبية الدول العربية كذلك؟) ذات يوم، قال روجيه غارودي “لكأن يهوذا هو من يمتطي ظهر الشيطان”.
في كل الأحوال اذا نشبت الحرب من أي جهة كانت، الشرق الأوسط لا بد أن يصبح صورة عن… الجحيم!!
Discussion about this post