اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرحي
ربما تناسى العرب قول دافيد بن غوريون، وهو أحد آباء “اسرائيل”، منذ نحو نصف قرن: “أحلم أن استيقظ ذات يوم لأرى غزة وقد زالت من الوجود”، كـ “قنبلة ديموغرافية في الخاصرة”. ولقد انفجرت القنبلة !
دعونا اليوم نكتب، لا بلغة البكاء ـ وهي لغة العرب ـ وانما بلغة الهذيان. أنتوني بلينكن وزير الخارجية االأميركية، زار “اسرائيل” تلاه وزير الدفاع لويد أوستن والآن جو بايدن. متى يزور الملك داود “اسرائيل” ليقول لنا ان “اسرائيل” هي أميركا الصغرى، وأن أميركا هي “اسرائيل” الكبرى. هذه هي القناعة الايديولوجية لدى أكثر من 50 مليون أميركي ينتمون الى “الصهيونية المسيحية”.
كل ما فعله الأميركيون اجلالاً لمواقف العرب، تأمين المياه للجزء الجنوبي من القطاع ، أما أهل الشمال فعليهم الرحيل. بعدهم أهل الضفة ليعقبهم الفلسطينيون داخل الخط الأخضر. هذه هي وصية يهوه. دولة يهودية خالية من الغواييم (الأغيار).
ما يقوم به ذلك الائتلاف البربري، بدعم من المؤسسة اليهودية الضاربة أخطبوطياً في العقل الغربي ، تنفيذ وصية يهوه، اي وصية الله، كما يقول ليو شتراوس، ليضطرنا الى التساؤل من المسؤول عن دوراننا الأبدي داخل ثقافة القبيلة وداخل ثقافة الطائفة وداخل ثقافة ألف ليلة وليلة، الله أم أميركا؟ الهذيان يذهب بنا الى الأبعد… أي صفقة تلك بين الله وأميركا؟
تريدون صورة مصغرة ـ ومدمرة ـ عن وضعنا. أنظروا الى لبنان. في بعض المناطق اعداد المدارس والأديرة والمساجد لاستضافة النازحين الشيعة. في مناطق أخرى أرقام الايجارات تشتعل بسبب الهجرة الشيعية (الهجرة داخل البلد الواحد). هؤلاء الذين شاءت الأقدار أن يتواجدوا على الحدود مع “اسرائيل”، ليعانوا من الغياب الرهيب والمريب للدولة، قبل أن يتحولوا الى رهائن في قبضة فدائيي ياسر عرفات، والى ضحايا لدبابات آرييل شارون.
بديهي أن يكون هناك بين شيعة لبنان من يسأل لماذا نحن بين المليار ونصف مليار مسلم، بالمقامات الشاهقة وبالتيجان المرصعة وبالترسانات التي بتريليونات الدولارات، ينبغي أن نقاتل أو نقتل من أجل اسماعيل هنية الذي يقيم في جناح ملكي في أحد قصور الدوحة؟
لو قيّض للشيعة أن يتواجدوا في شمال لبنان، ولم يعانوا ما عانوه من البربرية “الاسرائيلية”، ومن ظلم ذوي القربى، هل كانوا على ما هم عليه الآن ؟ لا جواب حين نكون في جمهورية والت ديزني، وحيث الطائفة هي الدولة، وحيث ملوك الطوائف هم الأنبياء…
تصوروا أن هناك دولة عربية كبرى، بمخزون بشري يتعدى المائة مليون، تستضيف جامعة الدول العربية، كنسخة عن ملهى الباريزيانا في بيروت (أيام زمان). طرابيش وأراكيل بَصَمت في قمة 2002 بالأصابع العشرة، على مبادرة للسلام لا تليق حتى بالدجاج، ودون أن تتمكن من أن تطأ عتبة المبنى الزجاجي في نيورك. العرب أرقام. يا صاحبي… العرب أصفار!
تلك الدولة الكبرى، وريثة الفراعنة، أشاحت بنظرها عن كل مصائب وحرائق الأشقاء، حتى في ليبيا، وحتى في السودان المتاخمتين، دون أن تملك سوى الشكوى على ما تفعله أثيوبيا، كدولة من العالم الثالث عشر، بالنيل. هل أدركتم أين مكاننا، كعراة حتى العظم، في الحرملك الأميركي؟
الدولة اياها، والتي يصل اليها أنين الأطفال وصراخ الثكالى في غزة، عليها أن تقدم العريش قرباناً ليهوه بعدما تم تطوير المرفأ والمطار، لاستضافة أولئك الذين يتم اقتلاعهم بالنيران من غزة هاشم (حيث قبرهاشم عبد المناف الجد الثاني للنبي).
ونحن أمام هذا الهولوكوست الذي يحتوي على جثثنا جميعاً، ماذا لو مزق الرئيس عبد الفتاح السيسي اتفاقية كمب ديفيد، وأطلق مئات الطائرات ومئات الدبابات، ليؤكد أن مصر التي هي أم الدنيا أم العرب ايضاً. قيل لنا في القاهرة “لقد مات التاريخ هنا، حتى أن أبا الهول طلب تأشيرة دخول الى جهنم”.
لا تربطني، ولن تربطني أي علاقة مع ملوك التوراة، لكنني أردد مع القراء الأعزاء “على من تقرأ مزاميرك يا داود”؟ داود اياه الذي يرتدي ثيابه الملكية الآن للتوجه الى “اسرائيل”. أما من نبي يزورنا كعرب سوى شهريار؟ منذ البداية قلنا… هذيان!!
Discussion about this post