اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
من هي الشخصية اللبنانية التي أوحت للموفد القطري بما معناه “عندنا المال يمكن أن يأتي بأحدب نوتردام (ولم يقل غوار الطوشي) رئيساً للجمهورية”…؟
المعلوم للعموم ـ اذا أردتم للعامة ـ أن هناك أحزاباً معروضة مع نوابها على الأرصفة للبيع أو للايجار، بعدما أوصدت أبواب بيت المال أمامها. هذه ليست آفتنا وحدنا. معمر القذافي، بشخصيته الغرائبية، اشترى رئيس جمهورية في فرنسا، ونصب خيمته في باحة الاليزيه، ليوحي للعالم أنه ابتاع الدولة، التي مثلما أنتجت رينيه ديكارت أنتجت نابليون بونابرت.
لا ندري اذا كانت الشخصية اياها قد قالت لـ”ابو فهد” أن لبنان أمام منعطف وجودي. وثائق فرساي (1919) تثبت أن جورج كليمنصو عرض على البطريرك الياس الحويك إلحاق وادي النصارى السورية بما دعيت لاحقاً “دولة لبنان الكبير”. البطريرك رفض كي لا يتفوق الأرثوذكس عددياً على الموارنة.
الآن، مع تكديس النازحين السوريين (التكديس المبرمج أميركياً وحتى “اسرائيلياً”) على أرضنا، حلّت الديموغرافيا السورية محل الجغرافيا السورية، تحقيقاً لنظرية احدى الدول العربية التي رأت سقوط الصيغة القديمة القائمة على التوازن الهش والملتبس بين الطوائف، ليكون البديل طائفة مركزية وتدور حولها سائر الطوائف السبعة عشر!
هكذا تتغير البنية التاريخية للبنان، كنتيجة تلقائية لتغيّر الواقع على الأرض، لتتكرس الغاية الخفية (والفلسفية) من وثيقة الطائف ، أن يصبح رئيس الحكومة الحاكم الفعلي، ويتحول رئيس الجمهورية (بالصلاحيات الطوباوية التي يصرّ عليها أنطوان مسرّة) الى نزيل في قصر بعبدا. القصر الذي يوحي تشكيله المعماري بأنه أقرب ما يكون الى مخيم للنازحين …
كل ما في الأمر أن يؤتى برئيس جمهورية كـ “شاهد ما شافش حاجة”. لاحظوا كيف تتم خلسة، اضافة بعض الأسماء الباهتة على اللائحة، بالتوازي مع الصلاحيات الباهته التي أناطتها به المادة 49 من الدستور، دون التوقف عند بعض الأقلام التي احترفت الفذلكة الدستورية والفذلكة اللغوية الى حد الهذيان.
لا شك أن “أبو فهد” وضع في رأسه البديل المالي كخيار أخير، على أن تأتي المبادرة عبر الأقنية الداخلية. الدوحة شريكة في التنقيب عن الغاز، وهي على علاقة وثيقة مع كل من واشنطن وطهران. وتسعى الى ادارة كونسورتيوم النفط شرق المتوسط. من هنا الحاجة الى الانتظام الدستوري في لبنان، كون حكومة تصريف الأعمال لا تمتلك صلاحية التعامل مع المقتضيات القانونية والاستراتيجية، لادارة مسألة على ذلك المستوى من الحساسية.
انتبهوا هنا الى ما يتردد في الظل من أن يكون الرئيس العتيد على صلة ما بمافيا المحروقات. مَن في اعتقادكم تنطبق عليه هذه الصفة ؟ حتى الآن، لم يدخل الأميركيون في لعبة الأسماء، هل لكونهم يريدون للدولة أن تتآكل أكثر فأكثر ليغدو توطين النازحين عملية أوتوماتيكية ؟
ليست أميركا الناخب الوحيد اذا أخذنا بالاعتبار صراع الغاز الذي وصل الى ذروته مع اندلاع الحرب في أوكرانيا ، هناك قطر وفرنسا أيضاً. ماذا يقول الروس والصينيون، ناهيك بالايرانيين، بعدما تم تفسير كلام الرئيس نجيب ميقاتي في نيويورك، بأنه تدويل للملف الرئاسي؟
الغاز، كعنصر حيوي من عناصر الطاقة، بات حالة دولية. الأميركيون أوقفوا الزمن لعقود طويلة، (ولا يزال متوقفاً) في المنطقة العربية، ليتسنى لهم الاستئثار بالنفط الذي كان أحد مظاهر (وظواهر) الحرب الباردة، أو الحروب التي نشبت على تخوم، أو لضرورات تكتيكية لهذه الحرب. الدليل في نظرية رونالد ريغان حول “حرائق الغابات”، أي الحروب المبرمجة لأغراض استراتيجية.
اذاً، الغاز إما أن يكون دافعاً نحو انتخاب رئيس للجمهورية، أو حائلاً دون ذلك. لا ندري اذا كان تحوّل لبنان الى دولة نفطية سيجعل منه الفردوس أم الجحيم. ثمة دول (ليبيا والسودان مثالاً) تحولت بفعل ثرواتها الى غرنيكا دموية.
بذلك النوع من القادة، يبدو أننا أقرب الى الجحيم. لا نريد أن نزيد في تشاؤمكم. لعل الصراع يكون لمصلحتنا اذا عرفنا أين نضع أقدامنا ورؤوسنا في هذه المتاهة …
Discussion about this post