اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
في العاشر من سبتمبر/أيلول، شهدت ليبيا إعصارًا قويًا يُعرف باسم إعصار دانيال، والذي يُعتبر أقوى الأعاصير المسجلة في حوض البحر الأبيض المتوسط. تسبب هذا الإعصار في فيضانات كبيرة في مدينة درنة الليبية، وأسفر عن وفاة أكثر من ألفي شخص، ومن المتوقع أن يزيد عدد الضحايا بشكل أكبر.
تعتبر الأعاصير في حوض البحر الأبيض المتوسط ظاهرة نادرة، خاصة الأعاصير الخطيرة. تُعرف هذه الأعاصير علميًا باسم هوريكان أو العواصف شبه الاستوائية، وتتشابه بشكل كبير في تكوينها مع العواصف شبه الاستوائية التي تحدث فوق المحيط الأطلسي. تشكل هذه العواصف فوق المياه الباردة والمفتوحة، ومن بين المناطق المهددة بالعواصف في البحر الأبيض المتوسط هي غرب المتوسط ووسط شمال ليبيا.
ترتفع درجات حرارة المياه خلال شهري أغسطس وسبتمبر، حيث تتراوح ما بين 24 و28 درجة مئوية، وتُعتبر نسبة 20 درجة مئوية كافية لنمو العواصف. يُساهم الهواء العلوي البارد القادم من الشمال في تكوين هذه الأعاصير. وعادةً ما تحدث معظم العواصف التي تمر عبر حوض المتوسط بين سبتمبر ويناير.
من بين الأعاصير والعواصف الكبيرة التي ضربت البحر المتوسط نجد:
**1. إعصار ماكسيمو في صقلية يناير 1982:** في يناير 1982، شهد البحر الأبيض المتوسط عاصفةً قويةً جدًا. في البداية، كانت هذه العاصفة عبارة عن رياح ذات تطور صغير ناتجة عن انخفاض الضغط والتي انتقلت شمالًا بين ليبيا وصقلية. في 23 يناير، بدأت عين الإعصار تظهر واكتسب الإعصار صفة استوائية. خلال هذه الفترة، قُست سُرعة الرياح ووصلت إلى 100 كيلومتر في الساعة. تلاشت العاصفة في 27 يناير.
**2. إعصار شمال ليبيا في عام 1995:** في يناير 1995، شهد البحر المتوسط عاصفةً استوائيةً تم تصنيفها كإعصار من الدرجة الأولى. بدأ هذا الإعصار كاضطراب جوي بين تونس واليونان، ثم تطور إلى عاصفة استوائية واتجه نحو ليبيا. وقد تسبب هذا الإعصار في خسائر كبيرة ودمارًا شديدًا في المناطق السكنية والمنشآت النفطية في ليبيا.
وفي سبتمبر 2003، شهدت منطقة قبالة السواحل التونسية تكوّن إعصارًا نادرًا. في 16 سبتمبر 2003، تكوّن ضغط منخفض ذو خصائص مدارية على المياه الدافئة في هذه المنطقة. بعد يوم واحد فقط، بدأت هذه العاصفة تتحول شرقًا وتزداد قوة، مع رياح تصل سرعتها إلى 80 كيلومترًا في الساعة. هذه العاصفة أسفرت عن فيضانات في جزيرة صقلية في إيطاليا وعلى بعض السواحل التونسية.
صقلية هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط وتتبع إيطاليا، حيث تُعتبر منطقة ذاتية الحكم. في هذه الحادثة، سجّلت كميات كبيرة من الأمطار تصل إلى 514 ملم خلال 48 ساعة في سيراكوزا بصقلية، بما في ذلك 380 ملم خلال 24 ساعة فقط. تسببت هذه العاصفة في الوفيات وخسائر مادية كبيرة بسبب الفيضانات التي ضربت المنطقة.
في سبتمبر 2020، ضرب إعصار يانوس، المعروف أيضًا باسم ميديكان يانوس، اليونان خلال يومي 17 و18 سبتمبر. بدأ هذا الإعصار كانخفاض جوي في منطقة خليج سرت، وتحول بسرعة إلى إعصار متوسطي شبيه بالمناطق الاستوائية النادرة. بعد أن اجتاح إيطاليا، ضرب الإعصار مالطا وكريت برياح عاتية استوائية. ووصل إلى ذروته عند سرعة 120 كيلومترًا في الساعة.
أسفر هذا الإعصار عن أضرار كبيرة في اليونان، حيث تأثرت المدن في الجزء الأوسط من البلاد بشكل كبير. وغمرت المياه مدنًا مثل كارذيتسا وموزاكي لعدة أيام. وتسبب الإعصار أيضًا في أضرار زراعية في المناطق الريفية شمال أثينا، وأعلنت حالة الطوارئ في جزر إيثاكا وكيفالونيا وزاكينثوس. توفي أربعة أشخاص، وما زال شخص واحد في عداد المفقودين. تكبد الإعصار أضرارًا تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
في 10 سبتمبر 2023، شهدت بعض المدن الساحلية في ليبيا إعصارًا مدمرًا يُعتبر الأقوى في المنطقة خلال القرن 21. بدأت العاصفة في 4 سبتمبر 2023 وظهرت منطقة ضغط منخفض فوق اليونان، حيث ساهمت حرارته في إنتاج الرطوبة الضرورية لتكوين العاصفة.
تحركت العاصفة من البحر الأيوني باتجاه اليابسة فوق شبه الجزيرة البلقانية، مما أسفر عن هطول أمطار غزيرة وفيضانات. اسمت اليونان العاصفة “دانيال”. في 8 سبتمبر، تحولت العاصفة إلى إعصار استوائي وضربت السواحل الليبية في 10 سبتمبر 2023.
هذا الإعصار أثر بشكل كبير على مدينة درنة الليبية وتسبب في انهيار أحد السدود، مما تسبب في دمار كبير يقدر بنحو 20% من المدينة وفقدان آلاف الأرواح وآلاف المفقودين. الإعصار أيضًا تسبب في أضرار مادية جسيمة وتقديرات تشير إلى خسائر تقدر بملايين الدولارات.
الإعصار أثر أيضًا على دول أخرى في المنطقة مثل اليونان وتركيا وبلغاريا، حيث تسبب في وفيات وأضرار مادية جسيمة. تُظهر الأحداث الأخيرة أن هذا الإعصار كان واحدًا من أقوى الأحوال الجوية التي تضرب المنطقة خلال العقدين الماضيين.
عربي بوست
Discussion about this post