اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
لو كان شارل ديغول على قيد الحياة لسأله “أنت في الاليزيه من أجل فرنسا أم من أجل أميركا”؟
للتو كان رد ماكرون “… ولكن ألم يخلعكَ ريتشارد نيكسون ـ وانتَ الجنرال ـ عن عرشكَ لأنكَ دقيت على بابه وأنتَ تصرخ “كيبك فرنسية”. قبله فرنكلين روزفلت الذي كان يكرهكَ. اذ حال بينك وبين المشاركة، كما ونستون تشرشل في مؤتمر يالطا، وكاد يخرجكّ حتى من التاريخ حين فكر باقتطاع جزء من فرنسا، وجزء آخر من بلجيكا، لاقامة جمهورية فالونيا…”
ثم ماذا حدث لفرنسوا ميتران حين دعا الى عقد مؤتمر حول الشرق الأوسط في مدينة البندقية؟ آنذاك، كتب توماس فريدمان في “النيويورك تايمز” مقالة استعار لها عنواناً عنوان رواية الألماني توماس مان “موت في البندقية، “كأشارة الى أن أبواب المنطقة مقفلة أمامه.
ربما كانت مشكلة ايمانويل ماكرون أنه رفع صوته أكثر مماهو مسموح أميركياً، دعا الى انشاء جيش أوروبي يكون منفصلاً عن الأطلسي، الذي قال الرئيس الفرنسي للـ”ايكونوميست” البريطانية أنه قضى بالسكتة الدماغية، ليفاجأ بتلك الضربة على الرأس حين دعا جو بايدن استراليا الى إلغاء صفقة الغواصات النووية مع فرنسا لابدالها بغواصات أميركية، مستبعداً فرنسا عن الحلف الثلاثي (أوكوس)، الذي ضم كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا في وجه الصين.
نستذكر الضجة التي أحدثتها تصريحات ماكرون في بكين حول “عواقب التبعية للولايات المتحدة في صراعها ضد الصين”، دون أن نغفل كلمته في جامعة السوربون (26 أيلول 2017). قال “اننا في عالم يشهد تراجع دور الولايات المتحدة في المسرح الدولي، مع صعود الصين وقوى اقتصادية واعدة. في هذه الحال، ليس أمام أوروبا من خيار آخر، اذا رغبت في اثبات وجودها، سوى أن تكون موحدة أو أن تصبح قارة هامشية”.
ما الذي حدث حتى تحول الى ظل للبيت الأبيض. خصومه يصفونه بـ “الدمية الضائعة في الاليزيه”. هل هي الخشية من أن يسقط بالضربة الأميركية؟
لا أدري اذا كانت هناك حاجة الى هذه المقدمة المملة للوصول الى مهمة جان ـ ايف لودريان الذي لا شيء يشي بـأن الأميركيين يدعمون هذه المهمة، والا لما كان باستطاعة سمير جعجع وسامي الجميّل (أنا أصرخ اذاً أنا موجود)، وهما يتحدران سياسياً من ثقافة القرن التاسع عشر، أن يخرجا عن رغبة السادة القناصل.
أكثر من ذلك، ماذا لو كان الوسيط أو الزائر نزار العلولا، المستشار السعودي، القريب من الأمير محمد بن سلمان، وليس المبعوث الفرنسي. حتماً كان المشهد مختلفاً جداً. الغريب أن الميتولوجيا الاغريقية، وكذلك الميتولوجيا الرومانية، لم تريا في إله المال كبير الآلهة الذي يتولى ادارة هذا العالم، وربما… العالم الآخر!
في هذا السياق، كيف الحال مع الرؤوس التي كما لو أنها رؤوس الديكة. هل تؤثرون القول رؤوس… الدجاج؟
لذلك لاحظنا كيف أن الاليزيه، وكذلك الكي دورسيه، أوعزا الى بعض المراسلين أو المعلقين، الايحاء بأن مهمة لودريان الذي يتسلم، في مطلع الشهر المقبل، وظيفته كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في المملكة، تحظى بالتغطية الكاملة منها. هل يكفي ذلك لاختراق جبال الجليد التي تفصل بين طرفي الصراع. الصراع حول الأسماء، فيما البلاد ترزح تحت ركام من الأزمات القاتلة.
لنعد الى الطائف والى الدوحة، بل والى فرساي. هذا هو لبنان الذي قال لنا محمد حسنين هيكل (وصدمنا آنذاك) أنه بلد الأزمات الأبدية والتسويات الأبدية. ما البديل عن الحوار سوى السقوط أكثر فأكثر في جهنم؟
ألم يقل المبعوث الفرنسي، كممثل للجنة الخماسية، كما يوحي الينا، ان نظرته للحوار تتطابق مع نظرة الرئيس نبيه بري الذي أيدها البطريرك (الماروني) مار بشارة بطرس الراعي، برتبة الكاردينال، ما يؤكد أنه يعكس رأي الفاتيكان أيضاً؟
اذا بقي الايقاع على حاله (والصياح من هنا وهناك)، لا رئيس للجمهورية، وهذه هي الأزمة الأقل هولاً، في سلسلة الأزمات التي تهدد وجود لبنان واللبنانيين.
النتيجة مخيمات للنازحين اللبنانيين محل المخيمات السورية والفلسطينية. لم يعد سراً كيف تمضي عمليات التدريب على السلاح لمواجهة الاحتمالات الرهيبة التي تنتظرنا…
Discussion about this post