اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
نبيه البرجي
بالصوت العالي خائفون على سوريا، لأننا خائفون على لبنان. لنتصور ما يمكن أن يحل بنا اذا انهارت الدولة في سوريا، وتحولت الى شظايا طائفية واثنية!!
الأزمة في لبنان أقل هولاً من الأزمة في سوريا باجترارها ويلات الحرب، وبوجود مساحات واسعة وحساسة للأمن الاستراتيجي تحت الاحتلال.
شخصية سورية أنهت حديثها معنا بالقول “ما في شي سوى غلاء الأسعار، والله يساعد الناس”. العبارة تعكس حالة زلزالية تتقاطع مع الحالات الزلزالية الأخرى، لتبدو سوريا عند مفترق وجودي، مع التوقف عند ما يجري على الأرض. لا حاجة للأشعة ما تحت الحمراء لتبيّن الخيوط التي تلعب بين السويداء ودير الزور.
من البديهي أن نسأل عن تزامن التظاهرات في السويداء وحملة قوات “سوريا الديموقراطية” (قسد) على العشائر العربية في دير الزور. علماً بأن غالبية الأكراد الذين يعملون هناك لحساب أميركا، بهدف اغلاق الحدود بين العراق وسوريا، هم أبناء اللاجئين من الفظاعات التي ارتكبها أتاتورك ضد الثورة الكردية في تركيا.
هؤلاء الذين يتناسون كيف استقبل عرب الحسكة والقامشلي آباءهم، وأسكنوهم في منازلهم، دون أن يكون هناك أكراد في دير الزور قبل عام 2011. ولكن لا يمكن أن تعثر في اصقاع الدنيا على قادة أغبياء بغباء قادة الأكراد، الذين يضعون ظهورهم بتصرف كل من يعدهم ـ وهو الوعد المستحيل ـ باقامة… كردستان الكبرى.
وزير سوري سابق، وكان من أركان نظام الرئيس حافظ الأسد، قال لنا “ننتظر الأعظم”. أين روسيا وأين ايران من ذلك “الأعظم”؟ وهل فقد البلدان القدرة على حماية سوريا من الأعاصير التي تتهددها كنظام وكدولة.
وكالة “بلومبرغ” تساءلت اذا كان هناك في الادارة من يجاري “الاسرائيليين” في طرحهم قيام الدولة (أو الدول البديلة) في سوريا، مع ما لذلك من تداعيات على الخريطة اللبنانية، كما على الخريطة العراقية، ربما وصولاً الى الداخل العربي.
الأزمة في سوريا باتت من التشابك بحيث يتدنى الى حد بعيد الرهان على حل وشيك، ما دام هناك من وضع السكين على الطاولة. ولكن ألم يحذر فلاديمير بوتين رجب طيب اردوغان من أن تفكيك سوريا (والوجود التركي على الأرض السورية يساعد على ذلك) يستتبع تفكيك تركيا بتشكيلها الفسيفسائي اثنياً وطائفياً، وبموقعها الجغرافي الفائق الحساسية، ان بالنسبة الى الشرق الأوسط أو بالنسبة الى القوقاز، ناهيك بآسيا الوسطى والبلقان؟
المفكر المصري الرائع والراحل جمال حمدان، لا حظ أن الشرق الأوسط ضحية التقاطع بين جنون التاريخ وجنون الايديولوجيا. غالباً ما تنتج من ذلك دول قابلة للانكسار أو للتبعثر الجغرافي.
مثلما الأزمات هنا تأخذ أبعاداً سريالية، كذلك الحلول. ونستون تشرشل اعترف بـ “أننا لم نكن نحتاج الى سوى القلم لاعادة تشكيل الخرائط”. هذا بعدما كان اتفاقه الشهير عام 1941 مع جوزف ستالين. ومن هنا انطلق مفهوم “البلقنة” في القاموس السياسي والاستراتيجي.
هذا ما ينطبق على الأزمة السورية. أي اتفاق روسي ـ تركي لا بد أن يكون تأثيره محدوداً ومجتزأً. برنار ـ هنري ليفي، الفيلسوف الفرنسي اليهودي، بالدور القذر، لا يرى أي “خلاص” لسوريا الا بأن يمد بشار الأسد يده الى بنيامين نتنياهو. ما لم يفعله الأب، لن يفعله الابن. هنا الرصيد المعنوي والسياسي، وأيضاً الرصيد التاريخي للرئيس السوري.
الستاتيكو القاتل في سوريا. الصراخ في كل مكان. لا مجال للتصدي “لاسرائيل” التي تضرب قاذفاتها أنّى تشاء ومتى تشاء، ولا مجال لاجتثاث الاحتلال الأميركي والاحتلال التركي بذالك الركام، بما فيه الركام السيكولوجي؟
ماذا يعني تغييير الحكومة، وان اتهمت بالتواطؤ مع بارونات الفساد؟ الأميركيون و”الاسرائيليون” يواصلون الضغط لارغام دمشق على الالتحاق بـ “ميثاق ابراهيم”. ما رأي السوريين، هل يريدون أن يتنحى بشار الأسد، لنرى البديل يذهب سيراً على الأقدام الى أورشليم؟
Discussion about this post