من العديد من دول أمريكا اللاتينية لمعت شخصيات بأسماء عربية في الاقتصاد والفن وفي المجال السياسي في أرفع المناصب، ما سلط الضوء على “شوام” أمريكا اللاتينية.
تقول بعض التقارير إن لبنان يعيش به أكثر من 6 ملايين شخص، في حين يعيش في سائر أمريكا اللاتينية، 18 مليون شخص من أصل لبناني.
خدمات الهجرة في بعض دول أمريكا اللاتينية أطلقوا على المهاجرين الجدد الذين أتوا من المنطقة العربية اسم “لوس توركوس”، وذلك لأن المنطقة كانت تحت السيطرة العثمانية.
وصل المهاجرون من الدول العربية وأغلبيتهم من المسيحيين ومن منطقة الشام تحديدا إلى مختلف دول القارة الأمريكية، إلى البرازيل والأرجنتين وتسيلي وأوروغواي وبوليفيا والمكسيك والإكوادور وهندوراس.
دراسات على سبيل المثال تشير إلى أن الفلسطينيين كانوا من أوائل من هاجر إلى أمريكا الجنوبية في أواخر خمسينيات القرن التاسع عشر، واستقروا بشكل رئيس في تشيلي.
لم تصل إلى القارة الأمريكية فقط أعداد كبيرة من مسيحي الشرق الأوسط من مختلف الطوائف، بل وأعداد أيضا من المسلمين والدروز.
الأرقام وحدها تكفي للإحاطة بحجم وأهمية تلك الهجرات المبكرة والتي تواصل في خمسينيات القرن الماضي أيضا، حيث يعد حوالي 3 ٪ من الأمريكيين اللاتينيين، وعددهم حوالي 18 مليون شخص من نسل المهاجرين من الدول العربية الشرق أوسطية، وخاصة من لبنان، فيما ترتفع هذه النسبة بكثير في بعض البلدان، وتصل مثلا في الأرجنتين إلى حوالي 9 ٪ من عدد السكان الإجمالي.
أبناء وأحفاد المهاجرين من منطقة الشام لهم مساهمات كبيرة في الاقتصاد والسياسة والثقافة والفن والعلوم في بلدان المنطقة، اشتهرت من هؤلاء العديد من الشخصيات الكبيرة في صفوف النخب الاقتصادية والسياسية والثقافية في أمريكا اللاتينية.
يمكن في هذا السياق التذكير بأن أغنى رجل في العالم عام 2012، هو المكسيكي من اصول لبنانية، كارلوس سليم، علاوة على رئيس الأرجنتين لفترة طويلة، كارلوس منعم، ذي الأصول السورية، ورئيس البرازيل السابق، ميشال تامر، ناهيك على الأسماء التي تكررت أكثر من غيرها في العقود الأخيرة، مثل ستيف بول جوبز، المخترع الشهير من أصول سورية، والمدير التنفيذي السابق لشركة “آبل” (صاحب التفاحة)، وأيضا الممثلة المكسيكية من أصول لبنانية، سلمى حايك، والمطربة الشهيرة الكولومبية شاكيرا مبارك.
علاوة على الفتن الطائفية في ستينيات القرن التاسع عشر، قرر الكثير من سكان لبنان وجنوب سوريا وفلسطين الهجرة إلى أمريكا اللاتينية بحتا عن حياة جديدة بدوافع اقتصادية منذ مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتواصلت هذه الهجرة من عام 1860 ولم تتوقف إلا في عام 1914 بسبب الحرب العالمية الأولى، وموجة هجرة ثانية جرت في فترة ما بين الحربين العالميتين، وبلغت أوجها في عام 1920 وخاصة إلى البرازيل والمكسيك والأرجنتين، وثالثة بين عامي 1950- 1960 بتداعيات اشتداد النزاع العربي الإسرائيلي.
العامل الاقتصادي كانت له أهمية كبيرة في الهجرة إلى أمريكا اللاتينية، وفي بعض الفترات لعبت دوافع أخرى أيضا أوارا مماثلة، على سبيل المثال تم تشجيع هجرة العرب المسيحيين لفترة طويلة من قبل حكومات عدد من الدول المهتمة بتحقيق تنمية سريعة.
هذه السياسة اتبعها بشكل خاص، أكبر دولتين في المنطقة، الأرجنتين والبرازيل، وقد زار إمبراطور البرازيل، بيدرو الثاني، سوريا ولبنان وفلسطين في عام 1876، وأعرب عن اهتمامه بالمهاجرين من المنطقة.
عمل المهاجرون الشوام في التجارة والصناعات الخفيفة، وكانت السلع التي ينتجونها مطلوبة بسبب الزيادة السريعة في عدد سكان أمريكا اللاتينية. وقد نشط هؤلاء بشكل خاص في إنتاج وتجارة الأقمشة والملابس والأحذية، ولا يزال “شوام” الشتات يسيطرون على تجارة المنسوجات في عدد من دول أمريكا اللاتينية.
جيفري ليسر، الباحث الأمريكي في مجال هجرة العرب واليهود يلفت، وهو يتحدث عن البرازيل، إلى أن الخبراء يقللون من أهمية مساهمة المهاجرين العرب في تنمية مجتمعات أمريكا اللاتينية “لأن عددهم كان أقل من الإيطاليين أو البرتغاليين أو الإسبان”.
الباحث يرصد أيضا مثل هذه الأوضاع المتعلقة بالبرازيل والتي تسري على دول المنطقة الأخرى، أن المتخصصين يقدمون وهم مخطئون “اليهود والعرب على أنهما مجتمعين مهاجرين مغلقين، وبالتالي يعتبرونهما خارج إطار الهوية الوطنية البرازيلية. على الرغم من أن هذا غير صحيح في جميع المعايير تقريبا (الزواج والتعليم والإقامة الدائمة)، إلا أن ما يتعلق باستخدام اللغة بين الناس وبين النخب، يعرف البرتغاليين والإيطاليين والإسبان تلقائيا على أنهم برازيليون، بينما العرب واليهود على أنهم غير برازيليين”.
المصدر: RT
Discussion about this post