الأسعار تسبق زيادة الرواتب الموعودة .. المواطن خسر الزيادة قبل وصولها إليه
انقضت وعود زيادة الرواتب بنسبة 100% دون جدوى في وقتٍ تآكلت فيه نسبة الزيادة على وقعِ تراجع قيمة الليرة السورية أمام سعر صرف الدولار.
وبينما كانت زيادة الرواتب في الماضي تتحول عند ذكرها إلى “تريند” يغزو صفحات السوريين وأحاديثهم اليومية. فإنها هذه المرة ضاعت في زحمة تريندات رفع أجور الاتصالات ورفع رسوم التأمين ورفع سعر البنزين. واستثناء الرواتب من أي رفع وسط نصب الأسعار وجرّ المواطن لأذيال خيبته بالوعود الحكومية.
مع بداية نيسان الماضي. بدأ الحديث عن زيادة مرتقبة على الرواتب والأجور. حيث كان سعر الصرف حينها بحسب المصرف المركزي 6532 ليرة. حينها بدأت عيون المواطنين تلمع وهم يحلمون بزيادةٍ تحقق طموح البقاء حتى آخر الشهر دون ديون إضافية. بل إن البعض رفع مستوى الطموحات على مبدأ أحلامي لا تعرف حدوداً وتنبأ بأن تصل الزيادة إلى 200%.
ولأن الأوقات السعيدة تمضي بسرعة. فإن الأحلام الجميلة كذلك غالباً ما تنتهي بإيقاظ الحالم بطريقة صادمة. إذ بدأت التصريحات الرسمية تتراجع شيئاً فشيئاً. فبعد أن كان الحديث عن زيادة بنسبة 100% تراجع إلى 70% ومع القليل من شكوى الحكومة من الظروف وصل التراجع إلى نسبة 50% ( ومع انو رضينا بالهم والهم ما رضي فينا بس حتى الـ 50% ما اجت).
المفاجأة غير السعيدة لم تقف عند عدم قدوم الزيادة الموعودة. بل جاءت عبر الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية والتي وصلت مع نهاية تموز إلى 9900 ليرة للدولار الواحد بالسعر الرسمي. أي أنها خسرت أكثر من 50% من قيمتها، ما يعني أن قيمة الرواتب انخفضت إلى النصف عوضاً عن أن تزيد نصفاً أو ضعفاً ( يعني هلأ بدنا زيادة 50% لترجع الرواتب متل ما كانت لما بلش الحديث عن الزيادة).
الأسعار تسبق الرواتب نحو الزيادة
شاع في السابق أن تترافق كل زيادة على الرواتب بموجة من ارتفاع الأسعار وإن بنسب متفاوتة. لكن هذه المرة خسرت الرواتب السباق ووصلت الأسعار قبلها إلى الارتفاع ودون أن تكترث لنسبة معيّنة تتناسب على الأقل مع الزيادة التي لم تأتِ أصلاً.
فعلى سبيل المثال أثبتت الأسعار في البلاد أن الأمثال الشعبية ليست دائماً على حق. فعبارة « العز للرز والبرغل شنق حالو» لم تعد منطقية رغم أن العز بقي للرز فعلاً مع ارتفاع سعره من 8500 في آذار إلى 16000 في تموز. فإن البرغل لم يشنق حالو بل بالعكس قفز من 5000 ليرة إلى 9000 خلال أقل من 5 أشهر.
في هذه الأثناء. شعرت وزارة “حماية المستهلك” (حمايتو من شو بالضبط؟ عم تعمل كل شي إلا حمايتو). بأن عليها أن تتحرك فلا يمكن لها السكوت عمّا يجري. وحماية المستهلك جزء من مهامها وعنوان لاسمها. حيث قررت كعادتها الليلية إصدار قرار برفع سعر البنزين أوكتان 95 إلى 10 آلاف ليرة وتخفيض كميته الشهرية من 600 ليتر إلى 120 ليتر. ( هي حماية للبيئة لتخفيف انبعاثات السيارات وتعويد المواطن على رياضة المشي)
بدورها لم تغب شركة “سيرياتل” عن المشاركة في برنامج “ارفع واربح” وهي صديقة البرنامج منذ زمن. فرفعت أسعار باقات الانترنت دون أن تكلّف نفسها أصلاً إصدار إعلان عن ذلك. أو التذرّع كما في المرات السابقة أن رفع السعر يهدف لتحسين مستوى الخدمة. ( صار في موانة بيناتنا ما في داعي تبررلنا).
تقدّم لنا الحكومة دروساً مجانية في تعلّم الصبر وفنون التأقلم والواقعية. وتجربة الزيادة التي انتهت قبل أن تأتِ تعلّم المواطن ألّا يسرح بأحلامه كثيراً وأن يبقى واقعياً وما يقول فول ليصير بالمكيول.
سناك سوري
Discussion about this post