“العالم الإسلامي ورهانات العصرنة والتنمية” …شعار الدورة ال17 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي
تحت شعار “العالم الإسلامي ورهانات العصرنة والتنمية”, عرفت الدورة ال17 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حضور ممثلي أكثر من 35 برلمانا من بينهم 22 رئيس برلمان ، و يجتمع برلمانيو العالم الإسلامي الذين يمثلون أكثر من 8 ,1 مليار مواطن مسلم ، في خضم عالم اسلامي يواجه تهديدات وتحديات ، تقتضي توحيد كلمة المسلمين لمجابهتها ، حيث تنعقد هذه الدورة في وقت يعيش فيه العالم الإسلامي تطورات متسارعة وتهجمات من قبل اليمين المتطرف الغربي على المسلمين ومقدساتهم في تصاعد رهيب للكراهية ضد المسلمين، حيث شهدت عدة عواصم أوروبية مؤخرا حوادث حرق وتمزيق لنسخ من القرآن الكريم في استفزاز خطير لمشاعر المسلمين .
و تتصدر القضية الفلسطينية ، الملفات التي ستتم مناقشتها ، باعتبارها القضية المركزية للمسلمين ، ونظرا للعدوان الخطير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني الغاشم ، الذي يمعن في ارتكاب مجازره بحق هذا الشعب وفي انتهاك حرمة مقدساته, على مرأى ومسمع العالم ، كما يمضي قدما في سياسته الاستيطانية الرامية إلى طمس الوجود الفلسطيني وهويته.
ووجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كلمة إلى المشاركين في الدورة 17 لمؤتمر اتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة بالجزائر العاصمة تضمنت خمس رسائل تناولت مسائل ، سياسية ، اقتصادية ، أمنية ، وحتى دينية ، قرأ كلمة الرئيس رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، خلال الجلسة الافتتاحية ، وأشار رئيس الجمهورية في كلمته إلى أنّ الجزائر ليست بعيدة عن ما تعانيه الشعوب العربية والإسلامية في مختلف بقاع العالم ، وأنّها مستعدة دائما لتقديم الدعم والعون لهم، مطالبا بالحوار بين مختلف التيارات المتنازعة داخل هذه الدول ، والسعي لتحقيق المصالحة الوطنية ولم الشمل، حيث قال الرئيس الجزائري: “الجزائر وهي تتابع باهتمام التطورات الحالية في بعض بلدان العالم الإسلامي الشقيقة اليمن وليبيا وسوريا والسودان، تظل على استعداد دائم للمساعدة في البحث عن السبل المفضية إلى التوافق والاستقرار، وتبقى حريصة على الدعوة للحوار الشامل والمصالحة الوطنية ، وتطرق رئيس الجمهورية الى تطلع الشعب الجزائري ، مع شعوب العالم الإسلامي الى بعث روح جديد في العمل الجماعي ، لعزة الدين والوطن .
النص الكامل لرسالة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، الموجهة الى اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في دورته 17 بالعصمة الجزائرية
سم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
يُسعدني الترحيبُ بكم في بلدكم الجزائر، في ضيافةِ الشَّعبِ الجزائري، الذي يَتطلَّعُ مع شعوبِ عالـمنا الإسلامي إلى بَعْثِ رُوحٍ جَديدة في عملكم الجماعي، لِعزَّةِ ديننا وأوطاننا.
إنَّكُم تَلتقون – اليوم – أَنْتُم حَامِلي تَطلُّعَاتِ شُعُوبِنا الإسلاميةِ- في سِياقٍ دَوْليٍّ وإقليميٍّ يَشْهَدُ نِزاعاتٍ وصراعاتٍ مُعقَّدة، وأزماتٍ متعددة أبرزها ما يتعلق بالطاقة والغذاء، التي تعصف بكامل الـمعمورة، بالإضافة إلى أخطار محدقة أخرى، مثل الإرهاب والاختراقِ الفكريِّ الـمُراد بِه الـمَسَاسُ بِمرْجِعِيَاتِنا، وتَفْكِيكِ مُجْتَمَعاتِنا.
ولَقَد وُفِّقْتُم في اختيارِ شعار ِهذه الدّورة ” رهاناتُ الحداثة والتنمية “، في ظلِ التهديداتِ الـمُتَفاقِمةِ، وتأثيرات العالم الافتراضي، التي فرضتْ واقعًا يَسْتَوْجِبُ تَعزيز أواصر التعاون بين شعوبنا وتفعيل آليات العمل التضامني في البحث عن الأساليب الكفيلة بإيجاد الحلول الـملائمة، وتغليبِ لغةِ الحوار بعيدًا عن كل أشكال التعصب والتطرف.
إن التحديَّاتِ الكبيرة التي يفرضها الوضع العالمي الـمتأزم لا تُنْسينا الأزمات السياسية والأمنية، وبؤر التوتر ورهانات التنمية، التي يُعاني منها عالـمنا الإسلامي والتي تشكل – بالتأكيد – أُمَّهاتِ القضايا الـمطروحةِ على أجندة اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
وبهذا الصدد فإن القضية الفلسطينية، ستبقى القضيةَ الـمركزية الأولى للأمة الإسلامية، ولـمنظمة التعاون الإسلامي واتحاد مجالس دوله الأعضاء .. وإنّنا في هذه السانحة، ندعو إلى مضاعفة الجهود لحشد الـمزيد من الدعم السياسي والـمادي لتمكين الشعب الفلسطيني من الصمود إزاء ما يتعرض له من جرائم ممنهجة واسعة النطاق، خاصة في ظلِّ تعنُّتِ الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار انتهاكاته الجسيمة من خلال توسيع مستوطناته، وآخرها انتهاك مقدسات الـمسجد الأقصى.
وفي هذا السياق، فإن الجزائر إذ تُجدد تمسكها والتزامها بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها الرامية إلى ضمان تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني الـمشروعة في إقامة دولته الـمستقلة، ستعمل مع الأشقاء في العالم الإسلامي .. ومع كل الدول الـمناصرة للحق والحرية في العالم على تكريس العضوية الكاملة لدولة فلسطين في منظمة الأمم الـمتحدة.
وإنني في هذا الـمقام، وفي الوقت الذي أُجدد التـهاني الصادقة للإخوة الأشقاء الفلسطينيين على التوافُقِ حول “إعلان الجزائر التاريخي” للمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، أدعو اتحادكم الـموقّر إلى مرافقة الإخوة الفلسطينيين نحو استكمال هذا الـمشروع الوطني، وتنفيذ الاستحقاقات الوطنية الـمنصوص عليها في خارطة الطريق الـمعتمدة.
إن الجزائر وهي تتابع باهتمام التطورات الحالية في بعض بلدان العالم الإسلامي الشقيقة (اليمن، ليبيا، سوريا والسودان)، تَظلُّ على استعداد دائمٍ للمساعدة في البحث عن السبل الـمُفضية إلى التوافق والاستقرار، وتبقى حريصةً على الدعوة للحوار الشامل والـمصالحة الوطنية.
واسمحوا لي أن أنتهز هذه الفرصة، ونحن نعتَزُّ جميعًا بما تزخر به أُمَّتُنا الإسلامية من علماء، نساءً ورجالًا، مُتشبِّعين بفضائل الحوار، ونجاعة الدِّبلوماسية الوقائية، وأُلْفِتُ كريمَ نظركم إلى التفكير في استحداث لجنة للعقلاء، تساهم في فض النزاعات، وتغليب لغة الحوار لحل الأزمات في عالـمنا الإسلامي.
أيتـها الأخوات .. أيها الإخوة،
إنّ مظاهر العداء والكراهية ضد الـمسلمين التي تسببت في تَزايُدِ التمييز والتهميش والإقصاء، تستلزم مضاعفةِ الجهود والاجتهادات لإيجاد صِيَغٍ حضاريةٍ، نَتصدي بها للتمييز الـممنهج ولـمشاعر معاداة الإسلام والكراهية واللاتسامح. فالإسلام السمح هو دين الوسطية والاعتدال، والـمُثُلِ الإنسانية العليا، وإنني في الأخير أضع تحت نظركم هذه الـمبادرة بآليات عملية لتعزيز التعاون والتضامن الإسلامي، وهي:
1- إنشاء مركز بحث لتعزيز الـمناعة الفكرية، إزاء التحولات الرقمية الـمتسارعة التي تواجهها الـمجتمعات الإسلامية، ويكون هذا الـمركز ضمن جهاز الاتحاد، والجزائر مستعدة لاحتضانه.
2- بعث استراتيجية للتعاون الفكري، والإلكتروني والسيبيراني بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
3- إنشاء حاضنة لاستقطاب وترقية الـمؤسسات الناشئة والـمشاريع الـمبتكرة لفائدة الشباب.
متمنيًا لكم إقامة طيبة بين إخوانكم في الجزائر .. أدعو الله تعالى أن يُكلل أعمالكم بالتوفيق.
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾
صدق الله العظيم
الجزائر : أبو طارق الجزائري