أخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
أثار حساب مجهول على موقع “فيسبوك” يحمل اسم “د. رهام عابدين” جدلاً واسعاً مؤخراً بعد أن زعم أن امرأة تعمل طبيبة في مدينة جبلة السورية قُتلت مع أطفالها على يد مجهولين، عقب تعرضها للإهانة من أحد المسؤولين المحليين. هذه القصة المفبركة سرعان ما لاقت انتشاراً كبيراً على صفحات محلية، وأثارت موجة من الغضب الطائفي، وسط صمت رسمي.
ولكن بعد تدقيق ومتابعة من مختصين ونشطاء، تبيّن أن القصة بأكملها مختلقة، والصور التي نُشرت مزيفة تم توليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي، والحسابات التي نشرتها أُنشئت قبل أيام فقط، ما يدل على حملة منظمة تهدف لبث الفوضى والتوتر الطائفي.
منشورات درامية وحسابات وهمية تزيد من مصداقية القصة الزائفة
بدأت القصة بمنشور من حساب “رهام عابدين”، ادعى أن الطبيبة تعرضت للإهانة على يد مسؤول في جبلة، ثم قتلت لاحقاً مع أولادها برصاص مجهولين. وخلال ساعات، ظهرت عدة حسابات تزعم أنها من عائلتها، تنشر عبارات حزينة تدعو للثأر، مما عزز من مصداقية القصة ورفع وتيرة التضامن والتفاعل معها.
لكن سريعاً ما اتضح أن كل هذه الحسابات وهمية، أنشئت بالتزامن، وتستخدم نفس الأسلوب والصياغة. أما صورة “رهام” فكانت مأخوذة من حساب روسي وتم تعديلها لتبدو كوجه عربي.
من وراء القصة؟ ادعاء بوقوف إعلامي سوري وراء الحملة لأغراض تجريبية
في تطور مفاجئ، غيّر صاحب الحساب اسمه وصورته إلى اسم الإعلامي “معاذ المحارب”، المذيع في قناة “الإخبارية السورية”، وادعى في منشور مطوّل أنه هو من ألف القصة بالتنسيق مع مسؤولين، بهدف إثبات هشاشة منصات التواصل الاجتماعي، وقدرتها على تضخيم أخبار كاذبة دون تحقق.
وزعم أيضاً أنه ناقش الأمر مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، كمحاولة لإثبات أن روايات انتهاكات الأمن العام مبالغ فيها أو مفبركة.
رغم ذلك، لا يوجد أي دليل رسمي على صحة هذا الادعاء، كما أن العديد من النشطاء شككوا في صحة نسب الحساب للإعلامي معاذ محارب، معتبرين ما جرى جزءاً من حملة تضليل أكبر.
ردود فعل واسعة: شكوك وتساؤلات حول الصمت الرسمي
منصات محلية وناشطون على مواقع التواصل بدأوا منذ اللحظة الأولى بالتشكيك في القصة، وأشاروا إلى أن اسم “رهام عابدين” لا يظهر في أي سجل طبي رسمي، ولا توجد طبيبة بهذا الاسم في جبلة. كما أن الجهات الرسمية لم تصدر أي توضيح أو نفي سريع، وهو ما أثار استغراب المتابعين.
الناشط عامر المرعي كتب: “تم إنشاء الحساب في أيار فقط، ونشر رواية مزيفة عن مسؤولي جبلة، انتشرت كالنار في الهشيم، ولم يصدر أي رد رسمي ينفي أو يوضح، فهل من المعقول أن المسؤولين عاجزون عن كشف مصدر الحساب أو تتبعه تقنياً؟”.
خطر الحملات التضليلية في سوريا ما بعد الأسد
تأتي هذه القصة في وقت حساس تمر به سوريا، بعد سقوط النظام، حيث برزت موجة من الحسابات الوهمية التي تروج لأخبار كاذبة تهدف لإثارة النعرات الطائفية، خصوصاً ضد الأقليات مثل العلويين والدروز والمسيحيين.
وبحسب تقرير سابق لـBBC عربي، فإن أكثر من 60% من هذه الحسابات تعمل من خارج سوريا، ويتم استخدامها لتغذية الفتنة عبر نشر تسجيلات صوتية مفبركة وأخبار كاذبة تثير الرأي العام.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، انتشار تسجيل صوتي منسوب لشيخ درزي، تبين لاحقاً أنه غير موجود، لكنه تسبب بمواجهات مسلحة في مناطق متعددة من دمشق، وأدى إلى سقوط ضحايا.
المطلوب: خطة واضحة لمكافحة التضليل الإعلامي والطائفي
مع تصاعد خطورة هذه الحملات، يرى مراقبون أن السلطات السورية الجديدة مطالبة بوضع آلية واضحة وسريعة لرصد الحسابات المشبوهة والتعامل معها، والتصدي للقصص المفبركة التي تهدد السلم الأهلي.
كما يشدد صحفيون وناشطون على أهمية وجود إعلام سوري مستقل وشفاف قادر على الرد بسرعة وتفنيد الأخبار الزائفة، لأن ترك الساحة فارغة أمام الشائعات، يعمّق الانقسام ويعيد إنتاج الفتن التي عانى منها السوريون لعقود.
الحل نت
Discussion about this post