أخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
دمشق د. محمد الجبالي
آن الأوان أن نتوقف عن شدّ الحبل في اتجاهات متعاكسة ، كفانا شقاقًا كفانا عتابًا كفانا عبثًا بالمواقف وكأننا في سباق لإثبات من هو الأطهر ومن هو الأحق!
سوريا لم تكن ساحةً للترف السياسي ولا ملعبًا لتصفية الحسابات بل كانت – وما تزال – ساحةً ملأى بالدموع والركام والصبر والأمل ، فمن بقي في الداخل لم يكن خائنًا ومن خرج لم يكن جبانًا ، كلنا دُفعنا بتيارات مختلفة لكنها اجتمعت في بحر الألم ذاته .. كنا نخاف من الظل من همسة من نظرة من سؤال بريء قد يُقرأ خطأ فيُفسَّر جريمة… عاش السوري بين المطرقة والسندان بين الخوف من الداخل والرعب من المجهول في الخارج ، ومن صمد فإنما صمد بالله لا بخططه ولا بقوته..
فلماذا نُطيل الوقوف على أنقاض الماضي؟ ما جدوى أن ننبش الذاكرة لنبحث عن من هو الأصدق وجعًا؟! الحقيقة أن الكل مجروح وكل بيت في سوريا فيه غائب أو شهيد أو مهجّر أو مكسور الخاطر .. فلنُغلق دفاتر الاتهام ولنفتح نوافذ الغد .. نحن لا نطلب أن ننسى بل نطلب أن نتجاوز .. نعم، المجرم يجب أن يُحاسب ولا مكان بيننا لمن تلطخت يداه بدماء الأبرياء ولكن لا بد أن يكون العدل هو الحَكم لا الغضب ولا الثأر ولا الضجيج .
سوريا اليوم لا تنتظر المزيد من المؤتمرات ولا الخطابات النارية ولا محاولات التخوين بل تنتظر من يمسك المعول لا الميكروفون ومن يضع حجرًا في البناء بدل أن يرميه في وجه أخيه .. فالمرحلة المقبلة ليست للثرثرة بل للتشمير عن السواعد ، للزراعة والتعليم والإعمار ، لنشر السكينة بدل الفزع ، ولنزرع في نفوس أبنائنا معنى الوطن لا مجرد جغرافيا ممزقة .. فلنمضِ معًا كتفًا بكتف ( لا غالب ولا مغلوب… ) سوريا لن تُبنى إلا حين يؤمن كل واحد فينا أن الآخر جزء من الحل ، لا خصمًا في معركة لا رابح فيها .. نريد وطنًا يتسع للجميع… وطنًا لا تُفرّق أهله التهم ولا تُقصيهم الشعارات… وطنًا يقوم على المصالحة لا المحاصصة وعلى العمل لا المهاترة .. كفانا انقسامًا… كفانا جلدًا للذات والآخر… حان وقت سوريا الجديدة: سوريا التي لا يُقصى فيها أحد ما دام يؤمن بالحرية والكرامة والعمل .
Discussion about this post