أخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
في تصعيد جديد لخطابه السياسي والديني، لجأ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توظيف نبوءات توراتية ومفاهيم دينية في سياق الصراع مع إيران.
وفي مقابلة أجراها مع قناة “إيران إنترناشيونال” المعارضة، تحدث نتنياهو عن “العلاقات التاريخية” التي تربط بين الشعبين الإيراني والإسرائيلي، مشيراً إلى قصة الملك الفارسي قورش الكبير، الذي تقول النصوص الدينية اليهودية إنه “حرر اليهود من السبي البابلي” قبل أكثر من 2500 عام.
واعتبر نتنياهو أن هذا الماضي المشترك يجب أن يكون دافعاً للإيرانيين “للتحرر من النظام القمعي الذي يحكمهم اليوم”، على حد تعبيره.
في المقابل، جاء الرد الإيراني سريعاً، حيث بث التلفزيون الرسمي صورة لقورش الكبير إلى جانب جندي إيراني معاصر، في رسالة رمزية تؤكد استمرار فخر الإيرانيين بإرث قورش باعتباره مؤسس الإمبراطورية الأخمينية وأحد رموز تاريخهم القومي.
لماذا يربط نتنياهو نفسه بقورش؟
يُعد قورش الكبير شخصية محورية في كل من التاريخ الإيراني والرواية الدينية اليهودية، إذ تشير المصادر العبرية إلى أنه سمح لليهود بالعودة إلى القدس وإعادة بناء الهيكل بعد سقوط بابل عام 539 قبل الميلاد. وقد نُظر إليه في الأدبيات الدينية اليهودية كأداة إلهية لتحقيق الخلاص، ووصلت بعض التفسيرات حد وصفه بـ”مسيح الرب”.
نتنياهو استغل هذا البعد الرمزي ليمنح نفسه غطاءً دينياً، في محاولة لتصوير صراعه مع إيران كامتداد لتاريخ مقدّس، مستخدماً هذا الخطاب لتسويق حملاته السياسية والعسكرية في الداخل والخارج.
“الأسد الصاعد” و”عماليق”: رموز دينية في خدمة الحرب
في مناسبة دينية أخرى، اقتبس نتنياهو آية من سفر العدد تقول: “شعب يقوم كأسد، ينهض كملك الوحوش”، وأطلق على عمليته العسكرية ضد إيران اسم “الأسد الصاعد” (Am K’lavi)، في إشارة إلى القوة والغلبة.
كما أعاد استخدام مصطلح “عماليق”، الذي ظهر في نوفمبر 2023 خلال العدوان على غزة، ووسّع معناه ليشمل إيران. ويُعتبر “عماليق” في التوراة عدواً أبدياً لبني إسرائيل، وتدعو النصوص إلى القضاء عليه تماماً.
من خلال هذه الإشارات، سعى نتنياهو إلى ترسيخ فكرة أن إيران تمثل تهديداً وجودياً يجب استئصاله، مما يضفي على الصراع طابعاً دينياً وجودياً لا مجال فيه للحلول الوسط.
نبوءات “يأجوج ومأجوج” لتبرير القوة القصوى
لم يقتصر استخدام الرموز الدينية على نتنياهو وحده، بل تبنّى عدد من الحاخامات المتطرفين في دولة الاحتلال هذه المقاربة، من خلال ربط الصراع مع إيران بنبوءات “يأجوج ومأجوج” الواردة في سفر حزقيال، التي تصف معركة كونية في آخر الزمان.
هذا الخطاب الديني المتشدد يسعى لتقديم الاحتلال الإسرائيلي كقوة مختارة من الله لتنفيذ نبوءة نهاية العالم، ما يضفي بُعداً لاهوتياً على السياسات العسكرية ويضفي قداسة زائفة على العدوان.
من غزة إلى طهران: الدين كأداة للتحريض
في العدوان الأخير على غزة، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 55 ألف فلسطيني، لعبت الخطابات الدينية دوراً محورياً في تبرير المجازر. فقد صرّح وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير أن “ما يجري جزء من معركة الخلاص الإلهي”، فيما اعتبر عضو الكنيست بوعاز بيسموث أن إبادة سكان غزة ضرورية لمحو “عماليق”، وهو خطاب يحمل دعوات علنية للإبادة الجماعية.
وسبق أن أفتى الحاخام المتطرف دوف ليور في عام 2014 بأن “هدم غزة بالكامل واجب ديني”، بينما صرّح الحاخام إيلياهو مالي مؤخراً أن “الحرب على غزة إلزامية دينية”، مضيفاً: “إذا لم تقتلهم، سيقتلونك”.
صراع مقدّس أم تبرير للعدوان؟
منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948، وُظّفت النصوص الدينية لتبرير احتلال الأرض الفلسطينية، عبر الحديث عن “أرض الميعاد” و”شعب الله المختار” وتحقيق “الخلاص الإلهي”.
غير أن لجوء نتنياهو المتكرر لنصوص توراتية تدعو إلى العنف، مثل تلك التي تحض على القضاء على “العدو”، أثار استنكاراً واسعاً، خاصة في ظل المجازر المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة.
عربي 21
Discussion about this post