اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net
يُعد حي جوبر، الذي يقع شمال شرقي دمشق، واحدًا من أبرز المواقع التاريخية التي ارتبطت بالوجود اليهودي في العاصمة السورية على مر العصور. ويُعتبر هذا الحي موطنًا لأقدم كنيس يهودي في العالم، وفقًا للعديد من المؤرخين.
يتميز الحي بارتباطه بأسطورة دينية تتعلق بالنبي إلياس عليه السلام، حيث يُعتقد أنه اختبأ في غار داخل الكنيس. كما تشير بعض الروايات إلى أن اسم “جوبر” نشأ من عبارة “جب بر”، التي تعني وجود بئر ماء في منطقة كانت تتسم بكثافة الأشجار والطبيعة البرية.
تعود تاريخ بناء الكنيس إلى عام 720 قبل الميلاد، وقد خضع للعديد من عمليات الترميم على مر العصور. وقد احتوى الكنيس على نسختين من أقدم التوراة والتلمود في العالم، إلى جانب مقامي النبي إلياس (المعروف في التراث اليهودي باسم إيلياهو أو إيليا) والسيد الخضر عليهما السلام.
لم يقتصر البعد الديني للكنيس على اليهود فقط، بل كان له أهمية خاصة لدى بعض المسلمين الذين يؤمنون بوجود مقام السيد الخضر داخل الكنيس، كما يُعتبر موقعًا مقدسًا لدى المسيحيين نظرًا لارتباطه بمقام النبي إلياس في معتقداتهم.
كان الكنيس في حي جوبر مقصدًا لعدد من الدبلوماسيين وزوار من اليهود السوريين، الذين لم يبق منهم سوى بضع عشرات بعد هجرة الآلاف منهم في أوائل التسعينيات.
ووفقًا للتقارير، فإن حاخام الطائفة اليهودية في دمشق، إبراهيم حمرا، قام قبل مغادرته بتهريب لفائف وكتب قديمة ومنحوتات محفوظة في الكنيس، بما في ذلك أقدم نسخة من التوراة منقوشة على جلد غزال، ونقلها إلى إسرائيل في أوائل التسعينيات.
ومع بداية الثورة السورية عام 2011، وما تلاها من تحولات نحو الحرب، تعرض الكنيس لقصف عنيف من قبل قوات النظام السوري، ما أدى إلى تدميره بالكامل، وتخريب محتوياته، مثلما حدث لبقية المعالم الدينية والتاريخية في المنطقة. كما تعرضت المنطقة للكثير من السرقات والنهب.
واتهمت الفصائل المسلحة قوات النظام بنهب الكنيس قبل انسحابها من حي جوبر في عامي 2013-2014، في حين اتهم إعلام النظام مجموعات مسلحة بسرقة محتوياته لصالح إسرائيل.
وفي تقرير خاص، قامت الجزيرة نت بزيارة أطلال الكنيس برفقة عبد الله الهواش، نائب رئيس المجلس المحلي لحي جوبر الدمشقي. وذكر الهواش أن الكنيس كان يحتوي على معبد بمساحة 60 مترًا، بالإضافة إلى غرفة للخادم. وأضاف أن الكنيس كان يُزاره بشكل دوري من قبل يهود سوريين ومن حول العالم، وكان يشرف عليه خدم وحراس من منطقة باب توما في دمشق قبل بداية الحرب.
وأشار الهواش إلى أن يهود العالم لا يزالون يتواصلون مع الخادم المكلف بالإشراف على الكنيس، لاستفسارهم عن تفاصيل ما حل بهذا الموقع التاريخي الذي تعرض للتدمير، وسط دمار الحي الذي أصبح يفتقر إلى الحياة ويغرق في الركام.
لبنان 24
Discussion about this post