روسيا وأميركا والمواجهة مع تركيا وماذا حدث في سوريا؟

اخبار سوريا والعالم/ worldnews-sy.net

ابراهيم شير

في ليلة رأس السنة لعام 2024 أي قبل عام وشهرين تقريبا من الآن، قمت بالاتصال بمجموعة من الأصدقاء في الولايات المتحدة بهدف المباركة بالعام الجديد وهم أعضاء في الحزب الجمهوري بينهم رجل من أصول سورية وهو عضو في حملة دونالد ترامب الرئاسية وتحدثنا وقتها عن الحملة وأنني أتوقع أن يعود ترامب للرئاسة وعندما تحدثنا عن المنطقة قال لي حرفيا: ترامب سيكمل ما بدأه في عام 2019 بخصوص سوريا.

فقلت له: ماذا تقصد بهذه النقطة؟

قال لي: في ذلك العام عملت الإدارة الأميركية على تقليم أظافر الأسد ونزع أنيابه خصوصا في الفتر من من عام 2019 حتى 2021 أي عند نهاية ولاية ترامب واستكمل بايدن نفس الخطة، وعملية نزع الأنياب والأظافر هذه شارك فيها دول عربية.

وقتها سألته ماذا تريدون من سوريا؟

قال: ترامب يعد لصفقة ويسعى لطرحها على روسيا وهي رحيل تدريجي للأسد ووصول المعارضة للحكم، وهي معارضة متفق عليها بين أميركا وروسيا وتركيا والعرب، مقابل رحيل زيلينسكي من أوكرانيا ووقف دعمها في المواجهة مع موسكو.

طبعا هذه الخطة لم تعرض على الروس أبدا وكان ترامب سيعرضها في أول لقاء بينه وبين بوتين.

فوز ترامب بالرئاسة في 7/11/2024 شكل ضربة موجعة للحزب الديمقراطي، فما كان من الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، إلا أن يقوم بتوجيه ضربة لخطط ترامب الاستراتيجية وإسقاط نظام بشار الأسد، عبر المواقفة على طلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بالقيام بهذه العملية.

التي كانت مبنية على عدة نقاط وهي:

– القيام بعملية خداع استراتيجي لروسيا بأن العملية تهدف إلى السيطرة على حلب وحماة والوقوف عند حمص ثم إجبار بشار الأسد على المفاوضات مع تركيا والمعارضة المسلحة، وأن مصالحها ستبقى محفوظة في سوريا ولا تهدف لإسقاط النظام.

– التأكيد لواشنطن على وجود اتصالات مع ثلاثة ضباط كبار في الجيش السوري وضابط كبير في جهاز في المخابرات يضمنون لتركيا عدم وجود معارك عنيفة وأن ما يحدث هو استلام وتسليم.

– تأكيد تركي لأميركا على عدم إنجرار سوريا نحو مواجهة شاملة بناءا على ما سبق، وأن روسيا ستشارك معها في هذه العملية عبر توجيه أوامر انسحاب أيضا للفرق العسكرية السورية، وفعلا هذا ما حدث حيث أن أوامر انسحاب القوات كانت تأتي من غرفة العمليات المشتركة (السورية – الروسية)، وأتحدى أحد يتحدث عكس هذا.

بالمقابل الولايات المتحدة أكدت لتركيا أنه بمجرد وقوف المعارضة المسلحة عند أبواب حمص ستتحرك قوات الجنوب نحو العاصمة وسيتم إسقاط بشار الأسد.

حتى معركة حمص لم تتحرك روسيا في محاولة إنقاذ النظام لأنها كانت تعتقد أن العملية تهدف لإجباره على الحوار وليس لإسقاطه، والغارات التي كانت تضرب قوات المعارضة سواء في مدينة حلب أو في ريف حمص قام بها الطيران السوري وليس الروسي، خصوصا أن سوريا تسلمت منذ عام 2020 وحتى 2023 طائرات حديثة من موسكو، وعندما كانت دمشق تطلب من روسيا القصف خلال عملية ردع العدوان كانت الأخيرة ترفض، وهو ما دفع النظام للقيام بالقصف بمفرده بدون مساعدة روسية حقيقية.

بعد سقوط النظام السوري ترامب تفاجئ مثله مثل غيره بهذه العملية والضربة التركية التي تلقاها وهذا التفاجئ انتقل للدول العربية، ولروسيا أيضا التي كانت متفقة مع تركيا على ان تكون العملية محدودة ولحدود حمص تحديدا من أجل الضغط على النظام، وقبل اجتماع استانا بساعات الذي عقد في الدوحة قبل يوم واحد من سقوط النظام أكدت تركيا لروسيا وإيران أن مصالحهم ستبقى محفوظة في سوريا ولكن انتهى كل شيء وسقط النظام، وقال وزير الخارجية التركي لنظيره الروسي إذا اردتم إخراج الأسد فاخرجوه الآن.

وهو ما تم ومن كان على المتحلق الجنوبي في دمشق عند عصر يوم 6/12 وتحديدا بين الساعة الثالثة والرابعة عصرا، سيكون قد شاهد الرتل العسكري الروسي الذي توجه نحو القصر الجمهوري وهدف الرتل كان إخراج بشار من دمشق.

المهم هنا أن ترامب تلقى ضربة لمشروعه الاستراتيجي الذي يهدف لتجفيف المواجهات في المنطقة ويقول للشعب الأميركي أنا من أوقف حرب سوريا المستمرة 14 عاما، وبوتين هو الآخر تلقى ضربة موجعة بعد أن مارس عليه حليفه إردوغان الخداع الاستراتيجية وأخرج نفوذه من سوريا وقريبا سيخرجه من قواعده العسكرية فيها.

ومنذ سقوط النظام السوري لم يجري إردوغان أي اتصال هاتفي مع بوتين أو ترامب أو الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان.

بحسب المعلومات المتقاطعة فإن تحالف استراتيجي سيبنى بين بوتين وترامب بخصوص المنطقة وإردوغان، وذلك مع سعي الولايات المتحدة لتقوم السعودية بملئ الفراغ الإيراني في المنطقة، وملئ هذا الفراغ لن يسمح بتوسع أي دولة في سوريا على حساب الرياض التي تسعى جاهدة للبس عباءة الزعامة السنية في الشرق الأوسط، هذه العباءة التي لطالما هددت الطرابيش منذ الدولة السعودية الأولى.

آخر الصيف المقبل سيكون ساخن جدا يهدد منطقة واستقرارها عنوانه الرئيسي: التفاهم الروسي – الأميركي في الشرق الأوسط.

جميع ما سبق مبني على معلومات دقيقة جدا جدا جدا ووثائق ستنشر في كتابي المقبل.